اخطار التطرف الفكري*
م. م منى يوسف ناصر
قسم التأريخ
يعد التطرف نوع من أنواع الوباء الذي تعاني منه البشرية في الماضي، والحاضر على السواء وذلك لما يتبعه من كراهية، وتعصب والتي تعد من اهم الأسباب التي تؤدي الى ايقاد الحروب، واثارة الكثير من المنازعات، والعداوات والتي تورثها الى الأجيال اللاحقة، فأفكار العناصر المتطرفة، والمتشددة تشكل احد المخاطر الرئيسية على المراهقين والشباب ومن تلك الأفكار والآراء ما تركه ابن تيمية من كتب وفتاوي حيث أصبحت هذه بمثابة المراجع العقائدية و الفكرية الأهم للشباب لقيادة الحركات المتطرفة وكذلك أفكار سيد قطب والمفكر الباكستاني المودودي والتي تبنت افكارها حركة الاخوان المسلمين في مصر، وهذا احد الأمثلة للفكر المتطرف واثره.
ان انتشار مذاهب التطرف في عصرنا قد أدى بالنتيجة الى الانحراف في فهم الكثير من القضايا ومنها قضايا التوحيد والمفهوم الذي طرحه الأنبياء والمرسلين لفهم جوهر العبادة دون الانجراف وراء التشدد والتطرف حيث تسبب انتشار الكتب والمقالات والاشرطة للمتطرفين الى حالة من حالات الغزو الفكري الخاطئ وخصوصاً في عقول الشباب والمراهقين، كما ان للتطرف اثار خطيرة ووخيمة على صعيد الفرد والمجتمع ومنها محاولة تشويه التشريع الإسلامي والذي يدعو الى الاعتدال والوسطية، فيؤدي التطرف الى الغلو والذي بدوره يتسبب بتشويه صورة الدين الإسلامي ومبادئه الانسانية، ويؤدي بالتالي الى رفض الناس للدين الإسلامي.
كما ان من مخاطر التطرف هو الأفكار والرؤى الشخصية التي يتبناها المتطرفون، ثم الاحكام الفردية التي يتبناها من قبيل الحكم على المجتمع بالارتداد والكفر وعودته الى عصور الجاهلية، والتي تبدأ بمرحلة من العزلة للمجتمع ومقاطعة افراده، والذي يتطور عند الكثير من المتطرفين الى اتخاذ مواقف عدائية فيرى فيها بأن هدم مجتمعه ومؤسساته هو بمثابة تقرب الى الله والجهاد في سبيله.
ومن الأمور الأخرى التي تعد من مخاطر التطرف هو محاولة المغالين والمتطرفين اكمال عزل الافراد عن مجتمعهم لغرض تثبيت أفكارهم المسمومة، هو اشاعتهم وقولهم ومبالغتهم في تحريم الوظائف الحكومية وذلك على اعتبار ان الحكومات ظالمة وان المجتمع المعاصر هو مجتمع جاهلي، وبرأيي ان إشاعة هذه الأفكار بين الشباب والمراهقين الغرض منها هو لأجل ترسيخ فكرة عدم جدوى التعليم الحكومي وبالتالي يؤدي ذلك الى اهمال الطلبة لدراستهم او تركها وبالتالي يكونون فرصة سهلة للسيطرة عليهم وجعلهم ينتمون الى هذه المؤسسات المتطرفة، ولذلك فأن إشاعة مثل هذه الأفكار بين الطلبة هي مقصودة لجعلهم يتركون مقاعد الدراسة ويلجئون الى هذه المنظمات المتطرفة والتي تستغلهم في اعمالها المشبوهة حيث يكونون عنصراً مهماً في تنفيذ عملياتهم المتطرفة مستغلين حماس وحيوية هذه الأجيال اليافعة.
ان الارهابيون والمتطرفون لا يولدون هكذا وانما يصنعون صناعة عن طريق استقطاب الافراد والجماعات واقناعهم بالأفكار والاعمال المتطرفة والعنيفة، وتعد اغلب الشبكات المتطرفة والارهابية تنتهج هذا المسلك في استقطاب اتباعها.
فمن مخاطر الإرهاب التي يجب الحذر منها هو توسع نطاقه وامتداد رقعته فقد يولد التطرف محلياً يقتصر على البلد الذي نما فيه وقد يتطور ويمتد ليكون تطرفاً دولياً يسعى افراده الى نشر أفكارهم المتطرفة بين الدول عبر شبكات الاعلام، ووسائل التواصل، ويعتبر هذا التطرف الدولي هو الأخطر لأنه لا يقتصر في بث أفكاره وسمومه المتطرفة على مجتمع محدود وانما يهدف الى توسيع نطاق التطرف وامتداده ليشمل مجتمعات كثيرة وهذا يؤدي الى عواقب ومخاطر كبرى لذا يتوجب التكاتف للقضاء على التطرف والتعصب والإرهاب وإشاعة مبدأ الوسطية والاعتدال لضمان حياة سليمة هادئة ومستقرة للأفراد.
ان من اهم مخاطر التطرف هو الضرر الجسدي او النفسي او المالي بالفرد او المجتمع كنحو الاعتداء على النفس او على المؤسسات والمنشئات العمرانية او الصحية او الاجتماعية وغيرها او ترويع المواطنين وتهديدهم او تدمير الطبيعة وتخريب البيئة، وكذلك حالات خطف الطائرات وعمليات القتل والجرائم وغيرها من المخاطر.
* ملاحظة: هذا المقال هو جزء من بحث أكاديمي منشور في مجلة القادسية للعلوم الانسانية المجلد (25) العدد (4) السنة (2022).