الإبداع الفني في الحضارة السومرية وأثره على الفنون العراقية
م .م محمد عاجل عطيه
كلية التربية للعوم الانسانية , جامعة كربلاء, العراق , كربلاء المقدسة
mohammed.ajel@uokerbala.edu.iq      07757044172
تُعد الحضارة السومرية من أقدم الحضارات التي ظهرت في التاريخ الإنساني، حيث أرسى السومريون أسسًا متينة للعديد من جوانب الفن والابتكار في العراق القديم، وقد امتدت تأثيرات إبداعاتهم الفنية إلى مختلف الحضارات التي نشأت في بلاد الرافدين وصولًا إلى العصر الحديث. وأسس السومريون مدنهم على مواقع القرى القديمة المدفونة تحت الطمى وطوروا ما كان يعرف بحضارة العالم الأولي تميزت الفنون السومرية بثرائها وتنوعها، مما جعلها مرآة تعكس تطور المجتمع السومري من الناحيتين الفكرية والمادية.
الإبداع الفني في الحضارة السومرية
  1. النحت والتماثيل: برع السومريون في فن النحت، واهتموا بإنتاج تماثيل تصور البشر والآلهة والحيوانات بدقة عالية. من أبرز الأمثلة على ذلك تماثيل “المصلين” التي أظهرت التعبير عن الإيمان والخشوع في المعابد. كما اهتم الفنانون بتفاصيل الوجوه والعيون الكبيرة، التي اعتُبرت رمزًا للصفاء الروحي.
  2. النقوش البارزة: أبدع السومريون في النقوش البارزة التي زينت المعابد والألواح الطينية. كانت هذه النقوش تحمل مضامين دينية وتاريخية، مثل تصوير طقوس العبادة أو تسجيل المعارك، مما جعلها وسيلة لتوثيق الأحداث.
  3. الفخار: يعتبر الفخار من أقدم أشكال الإبداع الفني عند السومريين. كانوا يصنعون أواني ذات تصاميم هندسية وزخارف متقنة، واستخدموا الفخار لتخزين المياه والحبوب، مما يدل على ارتباط الفن بحاجات الحياة اليومية.
  4. الهندسة المعمارية: لم يقتصر الإبداع الفني على الأعمال الصغيرة، بل امتد إلى العمارة. اشتهرت الحضارة السومرية ببناء الزقورات، وهي معابد ضخمة متعددة الطوابق، مثل زقورة أور، التي كانت رمزًا دينيًا وجماليًا في آنٍ واحد.
  5. الموسيقى: يُعد الفن الموسيقي أحد الإبداعات التي اشتهرت بها الحضارة السومرية. تشير الاكتشافات الأثرية إلى استخدام السومريين للآلات الموسيقية مثل القيثارة والطبول، وكان للموسيقى دور مهم في الطقوس الدينية والاحتفالات.
أثر الإبداع السومري على الفنون العراقية
امتد تأثير الفن السومري إلى الحضارات التي تلتها في بلاد الرافدين، مثل الحضارتين البابلية والآشورية، وصولًا إلى الفنون العراقية الحديثة. يمكن تتبع هذا الأثر من خلال العناصر التالية:
  1. الرمزية في الفن: ورثت الحضارات اللاحقة الرمزية التي اتسم بها الفن السومري، حيث استُخدمت الرموز الدينية والطبيعية بشكل واسع في الأعمال الفنية.
  2. الزخرفة والهندسة: تأثر الفنانون العراقيون بأساليب الزخرفة السومرية، خاصةً التصاميم الهندسية المستخدمة في الفخار والنقوش. كما أصبحت العمارة السومرية نموذجًا يُحتذى به في بناء المعابد والقلاع.
  3. الروح التعبيرية: استمرت الروح التعبيرية التي ميزت تماثيل السومريين في التأثير على فن النحت والرسم في العراق الحديث، حيث نرى محاولات التعبير عن المشاعر الإنسانية بطرق فنية مميزة .
  4. الموسيقى والتراث الشعبي: يعد التراث الموسيقي العراقي امتدادًا للإرث السومري، حيث لا تزال بعض الآلات والمقامات الموسيقية تحمل صدى هذا الماضي العريق.
الخاتمة
لا يمكن فصل الفن العراقي الحديث عن جذوره العميقة في الحضارة السومرية، فقد كانت هذه الحضارة نقطة انطلاق للإبداع الإنساني في مجالات النحت، الموسيقى، العمارة، والفخار ونظام الري الذي تعاقب على رعايته وتحسينه السومريون والأكاديون والبابليون والآشوريون. وقسم السومريون أولا الليل والنهار إلى ثلاث نوايات للنهار وثلاثة أخرى للّيل كذلك وأخذ اليهود ذلك منهم كما ورد في سفر الخروج. يثبت هذا التراث الغني العلاقة الوثيقة بين الماضي والحاضر، ويبرز أهمية السومريين في تشكيل الهوية الثقافية والفنية للعراق. إن دراسة الفن السومري ليست فقط استكشافًا لجماليات التاريخ، بل هي أيضًا وسيلة لفهم الأسس التي قام عليها إبداع الفن العراقي المستم فنشأ من ذلك. 
المصادر
  1. بلدان الخلافة الشرقية، كي لسترنج، ص ٣١
  2. مواهب الرحمن في تفسير القرآن، ج ٣، السيد عبد الأعلى السبزواري، ص ١٢٥
  3. رحلة إلى عرب أهوار العراق، ويلفرد تسيجر، ص ١٤١
 

شارك هذا الموضوع: