الاحتراق النفسي
تعريفه وأسبابه وأعراضه وطرق الوقاية والعلاج
م.م. آلاء محمد عبد راضي الشريفي
مقدمة
    الاحتراق النفسي هو حالة من التعب النفسي والعاطفي الناتج عن الإجهاد المستمر، وهو يؤثر على الأفراد في مختلف المجالات، سواء كانت في العمل، الدراسة، أو الحياة الشخصية، يُعرف الاحتراق النفسي بتأثيره الكبير على الصحة النفسية والجسدية، وقد يسبب انخفاضًا في الأداء العام ويؤدي إلى مشاعر من الاستنزاف التام وفقدان الدافع، هذا الموضوع أصبح ذا أهمية كبيرة في العصر الحديث مع تزايد ضغوط الحياة اليومية، مما دفع العديد من الباحثين إلى دراسة أسبابه وأعراضه وطرق الوقاية والعلاج.
تعريف الاحتراق النفسي
    الاحتراق النفسي، أو ما يُسمى بـ “البرن آوت” (Burnout)، هو حالة من الإجهاد المزمن الذي يصاحبه استنفاد للطاقة النفسية والجسدية، ويشعر فيه الشخص بالاستنزاف العاطفي وفقدان الدافع أو الحافز، يُعد الاحتراق النفسي أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين يعملون في بيئات عالية الضغط، مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية، والتعليم، والمبيعات، وكذلك في المجالات الإبداعية.
أسباب الاحتراق النفسي
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالاحتراق النفسي، ويمكن تقسيمها إلى عدة عوامل رئيسية:
  1. الضغط المستمر في العمل: العمل لساعات طويلة تحت ضغوط مستمرة دون فترات راحة كافية يمكن أن يؤدي إلى شعور بالاستنزاف الذهني والعاطفي.
  2. الافتقار إلى الدعم الاجتماعي: الأشخاص الذين يفتقرون إلى الدعم من الأسرة، الأصدقاء، أو الزملاء في العمل هم أكثر عرضة للإصابة بالاحتراق النفسي.
  3. المطالب الزائدة: عندما يتوقع الشخص أداء مهام كثيرة أو صعبة في وقت محدود، قد يشعر بالضغط المستمر، مما يؤدي إلى الإرهاق النفسي.
  4. النقص في التقدير أو الاعتراف: الشعور بعدم التقدير أو الإحساس بالعمل غير المجدي يمكن أن يسهم بشكل كبير في تدهور الصحة النفسية.
  5. عدم التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية: العمل المفرط على حساب الحياة الشخصية والعلاقات الاجتماعية يمكن أن يؤدي إلى التوتر والاحتراق النفسي.
أعراض الاحتراق النفسي
يمكن أن يظهر الاحتراق النفسي من خلال مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية التي قد تكون مزمنة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. من أبرز هذه الأعراض:
  1. الإرهاق الجسدي والعاطفي: الشعور المستمر بالتعب، حتى بعد فترات من الراحة.
  2. التقلبات المزاجية: مشاعر من القلق، الحزن، أو التوتر الزائد.
  3. فقدان الدافع: الشعور بعدم القدرة على إنجاز المهام أو فقدان الحافز للعمل.
  4. العزلة الاجتماعية: تجنب التواصل مع الآخرين والانعزال.
  5. انخفاض الأداء: تراجع القدرة على العمل بكفاءة، سواء كان ذلك في الأداء المهني أو في العلاقات الشخصية.
  6. مشاكل صحية جسدية: مثل الأرق، الصداع، وآلام الظهر أو المعدة.
الوقاية والعلاج من الاحتراق النفسي
    على الرغم من أن الاحتراق النفسي يمكن أن يكون نتيجة لضغوط الحياة اليومية، إلا أن هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تساهم في الوقاية والتعامل مع هذه الحالة:
  1. الاعتناء بالصحة النفسية والجسدية:
ممارسة الرياضة بانتظام، تناول طعام صحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم يمكن أن يساهم في تقليل مستويات التوتر وتحسين الحالة العامة.
  1. تحديد الأولويات والحدود:
من المهم تحديد أولويات الحياة اليومية ووضع حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية، تخصيص وقت للراحة والأنشطة التي تجلب السعادة يمكن أن يساعد في تجنب الإجهاد.
  1. الاسترخاء وتقنيات التنفس:
تعلم تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، التنفس العميق، أو اليوغا يمكن أن يساعد في تخفيف التوتر اليومي وتحقيق التوازن النفسي.
  1. البحث عن الدعم الاجتماعي:
التحدث مع الأصدقاء أو أفراد العائلة عن التحديات التي يواجهها الشخص يمكن أن يوفر دعمًا عاطفيًا ويخفف من حدة القلق.
  1. التوجيه المهني والعلاج النفسي:
قد يكون من المفيد استشارة أخصائي نفسي في حالة استمرار الأعراض، العلاج المعرفي السلوكي قد يساعد الأفراد على التعامل مع التفكير السلبي وتغيير أنماط السلوك التي تسهم في الاحتراق النفسي.
  1. تغيير البيئة:
إذا كانت بيئة العمل أو الحياة هي السبب الرئيسي للاحتراق النفسي، فقد يكون من الضروري إعادة النظر في هذه البيئة أو حتى اتخاذ قرارات جذرية تتعلق بالعمل أو العيش في مكان جديد.
الخاتمة
    الاحتراق النفسي هو حالة خطيرة تؤثر على الأفراد في مختلف المجالات، ولذلك من الضروري التعامل معه بشكل جدّي وفهم أسبابه وأعراضه، من خلال تبني أساليب وقائية فعّالة والبحث عن الدعم المهني، يمكن تقليل مخاطر الإصابة بالاحتراق النفسي والتمتع بحياة متوازنة وصحية.

شارك هذا الموضوع: