صفقة القرن: إعادة رسم الخريطة السياسية للشرق الاوسط
م.م. زينب محمد ياسين عبد القادر/ كلية التربية للعلوم الإنسانية / قسم الجغرافية التطبيقية.  
  “صفقة القرن” تعد مشروعاً أمريكياً ضمن مشاريع الشرق الأوسط الجديد التي تسعى من خلالها إعادة تشكيل ملامح الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفقًا لمصالح معينة، كنوع من الاستراتيجية بدلاً من العمليات العسكرية المباشرة لفاعليتها ولقلة كلفتها، وهي جزء من نظرية الفوضى الخلاقة التي طرحت من قبل وزيرة الخارجية الامريكية (كوندليزا رايس) عام (2005)م ، والتي تقوم على مبدأ الهدم والبناء اعتماداً على أسس طائفية وعرقية للقضاء على مرتكزات البناء الوطني والشعوربالانتماء الوطني لدى شعوب دول الشرق الأوسط وتقودها إسرائيل ؛ بغية إقامة الدولة اليهودية في أوساط الدول العربية .
 ومن منطلق الجغرافيا، يمكن القول ان البعد الجغرافي للصفقة تكمن في محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فترة رئاسته الأولى (2021-2016)، تغيير جغرافية المنطقة عموماً وفلسطين خصوصا وتحويلها من الدولة الفلسطينية الى كيان منزوع السلاح ومحو تاريخها تحت ذريعة طول المدة الزمنية لاحتلال الأراضي الفلسطينية.  
  على السياق ذاته، نقول ان صفقة القرن لاتزال من أكثر الصفقات إثارة للجدل في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، حيث أُعلن عنها من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتبناه المدعو (جاريد كوشنر) خلال مؤتمرعقد في دولة البحرين بتاريخ (25-26/6/2019) والهدف منها: إعادة رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة وتقسيم دول المنطقة إلى دويلات متناحرة، وخلق المزيد من التوترات في المنطقة العربية ، وذلك بضم أراضٍ لدول على حساب أراضي دول أخرى دون مراعاة للحدود السياسية والسيادة للدول العربية التي يشملها المشروع، بما يحقق الأهداف العليا للولايات المتحدة الأمريكية وهي حماية مصالح دول الغرب وإسرائيل، وتتضمن الصفقة العديد من البنود منها: 
  1. إنشاء دولة فلسطينية مع قيود كبيرة على حدودها ومواردها.
2.أن تظل القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية، مع الاعتراف بحق الفلسطينيين في بعض الأحياء.
  1. تعديلات على حدود عام 1967، بما يسمح لإسرائيل بضم مستوطنات في الضفة الغربية.
  2. تضع الصفقة ترتيبات أمنية معقدة، مما يمنح إسرائيل السيطرة العسكرية على المناطق الحدودية.
  3. انشاء صندوق استثمار عالمي لدعم الاقتصاد الفلسطيني بأموال دول الخليج. 
بيد ان؛ تطبيق الصفقة ونجاحها كانا سيضفان الصفة الشرعية للاحتلال وتمنح إسرائيل مزيدًا من السيطرة، الا انها جوبهت بالرفض القاطع من قبل الفلسطينين، كما قوبلت الصفقة بانتقادات من قبل معظم الدول العربية التي أيدت موقف الفلسطينيين في رفضهم القاطع لبنود الصفقة. على الرغم أن بعض الدول مثل البحرين، الإمارات، المملكة العربية السعودية، أبدت استعدادها للتعاون مع الولايات المتحدة في إتمام حيثيات الصفقة. 
وعليه، كانت من نتاج هذه الصفقة تأثيرات جيوسياسية كبيرة على منطقة الشرق الأوسط بسبب التغييرات على الحدود السياسية، فيما لو حققت أهدافها كما رسمت لها، الا انها فشلت في تحقيق أهدافها بسبب الرفض الفلسطيني للاتفاق بشأن الصفقة، كونه محور الصراع على اعتبار انها ستقضي على طموح الدولة الفلسطينية ذات السيادة. 

شارك هذا الموضوع: