استراتيجيات التعلم النشط
شهدت السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في كل ميادين الحياة وطفرة هائلة. فى العلم والتكنولوجيا، وتضاعف المعرفة البشرية بسرعة كبيرة وحدوث الفجوة بين الجانب العلمي والجانب الثقافي الاجتماعي، مما زاد العبء على عائق القائمين على العملية التعليمية في ضرورة البحث عن طرق وأساليب واستراتيجيات جديدة تواكب هذا التطور الحاصل، فلا بد أن يحاول المدرسون والابتعاد عن الأساليب التقليدية في التدريس، وتوجيه اهتمامهم على الأساليب والاستراتيجيات التي تشجع الطلبة على التفكير السليم، وتعتمد على الدور الإيجابي للمتعلمين ونشاطهم في الربط والاستنتاج والوصول إلى أحكام وتطبيق ما تعلموه في حياتهم، وتراعي مستوى نموهم وحاجاتهم وميولهم وخبراتهم السابقة (محمد، ۲۰۱۰: ۱۳).
وحتى يحقق التعلم النشط الأهداف التربوية والتعليمية الكثيرة المرغوب فيها، فإنه لا بد من استخدام مجموعة من الأساليب والاستراتيجيات التي يتعاون فيها المدرسون مع الطلبة بشكل مستمر، ونظراً لأنه لا توجد إستراتيجية واحدة يمكن من طريقها تحقيق جميع الأهداف المنشودة، وعليه لابد من التنويع في هذه الاستراتيجيات کی تتناسب مع طبيعة الفروق الفردية من ناحية، وطبيعة الموضوع المطروح أو القضية التي ينبغي مناقشتها أو المشكلة التي يستعد الطلبة والمدرس للتصدي لها من أجل حلها من ناحية أخرى، فتوع الاستراتيجيات يؤثر تأثيراً إيجابياً في انتباههم واندماجهم، ويجعل المتعلمين أكثر تلقياً وقابلية للتعلم.
ويتطلب نجاح تطبيق استراتيجيات التعلم النشط مجموعة من الشروط يمكن إيجازها بالآتي:
  1. تحديد ما يمكن أن يتعلمه المتعلم بالاكتشاف والتقصي الذاتي، وما يتعلمه بالاشتراك والتعاون مع الآخرين.
  2.  اختيار طريقة تدريس ملائمة للأنشطة ومستوى المتعلمين.
  3. تصميم أنشطة تلائم معطيات بيئة التعلم ومحتواه ونواتجه واهتمامات المتعلمين.
  4.  تصميم أساليب تقويم ملائمة تمنح المتعلمين فرصة لتقويم أنفسهم وأداء بعضهم البعض الآخر.
وهناك كثير من استراتيجيات التعلم النشط نذكر منها ثلاث على سبيل المثال لا الحصر.
1- أوجد الخطأ. 2- المراسل المتنقل. 3-التدريس التبادلي. 
أولا: إستراتيجية أوجد الخطأ
وهو إشراك المتعلمين في عملية التعلم وجعلهم محور العملية التعليمية، من خلال توزيع فقرات الدرس على أعضاء المجموعات التعاونية، ليتكلف كل منهم بدراسة الفقرة أو الجزء المطلوب من المحتوى التعلم، واستخلاص ما فيه من أفكار وحقائق ومفاهيم ومبادئ بقصد عرضها على أفراد مجموعته، فهو يقدم خلاصة المحتوى الذي كان من نصيبه على زملائه، ولغرض التأكد من أنهم تمكنوا من فهم المحتوى، يضمن ما يعرضه على أفراد مجموعته خطأ لمخالفته المضامين التي تضمنها الجزء أو الفقرة من محتوى التعلم، كان يقدم تعريفاً غير صحيح لأحد المفاهيم أو يورد أمراً لم يرد في المحتوى ولا ينتمي إليه، ويطلب من زملائه البحث والعثور على هذا الخطأ فأن عثروا عليه أثنى على من عثر عليه، وأن لم يعثروا عليه بعد التدارس والمناقشة يدلهم عليه ويشرح لهم ماهية الخطأ، فمهمة الطالب هنا شبيهة بمهمة المدرس إذ يقوم المدرس بتوزيع الدارسين بين مجموعات ويفضل أن تكون رباعية الأعداد، ويقسم محتوى الدرس بين الدارسين بالتساوي، ويطلب من كل طالب في المجموعة دراسة جزء من أجزاء الدرس أو فقرة من فقراته التي تم تحديدها ، واستخلاص ما فيها من أفكار ومعلومات وحقائق وعرضها على زملائه في المجموعة وشرحها لهم، إذ يصلون إلى مستوى من الفهم والإدراك، وبهذه الطريقة تتوزع مهمة دراسة الموضوع ومهمة شرحها بين أعضاء المجموعة ويعلم بعضهم البعض الآخر، ويتعلم بعضهم من البعض الآخر ولكن تحت إشراف المدرس وتوجيهه ورصده لأية حالة غير صحيحة (عطيه، ٢٠١٨: ٢٤٣-٢٤٤).
خطوات إستراتيجية أوجد الخطأ
1- مرحلة التهيئة والإعداد، إذ تتضمن هذه المرحلة ما يأتي:
– يوزع المدرس الطلبة بين مجموعات رباعية الأعداد.
– يقسم محتوى التعلم على فقرات وأجزاء بحيث يمكن أن يكلف كل طالب في المجموعة بدراسة جزء وشرحه لزملائه في المجموعة.
– ينظم مقاعد الطلبة لتلبية متطلبات تشكيل المجموعات والعمل التعاوني.
– يشرح قواعد العمل من قبل المدرس، إذ يتولى كل فرد من أفراد المجموعة دراسة الجزء الذي سيكون من نصيبه واستخلاص المفاهيم والأفكار الواردة في الفقرة، وطرحها على زملائه بعد أن يضمنها خطاً مقصوداً، ويطلب من زملائه العثور على الخطأ، فإن اكتشفوه فهذا يعني تمكنهم من الفقرة أو الجزء، وبلوغهم مستوى يمكنهم التمييز بين ما هو صحيح وغير صحيح من المفاهيم والمبادئ ويثني على من يكتشف، وأن لم يكتشفوا الخطأ فهذا يعني وجود خلل في فهم الأمر والذي يتطلب المناقشة وتبيان وجه الخطأ، وهكذا مع كل طالب داخل المجموعة إذ يتم تناول جميع الفقرات التي تم توزيعها بين المتعلمين.
2- مرحلة بدء العمل وذلك من خلال قيام كل طالب دراسة الجزء المكلف به أو الفقرة واستخلاص الأفكار والمفاهيم والمعلومات التي وردت وعرضها على زملائه بطريقة كفيلة بإيصال هذه الأفكار والمعلومات إلى زملائه، وله أن يستخدم أية وسيلة أو أسلوب في عرض الفقرة أو الجزء ليتمكن المتعلمون منه، ويقاس نجاحه بمدى إيصال تلك المعلومات والأفكار إلى زملائه.
3- مرحلة تعليم أفراد المجموعات لزملائهم، إذ يقوم كل فرد من أفراد المجموعة بعرض ما استخلصه من الفقرة أو الجزء المكلف بدراسته على زملائه، وشرح بالطريقة أو الأسلوب الذي يراه مناسباً، بشرط أن يضمن المعلومات أمرا مغلوطاً.
4- مرحلة العثور على الخطأ، بعد أن يقدم الطالب لزملائه ما تعلمه سابقا مضمنة الخطأ المقصود ويسأل الطلاب قائلاً: عليكم تفحص المعلومات التي قدمتها لكم لتعثروا على الخطأ فيها إن وجد ويحدد زمناً لذلك.
5- مرحلة مناقشة الخطأ من قبل الطالب الشارح بتوضيح وتبيان موضع الخطأ وشكله، سواء اكتشفوه أم لم يكتشفوه، ويتناقش الطلاب مع بعضهم البعض لاكتشاف هذا الخطأ.
6- مرحلة إشادة الطالب لزملائه بعد الإجابة الصحيحة، وفي حالة عدم إجابتهم يقدم لهم الإجابة الصحيحة ويشيد بهم.
7-مرحلة تكرار العملية مع طالب آخر بالأسلوب والإجراءات نفسها حتى ينتهي آخر طالب في المجموعة من دوره وطرح ما لديه، وإن كان زمن الدرس وطبيعة الموضوع تسمحان بتكرار العملية برمتها مرة أخرى فلا مانع من ذلك.
ثانيا: إستراتيجية المراسل المتنقل
تقوم هذه الإستراتيجية على أساس فلسفة التعلم التعاوني والمشاركة الإيجابية بين المتعلمين في تبادل المعلومات، وكيفيات إنجاز المهام التعليمية التعلمية، وتعد أسلوباً فعالاً في إنجاز المشاريع والتجارب والمسائل الرياضية التي يكلف الطلبة بإنجازها في قاعة الدرس، لما يترتب عليه تمكين الطلبة من الإفادة من بعضهم، وما يقدم فيه من تغذية راجعة تسهم بشكل فعال في تعديل استجابات المتعلمين، وتوجيهها نحو الاتجاه الصحيح، وإن مضمون هذه الإستراتيجية تقوم على توزيع الطلبة بين مجموعات تعاونية تكلف بمشاريع عمل أو إيجاد حلول القضية ما أو لمسألة رياضية، وتشتمل على إجراءات وخطوات ينبغي اتخاذها الإنجاز المشروع أو اكتشاف الحل، وعندما تجتمع كل مجموعة للبدء بالعمل تسمي أحد أعضائها ليقوم بمهمة المراسل للمجموعات الأخرى، ليأخذ منها أسلوب البحث والكيفية فهو يأخذ من المجموعات التي يزورها ولا يعيطها شيئاً عما دار في مجموعته، ويزود مجموعته شفهياً بالطرائق والخطوات والإجراءات التي تتخذها كل مجموعة من المجموعات، وينقل تجربة المجاميع الأخرى ووجهات نظرها التي يعمل الجميع لإنجازها إلى مجموعته، وبذلك يوفر فرصاً جيدة للاطلاع على ما يفكر به الآخرون في التصدي للقضية أو المهمة، ويوفر تعلماً ذا طبيعة تشاركية لجميع المتعلمين وأفراد كل مجموعة بشكل خاص.
خطوات إستراتيجية المراسل المتنقل
1- تحديد الواجب أو المهمة التي يراد التصدي لها وإنجازها، إذ يحدد المدرس ما يريد التصدي له من الطلبة سواء أكانت مسألة رياضية أو تجربة مختبريه ويحفز الطلبة على الانخراط في المهمة والتفكير فيها.
2- توزيع الطلبة بين مجاميع تعاونية صغيرة رباعية الأعداد في الغالب تكون غير متجانسة في المستوى المعرفي.
3- يكلف المجاميع بإجراء نشاط أو تجربة تتطلب عدة عمليات متتالية أو حل مسألة رياضية تتطلب عدة خطوات.
4- يتفق أعضاء المجموعة الواحدة بتعيين أحد الطلاب بأن يقوم بدور المراسل المتنقل.
5- شرح قواعد العمل من قبل المدرس وبيان دور المجموعة، وما يقوم به المراسل وكيفية توظيف المعلومات التي يحصل عليها بعد تمحيصها ومناقشتها من قبل أفراد المجموعة في عملية الحل أو الاكتشاف أو ما يتعلق في إنجاز المهمة.
6- بدء عمل المجموعات إذ تباشر المجموعات كلاً على حده بالمهمة، واتخاذ ما يلزم لانجازها، ثم ترسل المجموعة مراسلها إلى إحدى المجموعات الأخرى ليطلع على عملها وأساليبها، ويسأل عما يعملون لمعالجة المهمة من دون أن تفعله مجموعته إلى المجموعات التي يزورها، ويقدم تقريراً شفوياً عما لاحظه إلى مجموعته ومناقشة ما ورد فيه، وربما ترسله إلى مجموعة أخرى أو أكثر للإحاطة بمزيد من الأفكار ووجهات النظر التي تتصل بالمهمة ومعالجتها.
عرض الحلول أو المشاريع بعد إنجازها على المدرس وله أن يعرضها على الجميع ويناقشها إن كان الأمر يتطلب ذلك في ضوء الخطة والأهداف التي وضعها.
ثالثا- إستراتيجية التدريس التبادلي:
تعد إستراتيجية التدريس التبادلي بديلاً للتدريس المباشر، إذ يتطلب من المدرسين أن يصبحوا نموذجاً وقدوة للطلبة، ويساعدوا الطلاب أكثر من كونهم عارضين وشارحين، ويتفاعلوا في عملية التعلم، ويمكن عدها مجموعة من الأنشطة التعليمية التي تأتي على هيئة حوار بين المدرس والطلبة، أو بين الطلبة أنفسهم إذ يتبادلون الأدوار طبقاً لمهاراتها الفرعية وهي (التنبؤ، والتساؤل، والتوضيح، والتصور الذهني والتلخيص) بهدف فهم الموضوع والتحكم به من طريق مراقبته وضبط عملياته محمد، ۲۰۱۰: ۲۸۷). ومن خلال استخدام هذه المهارات يتعلم الطلاب كيفية تعيين أغراض القراءة، والقراءة الناقدة، وتقويم أنفسهم، والعثور على الفكرة الرئيسة في النص، وممارسة الحوار التفاعلي مع زملائهم، ونتيجة لذلك تمكن الطلاب من أجراء هذه الإستراتيجية وتنفيذها، إذ يقسمون على مجموعات صغيرة تتراوح كل المجموعة الواحدة بين (٢-٤) طلاب (أبو الحاج، وحسن، ٢٠١٦ ١٢٥).


خطوات إستراتيجية التدريس التبادلي:
1 – التنبؤ: يتطلب من الطالب في هذه الخطوة أن يضع فروضاً أو يصوغ توقعات أو تنبؤات عما سيناقشه المدرس في الخطوة التالية من الحل، الأمر الذي يوفر هدفاً أمام الطالب على التركيز في أثناء الحل لفحص توقعاته. وربط معلوماته الجديدة التي حصل عليها من الحل مع ما يمتلكه من معلومات لسابقة، وتنظيم معلوماته حول المحتوى المطروح في كل جزء من أجزاءه ونتيجة لذلك يساعد هذا التوقع أو التنبؤ على تحديد الغرض من القراءة ومراقبة فهمهم القرائي ومدى تفاعلهم مع النص.
2 – التلخيص: تحديد فيها الأفكار الرئيسة للمشكلة المطروحة من قبل الطلاب، لأحداث التكامل بين المعلومات المهمة، من خلال تنظيم المعلومات وربط الأفكار وإدراك العلاقات فيما بينها (محمد، ۲۰۱۰: ۲۸۷ – ۲۸۸)
3- بناء الأسئلة: وهي تلزم الطلاب أن يقرروا أي المعلومات والأفكار التي تعد الأكثر أهمية لتقديمها كأسئلة، وبعد ذلك يدربون أنفسهم وأقرانهم على طرح الأسئلة للوصول إلى الإجابات الصحيحة، وقد يتوصلون أيضاً إلى معلومات ومعارف جديدة يطبقونها على الجمل والنصوص.
4- التوضيح: التوضيح مفيد للطلاب الذين لديهم مشكلة في استيعاب القراءة مثل المفردات الجديدة والكلمات المرجعية غير الواضحة والمفاهيم الصعبة، التي تجعل من النص صعب الفهم والاستيعاب. ويتم تعليمهم في هذه الخطوة التغلب على هذه الصعوبات بالاستفسار عن الأشياء غير المفهومة وإعادة التفكير في الحل أو الاستمرار أو طلب المساعدة، ويتم ذلك من خلال طرح المدرس عليهم أسئلة مثل: ما الشيء غير الواضح في هذه القطعة؟ ثم يوجههم إلى صياغة أسئلة ويناقشهم فيها بهدف معرفة الأجزاء الغامضة من القطعة، والتوضيح يساعد الطلاب على مراقبة فهمهم، وذلك لأنهم يميزون المشاكل التي تواجههم أثناء فهم النص أو فهم الكلمات الصعبة (محمد، ۲۰۱۰: ۲۸۹).
5 – التصور الذهني : يقوم الطالب في هذه الخطوة بالتعبير عن انطباعاته الذهنية حول المحتوى الذي درس، من خلال رسم الصورة الذهنية في مخيلته عن الذي يوفر هدفاً أمام الطالب على التركيز في أثناء الحل لفحص توقعاته. وربط معلوماته الجديدة التي حصل عليها من الحل مع ما يمتلكه من معلومات لسابقة، وتنظيم معلوماته حول المحتوى المطروح في كل جزء من أجزاءه ونتيجة لذلك يساعد هذا التوقع أو التنبؤ على تحديد الغرض من القراءة ومراقبة فهمهم القرائي ومدى تفاعلهم مع النص.
 

شارك هذا الموضوع: