مقال بعنوان ((الإتصال بين الدين والفلسفة))
حاول بعض الفلاسفة المسلمين إيجاد صلة ما بين الدين والفلسفة ومنهم أخوان الصفا الذين أقاموا مذهبهم على أساس الجمع بين الشريعة والفلسفة، ومن ثم مجَّدوا الفلسفة الممزوجة بالشريعة, ووضعوا الحكماء والكهنة في مصاف الأنبياء والرسل، وجمعوا بين حكمة الأمم والديانات وأنبيائهم وحكمائهم, مثلا نوح وإبراهيم وسقراط وأفلاطون وعيسى والنبي محمد(صلَّى الله عليه وآله وسلم)
ولتوضيح الصلة عندهم، فهم يرون “أن الغرض الأقصى من الفلسفة هو أربع خصال؛ أولها معرفة حقائق الموجودات، والثانية اعتقاد الآراء الصحيحة، والثالثة التخلق بالأخلاق الجميلة والسجايا الحميدة، والرابعة الزكية والأفعال الحسنة. والغرض من هذه الخصال هو تهذيب النفس والترقي من حال النقص إلى التمام، وهكذا الغرض من النبوة والشرع هو تهذيب النفس الإنسانية، وإصلاحها وتخليصها من جهنم، عالم الكون والفساد، وإيصالها إلى الجنة ونعيم أهلها. ويقولون في ايجاد المشتركات يصير الإنسان مؤمنًا حقٍّا عالمًا ربانيٍّا حكيمًا فيلسوفًا محققًا، كما قال تعالى وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُم {سورة الانعام: آية (91)}. وقد ذهبوا لتقديم الدين على الفلسفة مستشهدين في قوله تعالى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ{سورة الروم: آية (56)}. معتبرين في ذلك تقديم الدين على العقل واذا كان الايمان يوجه العقل فإن وظيفة العقل هي تفهُّم الشريعة وتوضيح الحقائق أي مهمة العقل هو التمهيد للأيمان وكذلك تعقل الايمان, أي لا تنقطع الصلة بين الاثنين, وهكذا تكون الصلة بين الشريعة والفلسفة, في نظرهم قائمةً على تأكيد التعامل بينهما, أي اثبات وظيفة العقل من خلال تأكيد أهمية الشرع, وإما الفلسفة هي المنهج العقلي لفهم الدين. ويرون أن الأخذ بآراء الفلاسفة ووصاياهم وما جاء به الأنبياء من سننهم وشرائعهم؛ لأن في الفلسفة أقوامًا متفلسفين لا يعرفون من الفلسفة إلا اسمها، وأقوامًا من المتشرعين لا يعرفون من أسرار الشريعة إلا رسومها، يتصدَّرون فيما لا يحسنون، ويتناظرون فيما لا يدرون، فيناقضون تارةً الفلسفة بالشريعة، وتارةً الشريعة بالفلسفة، فيقعون في الشكوك فيُضِلُّون ويَضِلُّون.
م.م. علي سلمان عواد – قسم العلوم العربية والنفسية