أيها أهم العقل ام القلب / زينب حسن عبد الحسين
قسم العلوم التربوية والنفسية
 
إن البيولوجيين الاجتماعيين يشيرون إلى تفوق القلب على العقل، في تلك اللحظات الحاسمة، عندما يحاولون تخمين، لماذا أعطى التطور العاطفة مثل هذا الدور الرئيسي في النفس الإنسانية، وهم يقولون إن عواطفنا هي التي ترشدنا في مواجهة المآزق والمهام الجسيمة لدرجة لا ينفع معها تركها للعقل وحده، مثل مواجهة الأخطار، أو خسارة أو فقدان شيء أو شخص عزيز وما يستتبع ذلك من حزن وألم، أو العمل بمثابرة لتحقيق هدف ما على الرغم من الإحباط، أو الارتباط بشخص بالزواج، أو بناء أسرة. إن كل عاطفة من عواطفنا توفر استعدادا متميزا للقيام بفعل ما، وكل منها يرشدنا إلى اتجاه أثبت فعالية للتعامل مع تحديات الحياة المتجددة، ولأن تلك المواقف اللانهائية تكررت مرارا على مدى تاريخنا التطوري، فقد  تجلت القيمة البقائية لذخيرتنا العاطفية في أنها أصبحت منطبعة في أعصابنا كنزعات داخلية وغريزية للقلب الإنساني. 
 
ويرى ( جولمان Goleman)ان مفهوم الذكاء الانفعالي يرتكز بالأساس على الوعي الذاتي للعواطف والانفعالات والذي يتطلب من القشرة المخية الجديدة ان تبقى في حالة نشاط وخاصة في مناطق اللغة , بحيث يمكن تحديد الانفعالات المستشارة وتسميتها . 
 
وأكد بأن الفعل العاطفي أو الانفعالي ليس كياناً معنوياً هائماً في فراغ ولكنه يستند إلى ترکیب تشريحي بوظائف فسيولوجية واضحة ، فهناك ما يسمى بالجهاز أو النظام الطرفي وهو ما يقع في المنطقة الوسطى من المخ إذ تعلوه القشرة المخية، ويتبعه من الأسفل جذع المخ وفي وسط الجهاز الطرفي العيني توجد لوزتان تسمى (الايمجدولا Amtgdola )وقد تبين من الدراسات الفسيولوجية العصبية أن هاتين اللوزتين تستقبلان وترسلان كل الرسائل الوجدانية.
 
كيف تسيطر انفعالاتنا على العقل؟
إليكم هذه القصة التي كانت سطورها المأساوية سلسلة من الأخطاء,
أرادت(( ماتيلدا كرابتري)) الصبية البالغة من العمر أربعة عشر عاما، أن تفاجىء أباها بمقلب مضحك، فاختبأت في دولاب الملابس، ثم خرجت منه وهي تصيح «بووو» في اللحظة التي عاد فيها والداها من سهرة مع بعض الأصدقاء، لكن بوبي كرابتري» وزوجته كانا يعتقدان أن «ماتيلدا» خارج المنزل عند أصحابها، ومن ثم فعندما سمع الأب أصواتا عند دخوله المنزل اتجه إلى المكان الذي يضع فيه مسدسه عيار 357، متجها إلى حجرة ابنته ماتيلدا » ليضبط المتسلل بداخلها، وعندما قفزت «ماتیلدا» من الدولاب تلعب لعبتها مداعبة أباها هذرا ، أطلق كاربتري» النار فأصابها في رقبتها، حيث فارقت الحياة بعد اثنتي عشرة ساعة من الحادث.
 
إن الخوف الذي يحفزنا لحماية أسرتنا من الخطر هو أحد الانفعالات التي ورثناها خلال تطورنا الانفعالي وهو الذي دفع «الأب بوبي» ليشهر سلاحه بحثا عن الشخص الذي تصور أنه تسلل في منزله الخوف هو الذي دفع بوبي» لإطلاق النار، قبل أن يحدد تماما الهدف الذي يطلق عليه النار حتى قبل أن يتعرف على صوت ابنته، فردود الأفعال التلقائية من هذاالنوع قد حفرت في جهازنا العصبي، كما يتصور البيولوجيون التطوريون لأنها كانت الخط الفاصل بين الحياة والموت على مدى فقرات طويلة حاسمة فيما قبل التاريخ الإنساني، والأمر الأكثر أهمية من ذلك أنها كانت أساسية بالنسبة للهدف الرئيسي للتطور، ألا وهو القدرة على إنجاب ذرية من شأنها أن تواصل التصرف وفقا لهذه الميول الوراثية التي كانت المفارقات القدر، السبب في مأساة أسرة كرابتري.

شارك هذا الموضوع: