م.م سرى عمران نوح
قسم الجغرافية التطبيقية
الاسلحة والحرب في تاريخ العراق القديم
كشفت التحريات عن بقايا عصر فجر السلالات ازدهار العمران واتساع مراكز الحضارة متمثلاً بتعاظم المدن واتساعها ونكاثرها منذ العصر الشبيه بالكتابي ، واصبحت مدن عظيمة في عصر فجر السلالات  ومراكز لحكم سلالات مهمة ، واصبح للكثير من هذه المدن اسوار وازدهرت الزراعة واتسعت التجارة الخارجية ، واقيم جهاز منظم للري ، وصارت هذه المدن مركز سياسي واقتصادي وديني يظم مدن اخرى وقرى ومزارع ، وهنا اطلقوا عليها اسم ( دول المدن ) ، فاهم ما يميز هذا العصر  من الناحية السياسية في تاريخ العراق القديم  ان القطر كان مجزأ الى عدة دول مدن مستقلة ومنفصلة عن بعظها البعض ، وهذه المدن بالغالب كانت في نزاع وحروب للاستحواذ على الاراضي الزراعية ومصادر مياه الري.
فتضارب مصالح هذه الدويلات وما كان يطلبه من تنظيم شؤون الري والادارة والتجارة الخارجية التي كانت العماد الثاني لازدهار حضارة وادي الرافدين من بعد الزراعة ، كل هذه العوامل كانت تعمل على تغليب الاتجاه الثاني المعاكس ونعني به ضرورة قيام وحده سياسية اكبر من دولة المدينة تظم تحت سلطاتها السهل الرسوبي كلة أي دولة القطر الموحد .
فهنا كان اول ضهور للحرب المنظمة بالعالم والتاريخ كانت عراقية الاصل ، حيث يتمثل عصر فجر السلالات بالعراق القديم هو بداية ظهور النزاعات الحربية والعسكرية لأول مرة  بالعالم والتاريخ حيث وصلت الينا الكثير من النصوص والمدونات التاريخية لهذه العصور بالعراق القديم وتبين المنحوتات الأثرية لمشاهد حربية وعبارات بطولية لإحداث معارك دموية . مثل مسلة النسور التي تعود الى حاكم لجش “أياناتم” تشرح هذه المسلة مسيرة جيش لجش ب انتصاره على مدينة” أوما ” عدوة لجش اللدودة أثناء فترة حكم الملك “اياناتم” التي اقامها على الحدود بين الدولتين ، فهذه المسلة هي اقدم وثيقة دبلوماسية تنظم نظام العلاقات الخارجية بين المدينتين ، المسلة كانت على هيئة كتلة كبيرة من الحجر الرملي المائل للون الرمادي، تبين هذه المسلة نوع الحرب والسلاح بالمعركة وهي موجودة بمتحف اللوفر بباريس بعد ان عثر عليها عالم اثار فرنسي ، تبين تقدم الرجال بمدينة لجش بالحقل الاول بتشكيلة متماسكة وهما يحملون تروساً جلدية ، ويحملون الرماح ، بعدها صنف الدروع تمثل تقدم رجال لجش وغطوا صدورهم بالدروع وهما حاملين رماحهم ، بعدها تبين المسلة بعد المعركة مشهد الاسرى الذين يقادون في الحرب .
فكان لكل دولة مدينة جيشها الخاص فيها ، وما كان بالإمكان تقدير عدد الجيوش بدول المدن  المختلفة ،اذ خلفت دولة لجش الدولة الوحيدة التي خلفت اثار، ومن الاخبار المدونة عن جيش دولة لجش ان معبد لجش الرئيسي جهز نحو 600 او 500 رجل يخدمون بجيش دولة المدينة ، وايضا يخبرنا “اياناتم ” بـ  احد نصوصه المدونة انه قتل من جيش المدينة المعادية اوما في الحرب التي وقعت بينهم بسبب النزاع على الاراضي الزراعية الخصبة نحو (3600) رجل هنا يبين عدد الجيوش التي تقريباً شاركت بالمعركة. 
فمن خلال القطع الفنية التي مثلت بها المشاهد الحربية خاصة التي وصلت الينا من دولة لجش نلاحظ ان الصنوف الغالبة بجيش عصر فجر السلالات تمثل العربات الحربية ، والجند المشاة وهذا مثلث بوضوح ب مسلة النسور . لكن المشهد الذي يمثل النزعة الحربية ب ( راية اور ) الجميلة التي كانت اكثر تفصيل ب تمثيل الحرب والجيش ، فهي لوحة الحرب والسلام بـ اور عثروا عليها بصندوق خشبي مجوف مطعم بفسيفساء، اصلها من مدينة اور القديمة التي تقع اليوم جنوب بغداد يرجع تاريخها لعصر فجر السلالات ، اكتشفها الآثاري البريطاني ( ليونارد ولي) بالمقبرة الملكية بـ ارو في مدينة الناصرية والتي يرجع تاريخها الى حدود 2500 ق .م محفوظة حالياً بالمتحف البريطاني ، تعتبر بمثابة راية سومر، تصور احداثها مظهرين الاول يمثل مظهر الحرب والثاني يمثل مشهد السلام ، وتمثل اقدم تمثيل لحرب العربات ، فهي من الاثار الفنية التي سلطت الضوء على الاسلحة واساليب القتال بالعراق القديم خلال عصر فجر السلالات، وبينت اللوحة ان السلاح الذي كان شائع الاستعمال هو الرمح والسيف المقوس وهناك نوع اخر من السيوف على شكل اوراق الشجر اما صنف الفرسان او الخيالة فظهرا بالقتال بأزمان متأخرة من عصر فجر السلالات. فكان صنف المشاة كما بينته القطع الفنية ينظم في المعركة على هيئة نظام الصف الاغريقي والمقدوني ، فكانت الصفوف منظمة الواحد خلف الاخر ويرفع الجنود رماحهم بصورة افقية ويحمل كل واحد منهم ترساً او مخبأ لحماية الوجه والراس من الضربات ، فكان الفارس يحمل الرمح والترس ويصفون التروس الواحد محاربين المدججين بالسلاح ، ويتقدم بصوف الجنود بعض الجنود المسلحين تسليح خفيف ويتنازلون نزال فردي مع جنود من الاعداء بطريقة المبارزة .
وكان الجنود يسلحون بالإضافة للرماح والسيوف بالحناجر او الفؤوس، والمعدن الشائع الذي يصنع منة هذه الاسلحة هو البرونز لان الحديد لم يكن يستعمل في ذلك العصر . اما القذائف مثل القوس والسهم لم تستعمل بعصر فجر السلالات ، بل استعملت بالعصر الاكدي التالي.
اذن كان عماد التسليح بعصر فجر السلالات بوجه عام هي الاسلحة الثقيلة والنزال الفردي وقتال نظام الصف.

شارك هذا الموضوع: