إحكام مانع للتقمُّص…
لدى تتبّعي لأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) في ما يخصّ عقيدة الإمام المهدي (عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف) لحظتُ أنهم قد أحكموا هذا الموضوع أدقّ إحكامٍ، فقد اتّبعوا في أحاديثهم طرقًا خاصّة للحفاظ على شخصية الإمام المهدي من أن يتقمّصها متقمّصٍ، فيتعدّد المهديّون ويضيع الشخص الحقيقي الموعود بين عشرات المدّعين للمهدوية، ومن تلك الطرق التي اتّبعوها هو استعمالهم للرقم التسلسلي للإمام المهدي الذي يحتله في سلسلة الأئمة الاثني عشر، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكرر على مسامع المسلمين أنه يخرج من صُلب الحسين تسعة أئمة وتاسعهم قائمهم، وذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) أن المهدي هو الحادي عشر من ولده، وذكر الإمام الحسن (عليه السلام) أنه التاسع من ولد أخيه الحسين، وذكر الإمام الحسين (عليه السلام) كثيرًا أن المهدي التاسع من ولده، وذكر الإمام زين العابدين(عليه السلام) أن المهدي السابع من ولد ابنه محمد الباقر، وذكر الإمام الباقر(عليه السلام) أن المهدي السابع من ولده، وحدّثَ الإمام الصادق(عليه السلام) بأنه إذا توالت ثلاثة أسماء محمد وعلي والحسن كان رابعهم قائمهم، ورمزَ الإمام الكاظم للتسلسل بقوله: “إذا فُقِدَ الخامس من ولد السابع”، وذكر الإمام الرضا(عليه السلام) بأن المهدي الرابع من ولده، وذكر الإمام الجواد(عليه السلام) بأنه الثالث من ولده، وقال الإمام الهادي(عليه السلام) ما يشير إلى ذلك التسلسل: “الخَلَف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخَلَف من بعد الخَلَف؟” وكان الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) يُخرِج ابنه المهدي للمخلصين من أصحابه ويريهم إيّاه ويُعلِمهم بإمامته من بعده.
وبهذا يكون الأئمة قد أطّروا هُويّة الإمام المهدي بإطار خاص ومُحكَم لا يمكن لعاقل أن يلجَ في غيره ليتّبعَ مهديًا آخَر.