هو « أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن محمد بن خلف بن حيان بن صدفة بن زياد الضبيّ »([1]) ؛ وينتسب الشاعر إلى قبيلة ضَبة – وهي القبيلة نفسها التي ينتمي اليها الصنوبري – , أما مولده ونشأته ووفاته فكانت في تنيس([2]) , وعرف الشاعر بابن وكيع نسبة إلى جده وكيع ( ت 306 ه ) , ومعناه الشديد والمتين([3]) , وكان وكيع « فاضلاً نبيلاً فصيحاً من أهل القرآن , والفقه والنحو , والسير , وأيام الناس وأخبارهم , وله مصنفات كثيرة منها , كتاب الطريق , وكتاب الشريف , وكتاب عدد أي القرآن والاختلاف فيه , وكتاب الرمى والنصال , وكتاب المكاييل والموازين , وله شعر كشعر العلماء … وقد تولى قضاء الأهواز نائباً عن عبدان الجواليقي »([4]) .
وذكر ابن النديم وكيعاً , وقال عنه إنه كان كاتباً لابي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي , وأضاف له كتباً أخرى([5]) , ويبدو ان حفيده لم يسِر على خُطى جده ؛ إذ أحب الخمرة والمجون , وقد ابدع في فن الشعر فهو « شاعر بارع , وعالم جامع , قد برع في إبانه , على أهل زمانه فلم يتقدمه أحد في اوانه , وله كل بديعة تسحر الأوهام , وتستبعد الافهام »([6]) , وقيل ان في لسانه عجمة ويقال له (العاطس ) , وله ديوان شعر جيد([7]) . تميز ابن وكيع بحبه للطبيعة , وشغفه بها حتى جاء جلُّ ديوانه فيوصفها , ووصف الخمرة وألوانها ومجالسها . وكانت فيه ظرافة , وخفة روح , وكان يكثر من المزاح في شعره حتى قيل « وقد أكثر أهل الأدب في المزاح من النظم , واختلق ابن وكيع أكثر ذلك »([8]) , وله كتاب المنصف([9]) , وهو كتاب نقدي أبان فيه عن سرقات المتنبي, وقد اثار هذا الكتاب دوياً عالياً في سماء النقد في حينه ، ومن يقرأه يجد فيه تحاملاً على شعر المتنبي , وابن وكيع لم يكن منصفاً في احكامه فيه , وقد ذمه ابن رشيق فقال « اما ابن وكيع فقد قدم في صدر كتابه على أبي الطيب لا يصح لأحد معها الا الصدر الأول ان سلم ذلك لهم , وسماه كتاب المنصف مثلما سمي اللديغ سليماً , وما ابعد الإنصاف منه »([10]) , وقد ألف ابن جني ( ت 392 هـ ) كتاباً في الرد على ابن وكيع في هذا الكتاب سماه ( النقض على ابن وكيع في شعر المتنبي وتخطئته )([11]) ، ويعد هذا الكتاب من الكتب النقدية المهمة التي تناولت موضوع السرقات الشعرية التي طالما شغلت الشعراء والنقاد , ومن الآراء النقدية التي دارت حول هذا الكتاب نلحظ تأثيره على معاصري الشاعر , وهو يدل على أهمية هذا الكتاب من جهة , وأهمية مؤلفه من جهة أخرى , مثلما يدل على مواكبة الشاعر للحركة الأدبية التي تعاصره , فالمتنبي قد ملأ الدنيا وشغل الناس على حد تعبير ابن رشيق([12]) .
وفي جمادى الاولى من عام ( 393 هـ ) توفي الشاعر إثر إصابته بالفالج ودفن في المقبرة الكبرى في القبة التي بُنيت له بها([13]) .
هوامش :
([1]) الاعلام : 2 / 217 -218 .
([2]) ينظر : وفيات الاعيان : 1 / 243 .
([3]) ينظر : لسان العرب : مادة ( وكع ) / 8 / 408 .
([4]) وفيات الأعيان : 1 /244 .
([5]) ينظر : الفهرست : 182 .
([6]) يتيمة الدهر : 1 / 317 .
([7]) اذ جمع الدكتور حسين نصار ما بقى من شعره وجمعه في ديوان اطلق عليه اسم ( ابن وكيع التنيسي شاعر الزهر والخمر ) , ثم عثر الاستاذ هلال ناجي على مخطوطة ( عذر الخليع بشعر ابن وكيع ) عند احد المغاربة , فأضافها الى ماموجود من أشعاره في ديوان سماه ( ديوان الحسن بن علي الضبي الشهير بابن وكيع التنسي )
([8]) نزهة المجالس وانس المجالس : 1/ 126 .
([9]) اسم الكتاب ( المنصف للسارق والمسروق منه ) / حققه عمر خليفة بن ادريس , جامعة تاريونس .
([10]) العمدة في محاسن الشعر وادابه ونقده : 1 / 207 .
([11]) ينظر : الوافي بالوفيات : 6 / 337 .
([12]) ينظر : العمدة في محاسن الشعر وادابه ونقده : 1 / 30 .