( إضاءاتٌ لُغَوِيَّةٌ ) 
– الكُنّاشَةُ الأولَى –
                                       أ.د. محمّد حسين علي زعيِّن
                                            جامعة كربلاء – كليّة التّربية للعلومِ الإنسانيّة 
                                          قسم اللغة العربيّة 
هذهِ مجموعةٌ من الإضاءاتِ اللغويّةِ تَسْعَى إلى تقويمِ اللسانِ العربيّ ، ورفدِ المُثقّفين والكُتّابِ والصّحفيّينَ والإعلاميّين والباحثينَ بمفرداتٍ وتراكيبَ عربيَّةٍ فصيحةٍ ؛ ليكونَ المَعْنيُّ باللغةِ العربيَّةِ بمنأى عن الزَّللِ اللغويّ .
الإضاءةُ الأولى : فوائدُ مَجْمَعيَّة
( إشكاليَّة )
      ترى لجنةُ الألفاظِ والأساليبِ في مَجْمَعِ اللغةِ العربيَّةِ في القاهرةِ إجازةَ لفظ ( إشكاليَّة ) بمعنى : المعضلة الفِكريَّة التي تحتاجُ إلى درسٍ عميقٍ وتأمُّلٍ طويل ؛ لحلِّها والخروج منها .
– صَدَرَ هذا القرارُ بالجلسةِ الثّانيةِ من جلسات مؤتمر مَجْمَع اللغة العربيَّة بالقاهرة في دورتهِ الخامسة والسّبعين ، الثلاثاء 7 من إبريل سنة 2009م ، وبالجلسةِ الرابعة والعشرين من جلساتِ مجلس المَجْمَع ، الأربعاء 18 من مارس 2009م .
تقدَّمَ الدّكتور محمد داود الخبير باللجنة ببحثٍ إلى اللجنةِ لإجازةِ استعمال لفظ ( إشكاليَّة ) بمعنى : المُعْضِلة ، واللفظة مصدرٌ صناعيٌّ مشتقٌّ من كلمة ( إشكال ) ، والعلاقة واضحةٌ ووثيقةٌ بينَ اللفظةِ والأصلِ الذي اشتُقت منه فأجازتها اللجنةُ ، ثُمَّ أقَرَّها المجلسُ والمؤتمر . 
وفيما يلي بحث الدكتور محمد داود في الموضوع :
شاعَ في مُحْدَثِ الكلام استعمالُ لفظ ( إشكاليَّة ) ؛ بمعنى : المعضلة الفِكريّة التي تحتاجُ إلى درسٍ عميقٍ وتأمُّلٍ طويلٍ ؛ لِحَلِّها والخروج منها ؛ كما في قولهم : ( إشكاليَّة تطوير التّعليم في مصر تتّصلُ بكلِّ مناحي الحياة )، وقد وردَت كلمة ( إشكال ) في المعجمِ الوسيط ، بمعنى : الأمر الذي يوجبُ التباسًا في الفهمِ ( المعجم الوسيط ش ك ل )، وهذا المعنى قريبٌ من الدّلالةِ المُحْدَثةِ للفظ ( إشكاليَّة )؛ فهيَ قضيَّةٌ فِكريَّةٌ تحتاجُ إلى نَظَرٍ مُتَعَمِّقٍ ؛ لأنَّها ملتبسة متناقضة تتصارعُ فيها العقولُ ، وتختلفُ الآراءُ ؛ فَتُشْكِل على النّاسِ،أي : تُلْبِسُ وتصيرُ مُبْهَمةً غامضة .
وصياغةُ الكلمة على طريقةِ المصدر الصّناعيّ المنسوب ، نحو:(حُرِّيَّة – ثورِيَّة – تَقَدُّميَّة – رَجْعِيَّة …) أَمرٌ سائغٌ في العربيَّة ، والكلمة – هكذا – صحيحةٌ مبنًى ومعنًى .
الإضاءةُ الثّانية : تَصويباتٌ لُغَوِيَّةٌ 
يقولُ بعضُ الباحثينَ : ( المَنَاخ ) بفتحِ الميمِ ، والصّوابُ ضَمُّها ، وهيَ في الأصلِ اسمُ مكانٍ من أَنَاخَ ، ولذا فقد أُطلِقَت على مَبْرَكِ الإبلِ ، وعلى محلِ الإقامةِ ، وأُطلِقَت حديثًا على حالةِ الطّقسِ ، كما تُستَخدمُ مجازًا في مثلِ قولِهم : المُناخ السّياسيّ والأدبيّ وهكذا ، وهوَ استخدامٌ أَقَرَّهُ مَجْمَعُ اللغةِ العربيَّةِ في القاهرةِ ، وفي كُلِّ الحالاتِ يكونُ نطقُها بضمِّ الميمِ لا بفتحها .
الإضاءةُ الثّالثة : الفروقُ اللغويَّة 
نَفِدَ : النَّفادُ معناه الفناء والانتهاء ، قالَ تعالى : (( قُلْ لو كانَ البَحْرُ مِدادًا لِكلماتِ رِبّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كلماتُ رَبّي )) .
نَفَذَ : النَّفاذُ معناه الوصول والاختراق ، قالَ تعالى : (( إن استطعتُم أنْ تَنْفُذُوا من أَقطارِ السّمواتِ والأرضِ فانْفُذُوا )) 
الإضاءةُ الرّابعة :  تيسيراتٌ لُغَويَّةٌ 
( مَحْبَرَة ) و ( مِحْبَرَة ) 
خَطّأَ الفيروزآباديُّ الجوهريَّ في تسميةِ هذا الأخير الوعاء الّذي نضعُ فيهِ الحبرَ ( المِحْبَرَة ) بكسرِ الميم ، بحجّةِ أَنَّ الصّوابَ ( المَحْبَرَة ) بفتحِ الميم ، ولكن : كلا اللفظين صحيحٌ فصيحٌ ، فـ ( المِحْبَرَة ) بكسرِ الميم اسمُ آلةٍ من ( حَبَرَ ) ، و ( المَحْبَرَة ) بفتحِ الميم اسمُ مكانٍ من الفعلِ نفسهِ ، ومنَ المعجماتِ الّتي أثبتت هذهِ الكلمةَ بكسرِ الميم : مختار الصّحاح ، أَقرب الموارد ، ومنَ المعجماتِ الّتي أثبتت اللفظين : المصباح المنير ، تاج العروس ، محيط المحيط ، متن اللغة ، المعجم الوسيط .
الإضاءة الخامسة : فوائدُ إملائيَّة 
رسم الألف اليابسة ( الهَمزة )
تقعُ الهَمزَةُ في أوّلِ الكلمةِ ، وفي وسطِها ، وفي آخرِها ، على النّحوِ الآتي : 
أوّلًا : رسم الهمزة الواقعة في أوّلِ الكلمةِ : 
الهمزةُ الواقعةُ في أوّلِ الكلمةِ على نوعين : همزة وصل ، وهمزة قطع .
أ – همزة الوَصْلِ : تُرْسَمُ همزةُ الوَصْلِ في أوّلِ الكلمةِ ألِفًا لينةً مطلقةً ممدودةً ( ا ) بلا ( ء ) فوقها ولا تحتها ، وسُمِّيت وصلًا ؛ لأنَّه يُتوَصَّلُ بها إلى النّطقِ بالسّاكنِ ، ولذا تُنطَق في ابتداءِ الكلامِ ، وتُهمَلُ في دَرْجِهِ ، وتكونُ في الفعلِ ، نحو : انطلقَ ، استخرجَ ، وتكونُ في الأسماءِ العشرةِ : ابن ، ابنة ، امرؤ ، امرأة ، اثنين ، اثنتين ، اسم ، است ( بمعنى أساس )، ابنم ( بمعنى ابن ) ، ايمُن ( للقَسَمِ )، وفي المصادر ، نحو : انطلاق ، استخراج ، وفي الحروف في لام التّعريف ، نحو : الغلام ، الخليل ، وتفصيل هذه المواضع في اللغة العربيّة على النّحو الآتي :
  1. ماضي الفعل الخماسيّ والسُّداسيّ : أمّا الخماسيّ فنحو : احْتَرَمَ ،، اصْطَفَّ … وأمَّا السُّداسيّ فنحو : احْدَوْدَبَ ، اسْتَنْجَدَ … 
  2. أمر الفعل الثُّلاثيّ ، والخماسيّ ، والسُّداسيّ : أمَّا الثُّلاثيّ فنحو : ادْرُسْ ، اعْمَلْ … ، وأمَّا الخماسيّ فنحو : احْتَرِمْ ، اكْتَسِبْ … ، وأمَّا السُّداسيّ فنحو : اسْتَدْرِجْ ، اسْتَنْجِدْ … 
  3. مصادر الأفعال الخماسيّة والسُّداسيَّة : أمَّا الخماسيّة فنحو : احْتِرام ، انْطِلاق … وأمَّا السُّداسيَّة فنحو : اسْتِدراج ، اسْتِنْجاد … 
  4. همزة حرف التَّعريف ( أل ) ، ومذهب الخليل أنَّها همزة قطعٍ وُصِلَتْ لكثرةِ الاستعمالِ ، وهي التي تتّصلُ بالأسماءِ ، المُعرَبة منها ، نحو : الرّجل ، النّاس ، الفاضل … ، والمبنيّة ، نحو : الَّذي ، الَّذينَ ، اللائي … 
  5. الأسماء العشرة : اسْم ، اسْت ، ايْمُن ، ابْنُم ، ابْن ، ابْنَة ، اثْنان ، اثْنتان ، امْرؤ ، امْرأة .
المراجع : 
  1. دليلُكَ إلى الصّوابِ اللغويّ : لجنة اللغة العربيّة والإعلام في مَجْمَعِ اللغة العربيَّة بالقاهرة ، مطابع دار الجمهوريّة للصّحافة ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 2011م .
  2. الرّسم الكتابيّ والإملاء الخطّي أو قواعد الإملاء : الأستاذ الدكتور عبد الرّحمن مطلك الجبوريّ ، مطبعة النّرجس ، بغداد ، الطبعة الأولى ، 2015م .
  3. قُلْ فهذا صواب ( قاموس في التّصويبِ اللغويّ ) : الدكتور إميل بديع يعقوب ، المؤسّسة الحديثة للكتاب ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 2012م .
  4. كتاب الألفاظ والأساليب : إصدارات مَجْمَع اللغة العربيّة بالقاهرة ، مطابع دار أخبار اليوم ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 2010م .

شارك هذا الموضوع: