الإمام عليٌ ــ عليهِ السلامُ ـــ  مَنهجُ حقٍ ومَصدرُ حياةٍ
نعم فهو صاحب الدين المتين؛  وصاحب الكلام المبين؛ وصاحب العلم الرصين. الذي لايأتيه الخطأ من أي جانب، وهذا لايحتاج الى تعريف المعرفين: ولا إلى إثبات المُثبِتين؛ ولكن  الأمر يكمن في: كيف نقتدي بأمير المومنين؟؛ وكيف نرتقي بالنهج العلوي والبحث؟.
ذلك النهج الذي يتسم بالموسوعية والتنوع في المجالات والتخصصات، فالعلوم الإسلامية تأتي في المقدمة والعلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم النفسية والتربوية والفنون والعلوم الإبداعية وكلها تأتي منسجمة وشخصية الأمام علي (عليه السلام) هذه الشخصية التي ربَّاها وصقلها وعلمها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأفرغ فيها كل العلوم فهو(عليه السلام) القائل: ((لقد علمني رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألفَ بابٍ يَفْتَحُ كلُ بابٍ ألفَ بابٍ)).[بحار الانوار. المجلسي: 26/29]
ومن نتاجِ تلك الأبوب يأتي تراث أمير المؤمتين متمثلاً بــ (كتاب نهج البلاغة) الذي يمثّل منظومة معرفية متكاملة تحتوي علوم مختلفة، عرضها الأمام (عليه السلام) ليعَّرِف بها الناس سراط الله المستقيم ولتكون وسيلة لموعظتهم وايمانهم وانقيادهم لتعاليم خالق السماء والعمل بما أمر، واجتناب ما حرّم. وكان كلامه مفعمٌ بالحكمة والمواعظ بلغة أدبيّة مثّلت الذروة في المجال الأدبيّ والبياني. فأحتاجت تلك اللغة الى الشرح والتفسير لأجل الحصول على قصدية التعبير،  فكُتبت شروح نهج البلاغة فأصبح الميدان أوسع، والباحثون أكثر، وهو أمر طبيعي وظاهرة حميدة، إذ لابد للنصوص المتميزة أن تتعدد عليها الدراسات وتتنوع فيها الموضوعات.
ولكي نرتقي بالبحث العلوي لابد من توفير الإمكانيات المادية والبشرية والبنى التحتية القوية؛ وتتسيَّد هذه البنى المراكز المختصة، التي تأخذ على عاتقها وضع البرامج والطرق لتطبيق النتاجات العلمية والفكرية وكذلك وضع آلية مهمتها تطوير منظومة التقييم والتقويم في ضوء أهداف التعليم وأهداف المادة العلمية، والتركيز على أن تمتلك تلك المراكز رؤية استراتيجية ومعرفة بمناهج البحث العلمي الرصين، والقيام بنشر هذه الرؤى بطرق تتيح لجميع الباحثين التعليم والتدريب بجودة عالية وقدرة على الولوج الى خبايا النص العلوي والتحليق في فضاءاته، وتمنح المتعلم القدرة على التفكير من خلال اكتسابه المهارات المعرفية والعقلية والتكنولوجية ليكون قادراً على الإبداع والانطلاق الى أعماق التراث العلوي وهو يحمل سمات الباحث المستنير الذي يحمل المسؤولية ويحترم التراث ويفخر به.  
وأعتقد أنه لابد للقائمين على هذه المراكز من التركيز على الآمور التالية:
أ  ــ التركيز على أقامة المؤتمرات الدوراة والندوات وورش العمل المختصة بالتراث العلوي، ولابد من التركيز على إتقان المهارات الخاصة بالذكاء الإصطناعي؛ التي تسهل مهمة جمع البيانات وتحليلها وتمكن من التسويق الإلكتروني؛ فمن متطلبات المرحلة مواكبة التطور الألكتروني لذلك يتعين تدريب طاقم العمل على النظم والبرمجيات الجديدة، فضلاً عن تطوير قواعد البيانات وتحسين كفاءة الأنظمة وأدائها.
ب ــ استقطاب الآكاديميين المختصين ممن هم في ملاكات الجامعات، وتوجيههم  بأعتماد النص العلوي بوصفه شاهداً للموضوعات العلمية. مما يتيح الإطلاع على على التراث العلوي وحفظه بين المتعلمين.
ج ــ  الأكثار من النصوص العلوية المشروحة في المؤلفات الاكاديمية.
د ـ تشجيع التأليف الرصين في الموضوعات العلوية والعمل على أعتماد هذه المؤلفات  بوصفها كتباً منهجية أو كتباً مساعدة في برامج التعليم الأكاديمي. 
فلابد  أنْ تتضافر الجهود  لترسيخ المبادئ العلوية، والتصدي للازمات التي تعصف بالمجتمع بروح علوية وفكرٍ علوي  يستقي ادواته من التراث العلوي  ويرتكز الى المبادئ العلوية فإن بها الصلاح والإصلاح وآخر دعوانا أن ((الحمد لله رب العالمين)). 

شارك هذا الموضوع: