جامعة كربلاء
كلية التربية للعلوم الانسانية/ قسم التاريخ
صفاء عبد حسن صالح/ دراسات عليا/ ماجستير التاريخ الحديث والمعاصر
 
أثر التدخل البريطاني في ترسيم الحدود بين فلسطين وسوريا ولبنان للفترة( 1919-1920)
واجهت ادارة الانتداب البريطاني على صعيد السياسة الخارجية مشكلة كبيرة كادت ان تتسبب لها بفقدان سيطرتها على اهم المناطق العربية للحكومة البريطانية اذا ما تمكنت من إيجاد الحلول لها وكانت هذه المشكلة تتركز حول ترسيم الحدود بين فلسطين من جهة وسوريا ولبنان اللذان كانا تحت الانتداب الفرنسي من جهة أخرى، فقد عينت اتفاقية سايكس بيكو 1916 الحدود الشمالية والشمالية الشرقية لفلسطين والتي كانت تبدأ شمالا من نقطة تقع على مسافة عشرون ميلا شمال عكا بخط يمتد الى الشرق حتى يصل بحيرة الحولة ، ثم تتجه الحدود جنوباً  فتخترق بحيرة طبرية الى نقطة قرب سمخ ومنها جنوباً حتى تصل اربد والتي ظلت جميع المناطق الواقعة شمال هذا الخط خارج الإدارة البريطانية وتخضع للانتداب الفرنسي حتى بعد ان أصبحت شمال فلسطين تحت الإدارة البريطانية ، وفي 15 ايلول1919  انسحبت القوات البريطانية من  المناطق الساحلية السورية الى فلسطين وحلت محلها قوات فرنسية  ووقع الطرفان الانتدابيان البريطاني والفرنسي اتفاق بينهما لحل المشاكل الحدودية وقد عرف هذا الاتفاق بمسمى ( اتفاق لويد – كليمنصو)  والذي  أصبحت بموجبه جميع الأراضي الواقعة شمالاً من رأس الناقورة الى شمال بحيرة طبرية تحت الإدارة البريطانية أي بمعنى ان جميع أراضي بحيرة طبرية أصبحت ضمن الأراضي الفلسطينية, لذلك نلاحظ اهتمام حكومة الانتداب البريطاني بشكل كبير بالأراضي الواقعة ضمن حدود بحيرة طبرية، وقد نصت المادة 132 من معاهدة الصلح مع الدولة العثمانية التي وضعت في مؤتمر سان ريمو في نيسان 1920على ضرورة ترسيم الحدود الواقعة تحت سيطرة الانتدابين الفرنسي والبريطاني ، وبالفعل دخل على اثرها الطرفان بمفاوضات في مطلع تموز 1920 واتفق الطرفان على ان لا تتخطى حدود فلسطين الشرقية نهر الأردن ثم اتفقوا في تشرين الاول من العام نفسه على ضرورة وضع حدود مؤقته حتى يتم توقيع الاتفاقية بشكلها النهائي، وفعلاً تم ترسيم الحدود مجدداً لتكون من الناقورة غرباً متجهةً باستقامة شرقاً الى القرب من بحيرة الحولة, ثم يتجه الخط الحدودي شمالاً حتى يصل مشارف نهر الحاصباني ثم يصل بانياس وبركة رام ليأخذ بالاتجاه جنوباً فيقسم بحيرة طبرية حتى سمخ جنوب البحيرة وليصبح كلٌ من سهل البطيحة الواقع شمال شرق بحيرة طبرية والنقيب على الساحل الشرقي للبحيرة والسمرا في الجنوب الشرقي ضمن الأراضي السورية, اما مصب نهر الأردن ومنبعه من بحيرة طبرية وكذلك مدينة سمخ فهي ضمن الحدود الفلسطينية، وهذا الاتفاق او كما يمكن ان نسميه هذا التقسيم للأراضي العربية بين الدولة المنتدبة لم يكن راضٍ للوافدين الى فلسطين من اليهود وبما ان الطابع العام على إدارة هربرت صموئيل كان يهودياً بجميع شؤون الحكم فبالتالي لم يكن هذا الاتفاق راضٍ للحكومة البريطانية, اذ اصر اليهود على ان يكون نهر الليطاني وجميع حدود بحيرة طبرية ضمن الحدود الفلسطينية وذلك لاستغلالها في المشاريع المخطط لها من قبلهم منذ زمن بعيد ، وجرت المفاوضات بين فرنسا وبريطانيا وقد انتدبت الأخيرة اللورد هاردنك (Harding of Penshurst)   اما فرنسا فقد انتدبت لهذه المفاوضات جورج لييج G. Leygues) ) ليتم حل مسألة الحدود  بين الانتدابين البريطاني الذي كان يسيطر على فلسطين والعراق والفرنسي الذي خضعت له سوريا ولبنان وقد اجتمع المنتدبان الفرنسي والبريطاني عدة اجتماعات في باريس اسفرت عن توقيع اتفاقية الحدود في 23 كانون الاول 1920 وذلك مقابل عقد الاتفاقية الفرنسية البريطانية بخصوص النفط في سان ريمو، وقد نصت هذه الاتفاقية على ترسيم الحدود بين المناطق التي كانت تحت سيطرة الانتداب البريطاني فلسطين والعراق والمناطق التي كانت خاضعة للانتداب الفرنسي سوريا ولبنان وما يهم بهذا الخصوص هي الحدود الفلسطينية مجال البحث، اذ ابتدأ الخط الحدودي الفلسطيني من سمخ ماراً داخل بحيرة طبرية ثم اول وادي معدية فيسير مع مجرى هذا النهر في وادي جرابا الى نبعه, ليتصل من هذه النقطة بطريق القنيطرة – بانياس بمكان يعرف بالسكيك , ليسير هذا الخط الحدودي مع مناطق النفوذ الفرنسي حتى بانياس ثم يتجه غرباً حتى يصل المطلة التي أصبحت وفقاً لهذه الاتفاقية تحت سيطرة الانتداب البريطاني مع وضع شروط لتسهيل حركة مرور ومواصلات النفوذ الفرنسي الى المناطق الواقعة تحت سيطرته مثل صور وصيدا عبر هذه المنطقة، اما الحدود الغربية لفلسطين فقد وضعت هذه الاتفاقية وادي  الأردن ووادي فرعم وكذلك وادي كركرة ضمن المناطق الفلسطينية تحت السيطرة البريطانية, اما وادي اليلاونة ووادي العيون وايضاً وادي الزرقاء فكانت تحت مناطق النفوذ الفرنسي وهي بالتالي خارج الحدود الفلسطينية, ثم تصل الحدود الى شواطئ البحر المتوسط وبذلك تمكنت الحكومة البريطانية من تعديل الحدود الفلسطينية وفقاً لما يردهُ اليهود  وهذا يدل بشكل قاطع لا يقبل النقاش او الاحتمال الأثر الكبير الذي كان يلعبه اليهود في إدارة الشؤون السياسية للحكومة البريطانية بشكل عام وحكومة هربرت صموئيل في فلسطين بشكل خاص حتى انهم يتحكمون بمعظم القرارات والقوانين التي تصدر من تلك الحكوميتين ويوجهونها وفقاً لمصالحهم وتطلعاتهم بإقامة وطناً قومياً لليهود في فلسطين.
المصادر المعتمدة:
  • كامل محمود خلة, فلسطين والانتداب البريطاني (1922- 1939), مركز الابحاث, بيروت, 1974
  • محمد عيسى صالحية, مدينة القدس: السكان والأرض (العرب واليهود) ( 1858- 1948), مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات, بيروت, 2009
  • تقي الدين النبهاني, انقاذ فلسطين, مطبعة ابن زيدون, دمشق, 1950
  • Pierre Lyautey, Gouraud, Rene Julliard, Paris, 1949



شارك هذا الموضوع: