اسباب ضهور النهضة في ايطاليا قبل غيرها من الدول الاوربية
ان الحدث التاريخي على اختلاف وتباين اهميته وتاثيره لا ياتي فجاه  بل تتضافر عوامل متعدده لتنسج ذلك الحدث فقد يكون بعضها سببا مباشرا او كما يقال “القشه التي قسمت ظهر البعير” ومنها غير مباشر يرجع الى فترات زمنيه سبقت الحدث بيوم او اسبوع او شهر او عام او عشرات الاعوام لتتراكم الاحداث لتصبح سببا في وقوع الحدث الاساس وهذا يعني اننا عندما نقول وقوع حدث معين فهو نتيجه لحدث او احداث سابقه وبعد مده من الزمن يصبح الحدث الاساس نفسه سببا لوقوع حدث جديد.
 عندما نذكر ظهور النهضه في ايطاليا عام 1492 او 1500 فهذا لا يعني ان هذا التاريخ يمثل بدايات النخبه في ايطاليا فقد سبقته علامات نهضويه عديده شهدتها الدول الاوروبيه الاخرى مثل انجلترا لكن محور مقالنا يتناول لماذا عرفت النهضه في ايطاليا بشكلها الواضح ومن ثم  انتشرت  الى بقيه الدول الاوروبيه والعالم اجمل.
 لابد ان ايطاليا تتمتع بمزايا متعدده ومتنوعه اسهمت في ريادتها على الدول الاوروبيه في مجال النهضه التي عرفت باسم النهضه الفنيه ومن ثم توسع محتوى الاصطلاح ليشمل النهضه في جميع  المجالات السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والفكريه والثقافيه،وهذا يفسر  لنا ظهور المدارس الفنيه في ايطاليا فعلى سبيل المثال عن عائله ميديتشي حولت قصرها الى اكاديميه فنيه جمعت فيها افضل الاساتذه والفنانين الرسامين والنحاتين لتدريس الفنون المختلفه وهذا ما سارت عليه بقيه العائلات الايطاليه الميسوره التي تسابقت فيما بينها في ابراز الجانب الفني النهضوي في مقاطعاتهم او مدنهم ما عكس ذلك على انتشار المدارس الفنيه في ايطاليا على خلاف بقيه المدن الاوروبيه، وهذا العامل ارتبط بمدى امكانيه تلك العوائل الايطاليه فمن المعروف ان التجار الايطاليين هم الطرف الثاني بعد العرب المسلمين الذين احتكروا التجاره بين الشرق والغرب لسنوات طويله مما انعكس على جمع ثروات كبيره لدى تلك العوائل الايطاليه.
        ما يلفت النظر ان ايطاليا بين  القرنين الرابع عشر والخامس عشر تمتعت باستقرار سياسي فوجد بها حكام الولايات او دوقات وغير ذلك من انظمه الحكم التي تمتعت كل واحده منها باستقرار سياسي ونظام مدني سمح لها بالاهتمام بالجانب الثقافي والفني على  خلاف الدول الاوروبيه التي كانت غائبه في الجهل والتخلف والقتال فيما بين شعوبها ومجموعاتها. فضلا عن ذلك تمتعت ايطاليا بوجود شواخص ظاهره من التماثيل والاثار الرومانيه القديمه التي حاكت عقول الايطاليين بالتفكير بماضيه وكيفيه احيائه من جديد فبدأ الانسان الايطالي يفكر وكسر الجمود الذي فرضته الكنيسه في مجال التعليم الكنسي المتخلف الذي على سبيل المثال رفض ان يفكر الانسان بذاته   ومفاتن جسمه مؤكده على ضروره الزهد والتقشف ونكران  الذات، فضلا عن التسليم بما جاء في التعليم الكنسي من حقائق وان كانت خرافات فعلى سبيل المثال باعتقاد تعليم الكنسي بوجود الوحوش في وسط المحيطات والبحار وهي من تغرق السفن الماره فيه وتاكيدها على عدم كرويه الارض، فضلا عن ذلك ترك الرومان ارث من الكتب الموجوده في ايطاليا كان الانسان الايطالي اكثر حظا للاطلاع عليها من غيره من سكان الدول الاوروبيه ،ومن جانب اخر ادى صقوط الاندلس عام 1492 الذي اسهم في انتقال كثير من الكتب التي الفها العرب او التي ترجمها العرب من اليونانيه والرومانيه الى ايطاليا فكانت رافدا اخر اعان الايطاليين في معرفه علوم الاغريق واليونان ليطبقوها من جديد في ايطاليا، فادى كل ذلك الى بروز الادباء والرسامين والنحاتين فكان دانتي صاحب كتاب الكوميديا الالهيه وليوناردو دافنشي الرسام وصاحب الموناليزا او الرسام مايكل انجيلا وغيرهم كثير شهدتهم المدن الايطاليه
 من جانب اخر ادى سقوط القسطنطينيه عام 1453 الى اضطرار الكثير من العلماء والمدرسين الى الهجره الى ايطاليا بل ان العوائل الايطاليه الميسوره المهتمه بالعلوم والفنون تسابقت في ايواء هؤلاء في مدارسهم لكونهم يمتلكون ارثا علميا وافرا سواء كان محفوظا في ذاكرتهم لما يملكون من علوم ام ما لديهم من مخطوطات قيمه عن الفتره الرومانيه والاغريقيه فاسهموا هؤلاء في تنوير العقل الايطالي نحو النهضه والتفكير فضلا عن امتلاك ادوات قديمه تستعمل في الفنون المختلفه وما حملوه معهم من كتب اغريقيه وتماثيل ولم يكن  للكنيسه والاقطاع  وهما اشد اعداء او معوقات النهضه لتمتع المدن الايطاليه بالحريه السياسيه والفكريه حررهم من التاثر بالتعاليم او تاثيرات الكنيسه على خلاف بقيه الدول الاوروبيه فقد كان تاثيرهما واضحا ومؤثرا  فيها فعلى سبيل المثال كانت الكنيسه تمتلك خمس اراضي فرنسا.
        ان مثل هذا العمل يتطلب كما ذكرنا امتلاك الايطاليين الى ثروات ماليه كبيره لتمكنه من اخذ الرياده في مجال النهضه وكان موقعها الجغرافي المطل على البحر المتوسط وامتلاكها الاساطير البحريه مكنتها من الهيمنه على التجاره وبالوقت نفسه مكنتها من الاتصال مع العرب فاكتسبت الكثير من علومهم وافكارهم التي اسهمت في تمييزهم عن المدن الاوروبيه الاخرى التي تعيش حاله التدهور والانحطاط

شارك هذا الموضوع: