عنوان المقالة
((   أثر التحولات في الهيكل العمري للسكان على السياسات التنموية   ))
م.د حيدر محمد الكًريطي
جغرافية السكان والتنمية
تشهد البلدان العربية حاليّاًّ تحوالت ملحوظة في الهيكل العمري للسكان، سيكون لها آثار كبيرة  على  التنمية  في المديين  القريب والبعيد. وقد انخفضت معدالت الخصوبة ووفيات الرضع في جميع البلدان  العربية، ودخل بعضها مرحلة »النافذة الديموغرافية«،  القريب. والنافذة الديموغرافية هي مرحلة تشهد نموا في حين يستعد البعض الأخر  لدخولها في  المستقبل في  فئة السكان في  سن العمل )64-15 سنة(  بوتيرة   أوسع من فئة الأطفال  )أقل من 15 سنة( ومن فئة  كبار السن )65 سنة وأكثر(، نمو يؤدي الى  انخفاض  الهيكل العمري للسكان يتيح للبلدان  ِنَسب الإعالة  وارتفاع أعداد السكان في سن العمل.
وهذا التحول في الهيكل العمري للسكان يتي للبلدان العربية فرصة الإستفادة من العامل الديموغرافي الذي هو عبارة عن زيادة الانتاجية الاقتصادية والإدخار وتنمية رأس المال البشري. غير إن الإستفادة من العائد الديموغرافي ليست تلقائية بل تتطلب من البلدان اعتماد السياسات الاقتصادية والاجتماعية الملائمة ولاسيما لتأمين التعليم العالي الجودة للوافدين الجدد الى سوق العمل واستيعابهم بطريقة منتجة في الاقتصاد الوطني، وبما أن النافذة الديموغرافية لا تفتح إلا لفترة زمنية محدودة من المتوقع أ تستمر الخصوبة في الانخفاض ما سوف يقلص فوج الشباب في عمر الإنتاج بينما تبلغ الشريحة الكبيرة للسكان في سن العمل الى عمر التقاعد، لذلك سوف يرتفع مجدداً نسبة أو معدلات الإعالة. لكث الأكثرية هنا لن تكون من الأطفال بل من كبار السن مما سوف يؤدي إلى مجموعة من التحديات والفرص على صعيد التنمية الإقتصادية والاجتماعية، لذلك على البلدان العربية التي دخلت أو ستدخل قريباً مرحلة العائد الديموغرافي أن تسارع للإستفادة من هذا التحول الكبير في الهيكل العمري للسكان.
وفي ضوء ما تقدم بإستطاعة لدول العربية أن تستعد للتحولات في الهيكل العمري للسكان وتستفيد منها على النحو الأفضل إذا اعتمدت نهج دورة الحياة في تحليل وصنع السياسات ويتناول هذا النهج والتحولات والأحداث في حياة الأفراد والإيجابيات والسلبيات التي تتراكم عبر الزمن ويبحث في المسارات المرافقة لها فعندما تكون المسارات سلبية كإستمرار الفقر والضعيف أو تناقلهما عبر الأجيال يمكن للدولة أن تددخل في محاولة لتصحيح هذا المسار بطريقة إيجابية مستدامة.
 ونظم الحماية الاجتماعية التي ترتكز على نهج دورة الحياة يمكن أن تؤدي دوراً أساسياً في مرحلة تحول الهيكل العمري للسكان.
وتبين التجارب أن العاملين في ظروف هشة في القطاع غير النظامي يقعون في دوامة الفقر مدى الحياة. فالتفادي الفقر في سن متقدمة ينبغي ضمان انتقال الأفراد من التعليم العالي الجودة الى العمل المنتج والائق في وقت مبكر من حياتهم ولتجنب مشاكل الصحة الغذائية في سن متقدمة يجب الحرص على التغذية الصحية من الطفولة فبإعتماد نهج دورة الحياة تتمكن الدول من تصحيح الإتجاهات السلبية في مسارات الحياة في مرحلة مبكرة قبل أن تصل الى مرحلة تصعب تصعب معالجتها.
تشير الاسقاطات السكانية في البلاد العربية لعام 2050 الى أن الهيكل العمري سوف يشهد المزيد من التغيرات فمن المتوقع أن تنخفض نسبة السكان دون ال15 سنة الى 23.2% من مجموع السكان، وأن تنخفض نسبة السكان من الفئة العمرية من 15-24 سنة الى 14.7%من مجموع السكان مما يعني انخفاض فئة السكان دون 25 سنة الى 37.9% من مجموع السكان ومن المتوقع ان ترتفع نسبة السكان في سن العمل (25-64) سنة الى 50.4% من مجموع السكان وان ترتفع نسبة السكان 65 سنة فأكثر الى 11.7% من مجموع السكان ليبلغ عدد كبار السن 70.4 مليون نسمة، وهذا ما يوضح تغير هيكل العمري للسكان على السياسات التنموية.
 

شارك هذا الموضوع: