( الأبعاد الجغرافية السياسية للأمية في العراق )
مع تطور الحضارة ووسائل الإعلام والمعلومات السمعية والبصرية تغير مفهوم الأمية فلم يؤكد على مهارتي القراءة والكتابة، لأن الشخص الأمي الجاهل لمهارات القراءة والكتابة قد يستطيع التعلم الشفاهي من وسائل سمعية بصرية متعددة، كما يستطيع تعلم حقوق المواطنة والتكيف مع المهنة التي يمارسها، وقد يسر العيش في مجتمع معلوماتي للمواطنين إمكانات التعلم الذاتي من الكلمة المنطوقة والمسموعة والصورة الثابتة والمتحركة. وظهرت مصطلحات متعددة تتعلق بمفهوم الأمية وتطوره ومجالاته ومستوياته ، منها «الأمية الهجائية» و «الأمية الوظيفية» وأحياناً «الأمية الحضارية» و «الأمية التقنية» ، ونظراً لسلبية هذه المصطلحات فقد استعملت عبارات تدل على محاولات التخلص منها، مثل «محو الأمية» ، و «مكافحة الأمية» للدلالة على المراحل الأولى من التعلم الأساسي للكبار .
وتتمثل أهمية الدراسة في تققيم واقع الأمية في العراق وطرق المكافحة وذلك من خلال وضع خطة عمل مرحلية ترتكز ع إدارة سياسية واضحة وفعالة. 
ومن اهم السبل في معالجة ظاهرة الأمية في العراق هي :
1- تخطيط وتشريع القوانين الخاصه بمكافحة الأمية . 
يعد التخطيط أمراً ضرورياً لنجاح أي مشروع فهو أكثر ضرورة في مجال محو الأمية لاسيما في المجتمعات النامية مثل العراق ، حيت يتطلب تعاون جميع الأطراف الحكومية والأهلية وتعبئة كل الموارد المتاحة للقضاء على الأمية في اسرع وقت وبأكثر الطرق كفاءة ، ولكي تسير الإمور على ما يرام لابد ان تضع لها تشريعات من الحكومة وخطط وانظمة وان لا تترك للصدف والظروف.
 
2- الأهتمام بمدارس التعليم المسرع. 
تفاقمت ظاهرة الأميّة في العراق مع مرور الوقت، مما دفع وزارة التربية العراقية، بدعم من منظمة اليونيسف، إلى اتخاذ إجراءات للحد من انتشارها. ومن بين هذه الإجراءات، أطلقت الوزارة مشروع “التعليم المسرّع” الموجّه للفئات العمرية من 12 إلى 18 سنة، ويستهدف الأفراد الذين لم يتمكنوا من إكمال تعليمهم الابتدائي بسبب التسرب أو الانقطاع عن الدراسة. يهدف المشروع إلى توفير صفوف خاصة لهؤلاء التلاميذ، حيث يخضعون لبرنامج تعليمي مكثف مدته ثلاث سنوات، يكتسبون خلاله مهارات القراءة والكتابة والرياضيات إلى جانب مهارات حياتية. وتمنح الشهادة التي يحصلون عليها بعد إتمام البرنامج معادلة للشهادة الابتدائية، مما يتيح لهم فرصة الالتحاق بالمدارس المتوسطة سواء النهارية أو المسائية.
 
3- تصميم المناهج الخاصة بمدارس محو الأمية :
تعد عملية تصميم المناهج إحدى أركان العملية التعليمية ويجب أن يراعى فيها الآتي :-
أ. التقليل من تأثير العادات والتقاليد المعوقة للتعليم وايجاد سلوكيات وقيم جديدة والبعد عن التلقين.
ب. جعل مسألة محو الأُمِّيَّة عملاً مشتركاً بين كل الوزارات مع اشراك الهيئات والمنظمات المجتمعة غير المرتبطة بالوزارات.
ج. أن يراعى عند وضع المناهج اشباع حاجات الدارسين والتوجه المهني الحديث، بما يتناسب مع عمر الدارسين.
د. ان تكون المناهج قريبة من الواقع وصالحة للأهداف الوطنية وأهمها تنمية الثروة البشرية.
هـ . مرونة محتوى المناهج لتتأقلم مع كافة مستويات الدارسين وبيئاتهم، فضلاً عن تحديث طرائق التعليم بحيث تكون فعالة وعملية.
كل ذلك يجب أن توفره إدارة قادرة على مسح شامل للأُمَّيِّين في كافة انحاء العراق، من أجل معرفة إعدادهم الحقيقة، فضلاً عن الاشراف المستمر ووضع خطط البديلة في حال ورود أي طارئ .
 
 4- إعداد معلمي مدارس محو الأمية وتوفير البنية التحتية .
إنَّ المعلمين القائمين على مكافحة الأُمِّيَّة غير معدين لتعليم الكبار فمعظمهم من معلمي المدارس الابتدائية معدين لتعليم الصغار أو من الموظفين او طلبة الثانوية، لذا دعت الحاجة إلى إعداد معلمين وتدريبهم على أمور محو الأمية وتعليم الكبار بإعتبارها مهنة يتلقون فيها المعلمون تدريباً متخصصاً .
لذا ينبغي أن تتوفر في معلم مدارس محو الأمية مجموعة من الشروط الا وهي :-
أ. أن يكون المعلم ذو خبرة بنفسية الكبار وميولهم، فضلا عن يجب ان يكون على دراية بخصائصهم الاجتماعية والجسمية والفكرية، واستعداده التام للعمل معهم.
ب. يجب ان يكون متواضعا مع الدارسين بحيث يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات طيبة معهم، تساعد على تحقيق الغايات المنشودة.
ج. أن يكون قادراً على الإبداع في مجال عمله، حتى يستطيع مواجهة المعضلات التي قد تظهرأثناء العملية التعليمية.
د. أن يكون مدركاً لأهداف برامج محو الأمية.
هـ . أن يكون منحدراً من نفس البيئة الاجتماعية والثقافية التي ينتمي إليها الدارسون لكي يكون على اطلاع تام بحياتهم اليومية.
و. أن يكون متفرغا للعمل في ميدان محو الأمية.
ز. أن يكون عمر المعلم متقارباً مع عُمر الدارسين، لكي يكون قادراً على فهمهم .


5 – دور الجهات غير الحكومية في دعم محو الأمية .
يعد مشروع محو الأمية قضية تنموية استراتيجية تسعى مختلف المجتمعات الحديثة إلى تحقيقها، إذ لا يمكن لأي دولة، مهما كانت إمكانياتها، القضاء على الأمية بشكل كامل دون مشاركة فاعلة من المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب إسهام المواطنين أنفسهم. وتتمثل مساهمة هذه الجهات في تخطيط وتنفيذ وتقييم برامج محو الأمية. في هذا السياق، أطلقت منظمة اليونسكو عام 2010 مبادرة لمحو الأمية في العراق، محققة إنجازات مهمة. وفي عام 2011، ومع إقرار القانون الجديد لمحو الأمية رقم (23)، أنشأت الحكومة العراقية الوكالة الوطنية لمحو الأمية بدعم من اليونسكو. كما اجتمعت أكثر من 250 منظمة غير حكومية لتأسيس “الشبكة الوطنية لمحو الأمية”، وهي شراكة قوية تهدف إلى مكافحة الأمية من خلال تبادل المعرفة والخبرات، بالإضافة إلى توسيع نطاق تنفيذ البرامج والمشاريع المتعلقة بمحو الأمية وتنمية المهارات الحياتية.

شارك هذا الموضوع: