عنوان المقالة
الأهمية الاقتصادية لميناء الفاو الكبير 
 
إعداد طالبة الدكتوراه
شهد علي عبيس السعيدي
جامعة كربلاء / قسم الجغرافية التطبيقية
 
أولاً / ميناء الفاو الكبير 
      يعد ميناء الفاو الكبير من المشروعات الاستراتيجية المهمة في العراق، إذ يسهم إنجازه بمنح العراق إطلالة على مياه الخليج العربي، والمتمثل في القنوات الملاحية الدولية التي تربط الخليج العربي وميناء أم قصر وخور الزبير ومن ثم الموانئ العالمية في أعالي البحار. 
     أن ميناء الفاو الكبير هو مشروع أو جزءاً من مخطط عراقي بقي على الورق لعقود طويلة، بسبب خلافات داخلية وخارجية من ما يعرف عالمياً بطريق الحرير، ويشير المخطط الذي تنفذه شركة دايو الكورية ألتي أبرمت العقد مع الحكومة العراقية، إن المسافة بين ميناء الفاو وميناء طرطوس السوري بحدود (١٢٠٠) كم وبين ميناء الفاو ومرسين التركي (١٥٠٠) كم . وسيعمل ميناء الفاو إذا ما سار العمل فيه وفقاً للمخططات، على اختصار مسافة التجارة البحرية من الصين وجنوب شرق آسيا بحراً باتجاه البحر الأحمر صعوداً باتجاه قناة السويس وعبر البحر المتوسط إلى أوروبا، ويتمثل هذا الاختصار ابتداء من الميناء صعوداً وبالعكس .
 
ثانياً / الأهمية الاقتصادية لميناء الفاو الكبير 
      يعد ميناء الفاو الكبير واحداً من المواقع الاستراتيجية والمهمة في شبكة النقل البحري، ليس للعراق فقط وإنما لاقتصاد النقل الدولي عموماً، لأنه موقع متوسط بين أوروبا و أفريقيا من جانب وشرق وجنوب شرق آسيا من جانب آخر، ومن ثم يصبح ميناء الفاو كبيراً ومحطة للترانزيت العالمي. ومن مميزات موقع الميناء أنه يوفر ما يقرب من (٤٥)% من كلفة ووقت النقل على شركات ومؤسسات النقل التي تعمل على هذا المسار . 
     ولكون ميناء الفاو الكبير هو الميناء الرئيسي في العراق يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الحاضر وتطورات المستقبل المتوقعة في النقل البحري .
إن إنشاء ميناء الفاو الكبير سيسهم في الآتي :
  1. تحقيق الضغط على الموانئ العراقية الحالية.
  2. تلبية احتياجات البلد من الصادرات والاستيرادات .
  3. يتضمن الميناء خدمة التجارة الإقليمية ( الترانزيت ) بين آسيا وأوروبا وبطاقة ابتدائية (٢٠) مليون طن قابلة للزيادة لتصل إلى (٤٥) مليون طن سنوياً.
  4. تشغيل الأيدي العاملة الفنية وبنسبة كبيرة .
  5. تطوير الواجهة المالية للعراق وتطوير المنطقة اقتصادياً .
  6. تحسين الخط الساحلي ومنع عملية التعرية والفقدان للساحل .
  7. استخدام العراق كقناة جافة لنقل البضائع إلى أوروبا أو إلى موانئ البحر المتوسط في سوريا وتركيا .
     ومن كل مما سبق نستنتج إن لميناء الفاو تأثيرات اقتصادية مهمة للاقتصاد العراقي في حال تشغيله، إذ أنه سيحقق ايرادات متراكمة ضخمة. وسيعمل على تطوير البنى الأساسية لقطاع النقل لغرض تلبية الطلب المتوقع من الحمولات مما يمكن تأهيل وتوسيع الأرصفة الحالية والطرق والسكك الحديدية لاستيعاب الحمولات الكبيرة التي سيستقبلها ميناء الفاو، كما ويسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى العراق مثل الاستثمارات في الملحقات التابعة للميناء كبناء المدن الصناعية والتجارية والخدمية، فضلاً عن إقامة منطقة للتجارة الحرة، وسيحقق العراق إيرادات إضافية من خلال الرسوم التي ستفرض على مرور البضائع الترانزيت عبر الأراضي العراقية .


ثالثاً / مشروع القناة الجافة 
      هنالك مخططات تم وضعها لربط السكك الحديدية بين مدينة البصرة وميناء الفاو الكبير بشكل مباشر استكمالاً لعمليات الربط مع خور الزبير وميناء أم قصر وسفوان وربطهما بالخط السريع الذي يربط العراق مع دول المنطقة ودول الجوار الجغرافي لتسهيل انسيابية حركة الشاحنات، كما أن هناك مخططات لإنشاء مدينة متكاملة خلف الميناء تضم ساحل بحري وبحيرات ومدينة صناعية متكاملة ومعمل للألمنيوم ومصفى لتكرير النفط ومنشئات ومعامل صناعية أخرى. 
     أن الاستغلال الأمثل لموقع العراق من خلال بوابة ميناء الفاو الكبير يمكن أن يحول العراق إلى أهم معبر تجاري في العالم، في حال استغلال الفرص المتاحة ضمن أسس علمية مدروسة من الممكن أن يغير خارطة النقل ومسالك الملاحة البحرية في العالم، لأن نقل البضائع من شرق آسيا بأتجاه اوروبا عبر العراق عن طريق القناة الجافة عن طريق السكك الحديدية والطرق السريعة بدلاً من قناة السويس وذلك خلال ربط ميناء الفاو بتركيا من خلال هذه الطرق أو عبر منفذ ربيعة عبر الأراضي السورية ثم إلى تركيا بطول يتجاوز (١١٢٠) كم، وأن ذلك سوف يؤدي إلى تقليص دور الكثير من الموانئ في المنطقة كميناء جبل علي في الإمارات، فضلاً عن أنه يمكن أن يؤدي الربط السككِ مع ميناء تشابها الإيراني وميناء كوادر الباكستاني سوف يوفر بديلاً رخيصاً عن الاعتماد على ميناء جبل علي أو ميناء حمد القطري أو ميناء مبارك الكويتي. هذه الأهمية لموقع العراق تبرز كم وحجم التآمر الذي تم به تعطيل إنجاز ميناء الفاو الكبير. 
 
رابعاً / التحديات والعقبات التي تواجه إنجاز ميناء الفاو الكبير 
     يواجه مشروع ميناء الفاو الكبير تحديات كبيرة يتطلب تذليلها أو التغلب عليها، من أجل الوصول إلى تحقيق عمليات الإنجاز للمشروع، وتتمثل هذه التحديات بتحديات داخلية وخارجية، فيمكن إجمال التحديات الداخلية منها بما يأتي :
  1. الضعف الكبير بالإرادة الحكومية والسياسية تجاه المشروع، والاختلاف في الرؤى التي ألقت بضلالها عليه والتلكؤ الكبير في خطوات التنفيذ والإنجاز والذي تأخر إنجازه بشكل كامل إلى وقتنا الحاضر. 
  2. التخصيص المالي الذي يتناسب وحجم وأهمية المشروع الاستراتيجي وضعف التمويل الحكومي نتيجة العجز الكبير في المؤسسات الاتحادية للسنوات السابقة. 
  3. توفير وتهيئة البيئة الأمنية والفنية الملائمة لأنجاز المشروع على أكمل وجه، فتطلب إحالته إلى الشركات الرصينة المتخصصة بهذا المجال من المشاريع الاستراتيجية وبمواصفات عالمية .
  4. تذليل المعوقات والمشكلات المتعلقة بالنقل البحري، كالسفن الغارقة وصيانة القنوات الملاحية طبقاً للمواصفات القياسية العالمية، فضلاً عن أمن الملاحة .
 
خامساً / رؤية استراتيجية شاملة 
      من أجل وضع رؤية استراتيجية شاملة تضمن دخول العراق ضمن مبادرة الحزام والطريق الذي ينتظر منه أن يغير وجه الاقتصاد العالمي، ولكي لا يبقى العراق مكتوف الأيدي على ما يدور حوله من إنجازات وتطور في المشروع مما قد يؤدي إلى غلق منافذ العراق البحرية تماماً وتصبح موانئه دون جدوى اقتصادية، وأمام عجز الحكومات العراقية المتعاقبة عن التنفيذ والإسراع في إنجاز ميناء الفاو الكبير المتلكئ منذ عام ٢٠٠٥ ولحد وقتنا الحاضر، فيتوجب على العراق القيام بالسرعة الممكنة بتطوير المناطق الساحلية وفق نظرة استراتيجية تأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات الجيوسياسية و الجيواقتصادية الإقليمية والدولية .
      تأخذ هذه الاستراتيجية في حساباتها سرعة الاندماج مع مشروع الحزام والطريق، والإسراع في إنجاز ميناء الفاو الكبير واعتباره جزء من الأمن القومي العراقي، والعمل على تفعيل مشروع القناة الجافة لربط ميناء الفاو مع دول قارة أوروبا كي تكتمل الحلقة المفقودة في خطة مرور طريق الحرير عبر العراق، والذي سيوفر بدوره مردود مالي كبير فضلاً عن توفير فرص عمل لآلاف العمال العاطلين عن العمل خاصة في المناطق الجنوبية من العراق .

شارك هذا الموضوع: