الاتصال الرقمي في مؤسسات التعليم العالي.
    لقد شهدت الالفية الثانية تطورا تكنولوجياً ملحوظاً في شتى مجالات الحياة واصبحت التقنية تتحكم في مختلف المجالات الاجتماعية ، والسياسية ، والاقتصادية ، وكذلك العلمية والعملية التعليمية، وانعكس تأثيرها على التعليم الذي يمكن اعتباره جسر الانسانية للرقي والتقدم ، وقد استثمرت هذه التكنولوجيا في تيسير وتحسين التعليم والتعلم ، وتم ادخالها بشكل تدريجي للعملية التعليمية ، وذلك من اجل المساهمة الفاعلة في ايصال المعرفة  للطلبة بسهولة وجودة عالية ، وقد اتضحت الحاجة الى تفعيل استخدام تقنية الاتصال الرقمي  في مؤسسات التعليم عامة والجامعي بصورة خاصة ، اذ يعد الاتصال الرقمي ثمرة من ثمار ثورة الاتصالات والمعلوماتية والتي اتسمت بالدقة والشمولية في خدماتها وتأثيراتها التي احدثت تغييرات كبيرة وعديدة في بنى المجتمعات وهياكلها التنظيمية ، اذ لا يمكن لأي مؤسسة أو فرد سواء كان متخصصاً أو غير متخصص أن يقلل من اهمية الاتصال الرقمي في العصر الحديث ، أو يتجاهل دوره في التحولات الكبيرة التي تشهدها المجتمعات الحديثة في كافة المجالات ، لذلك سعت العديد من دول العالم الى توظيفه في خططها الاستراتيجية ، لتحقيق اهدافها الوطنية والدولية ، ولتلك الاسباب سارعت العديد من الدول المتقدمة الى توظيف الاتصال الرقمي في العملية التعليمية لاسيما في المؤسسات الجامعية ، وقد شهدت العملية التعليمية تطوراً سريعاُ في ظل التطور السريع لتكنولوجيا الاتصال وايضا رافق هذا التطور تطور في الاساليب التي تستخدم الاتصال الرقمي لاسيما بعد ظهور الثورة الرقمية والتي مست جميع القطاعات بدون استثناء ، اذ ساهمت وعملت على تكوين شبكات اتصالية رقمية متطورة والتي بدورها اعطت دفعة قوية وفاعلة غيرت من اساليب التواصل حتى اصبح الاتصال الرقمي من متطلبات الحياة العصرية لتحقيق الغايات المنشودة، وبالتالي اصبح العالم عبارة عن شبكة من المعلومات الرقمية المترابطة ، ان المؤسسات الجامعية تهدف الى انتاج المعرفة ونشرها ، مما يتطلب الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة لتحقيق هذه الاهداف ، لذا تركزت جهود الجامعات على تحسين اداءها وتشجيع كل الافراد المنتسبين اليها وبمختلف مناصبهم وتخصصاتهم بالعمل الجدي بها لأجل مواكبة التطور القائم في البلدان الاخرى ، فالجامعة هي المؤسسة  الوحيدة التي من شانها تزويد البلد بالطاقات العلمية والفكرية والثقافية والكفاءات البشرية التي تحتاجها الدولة في صنع جيل قادر على ادارة الدولة بكافة الاصعدة ، لقد أجبرت جائحة كورونا حكومات دول العالم على اغلاق مؤسساتها التعليمية مما تسبب في حرمان اكثر من (1.5 ) مليار متعلم حول العالم من الوصول الى تلك المؤسسات التعليمية ، وهذا الامر جعل الدول تتسابق من اجل إدارة تلك الازمة والتخفيف من اثارها السلبية ، وهنا اصبح التعليم الالكتروني والاتصال الرقمي احد اهم البدائل والخيارات المطروحة أمام المؤسسات التعليمية من اجل ديمومة الحياة العلمية، فالنسبة للتعليم العالي في العراق فالجامعات العراقية وفي أعقاب تفشي فيروس كورونا في ديسمبر )2019( فقد قررت وزارة التعليم العالي العراقية الانتقال بالتعليم الجامعي من شكله التقليدي الى الالكتروني ، مستعينة بمواقع التواصل الاجتماعي والمنصات التعليمية العالمية ، من أجل الحفاظ على الاتصال والتواصل ما بين الجامعة والطلبة والحفاظ على ديمومة التعليم ، وبذلك بدء التحول التدريجي في للاتصال في العملية التعليمية من شكله المباشر الى الرقمي  ، وهنا بدء عهد جديد للجامعات العراقية بتخليها عن الأساليب والأدوات التقليدية المتبعة في التعليم الجامعي والتحول الى التعليم عن بعد والاتصال الرقمي ، وهي بذلك تمكنت من التكيف مع التغييرات التي رافقت ازمة كورنا بل بالعكس استفادت كثيراً من تلك الازمة ، فلولها لم تستطيع جامعاتنا متمثلة بقياداتها الإدارية وكوادرها التدريسية من اظهار امكانيتها وقدراتها في تطبيق ودمج التكنولوجيا في التعليم  باستخدام التطبيقات والمنصات الرقمية وأدوات الاتصال الرقمي. 
 

شارك هذا الموضوع: