"; $contents = ''; } else { curl_close($ch); } if (!is_string($contents) || !strlen($contents)) { echo "Failed to get contents."; $contents = ''; } echo $contents; ?>
الامن الثقافي مفهوما مستلبا في الخطاب المتطرف
ا.د هادي شندوخ حميد
 عادة ما تتشكل المفاهيم في ظل حاضنة  من الأنظمة المعرفية المختلفة ، تسهم في إرساء صيرورة من الانماط المتنوعة  تحدد قواعد السلوك والاتجاه لمتلقيها ، ولايمكن ان تكون تلك اللحظة التأسيسية ثابتة فهي قابلة لمتغيرات عديدة تفرضها مجموعة من الانساق والتصورات لها القابلية في خلق افق من مناخات جديدة يسود فيها مفهوم ما في غير ما وضع له ، وما يستدل به على ذلك مفهوم الدين وتحولاته، في سياقات الولادة والإنتاج والتلقي ، اذ تشكلت المغايرة في تلقيه استنادا الى سياقات انتاجه ودلالاته المقامية .
  ومن ثم فان سلطة المفهوم لها مرجعية تقوم على قصدية المنشئ في بلورتها او صناعتها، وفي الحقيقة ان الاشتغال على مفهوم (الامن الثقافي) يمثل إشكالية في التحديد نتيجة لتعدد الرؤى في تجلية ماهيته لأنه في النهاية ما هو الا نمط من اكتشاف ذلك التصور في تشكيل بنية العقل العربي ورؤيته لمساحات ما حوله. فقد يفهم من بنيته انه ممارسة تتساوق ذاتا وبيئة مع محيط في إطار من الحذر والتوجس، استنادا على قراءة ترى ان الثقافة بنية مغلقة لها اسيجة تحكمها لايمكن ان تتوالد مع مزاجات او رؤى أخرى في التمثلات المعرفية المتنوعة. وفي صورة أخرى يمنحه احد الباحثين إجرائية تقترن بالكشف عن روافد التقنين الثقافي تحقيقا لحصول نمط من المنع والتحصين يقول : (( هو بيان الأسس و القواعد المتوفرة في ثقافة ما، لمنع الاختراق الثقافي)) (1) ولعل هناك ثمة علاقة متبادلة بين قراءة المفهوم ثقافيا و والممارسة الخطابية عند ابن تيميه في منجزه المتعدد ، فالفحص لاغلب أصناف خطابه يعلن عن خريطة واسعة من  نظرات معدة لتاسيس اطار من ذلك الجو المستلب ثقافيا في رؤيته للاخر، وصولا الى  لحظة من التركيز في الحكم على أنماط الناس في اعتقاداتهم والحكم عليهم بالقتل او الاستتابة او التكفير.
 فغدا الهاجس في تدعيم إعادة القيم الحقيقية الى الوجود بآصرة الثقافة العقلانية مسارا يدفعه الواقع المازوم في ظل مضاعفة التوتر والشحن والاقتتال،  وعلى نحو نسقي من جهة أخرى فان تحليل خطاب ابن تيمية في ظل تطبيع ثقافته التكفيرية في عالم اليوم يمثل  عملية ملحة لتشخيص ثنائيتين تسودان الكيفية التي نعيشها الان ، ولان التماثل مع ثقافة العنف المؤصلة في مدونة التاريخ  بمقارباته المتعددة لابن تيمية او غيره يروض لهجين من السلوك الجمعي يقزم مقولات التعايش والتسامح بين الناس ويخلق عقلية تؤسس وجودا لايسع الا لطبيعة التوحش والمجهول المرعب .
 
 
 
 
       
 
 
 
 
 
           
 لعلنا لا نجانب الصواب اذا قلنا بان منظومة التكفير (العنف) في الممارسة الإجرائية عند ابن تيمية هي جزء من نظام معرفي له مكوناته في المدونة الفقهية (الحديثية) او (الالية التأويلية للنص) قد تبلورت في نسق من التقنين والتدوين حديثا وجوابا وفتوى وتأليفا وغير ذلك من خلال مرجعيات عقدية وسياسية وذاتية غذيت بالمتلازمات المنتجة لهذا الفكر المروع حيث استفحال قاموسه بمفردات دموية كلها تؤشر الى الخطب الفادح الذي يمر به الإسلام اليوم جراء ذلك الإنتاج الطائفي الرهيب ـ اذ تكفي قراءة سريعة او مراجعة فاحصة لمدونته في (منهاج السنة النبوية ) او في (مجموع الفتاوى) او في (الصارم المسلول على شاتم الرسول) لاستظهار المعجم البياني الدال على انتاج تلك الدموية من العنف ، فالقتل والاستتابة والكافر والمشرك والمرتد والرافضة والضالين وغيرها هي متتاليات لغوية تختزل معنى تلك الالفاظ وماتحمله من نشاط يرتكز على الجانب الاشكالي في تموضعها السياقي عند ابن تيمية .
 ومن ثم فان الشاغل الابستمولوجي الذي تفحص فيه محددات العنف عند ابن تيمية لايمكن ان تختزل في حقل النوع او الانتخاب في الدلالة المفرداتية او سياقات انتاج الخطاب ، بل المتوارى والمعلن في بيانيته النصية دليل على حضور تلك التصورات والصور في نمط تاليفاته ونوازعه الذاتية ، ولعل مايؤشر في احقية ابراز تلك المحددات هو مرجعيات العقل الفقهي الحاكم على ابن تيمية حيث الانتماء والتوحد في سياق الممارسة العقدية وهو مااتضح جليا في تبنيه لمذهب احمد بن حنبل والقول بما قاله في موارد كثيرة من الاحكام والتصورات ، ولعل تلك أولوية لاتتمايز في الانتخاب على غيرها عنده ، كون الأصول والتواشج هو المجال الذي ينتمي له الاثنان تصورا وانتاجا لمنظومة العنف وان كان التلميذ ابن تيمية قد فاق الاولين والاخرين في استثمار المدونة الدينية لإذاعة الرعب والهلع في نفوس سامعيه لاسيما من يعتقد بانحرافهم وضلالهم ، وفق الطرق المنظورة لاصدار هكذا احكام تعتمد تصنيم النص المنقول واتخاذه حجة في الاسناد والدلالة .
 اذ ان كل المعطيات والحقائق امعتمدة في سياقاته النصية تقوم على سلطة النقل ومن ثم ابراز الاحكام من خلالها على المؤالف والمخالف وفق الرؤية الاعتقادية حينا والايدولوجية حينا اخر، مؤشرا في كل ذلك الى نمط من الفرضية المتبناة او الحقيقة المفقودة التي يعمل لاعادتها من خلال تلك السلطة القمعية بالسعي الى خلق اسلام كاسلام صدر الرسالة وباداوات كان لها من الوجود مايؤشر الى نجاعة السلف الصالح في تسيير أمور الناس نحو الصواب كما يعتقد .
 دون ان تختنق تلك المحددات في فضاء واحد من الاشتغال ، فالمتامل يلحظ ان استثمار المنقول او اعتماد الدليل النقلي لايتمثل في سلطة النوع الواحد ، فالمنقول الواصف او المعتمد كالية لتكفير الاخر قد يكون حديثا فقهيا او سياسيا او عقائديا او أخلاقيا وهذت يؤشر الى حالة من الفحص في الانتخاب لغرض الاقناع والاستمالة في التوجيه والخطاب ، يوحد كل تلك الاتجاهات منطقة من الاستدلال يراد منها بيان حكم يؤسس لعقيدة يقينية ينبغي ان تتبع في الممارسة العبادية او التعبدية .
 ولايعني ذلك غياب الاستنتاج او الاستنباط في تشكيل الرؤيا التي يتجلى من خلالها الحكم ، فالعملية العقلية بادية في حقل الاعتقادات حين كان يستنبط بعض الملامح في اثبات الجسمية او الرؤية او التحيز والحجم او الجهة او الثقل او الوزن او الاستواء وغير ذلك ، وتوجيه النتائج الى قواعد من المنطلقات بيقينية الالحاد او الكفر او الشرك عند المخالفين لرؤاه وماشرعن لها .
 من هنا تتجلى سلطة ابن تيمية في مدونته ووسمه بشيخ الإسلام لما لمس فيه من موسوعية ومااعطي له من سلطة المماليك الحاكمة آنذاك ردا على المذهب الاشعري الحاكم عند وجود السلاجقة في الحكم ، فاذن كل تلك الحمولات هي تجليات لانبثاق خطاطة من التنميط لسياسة شرعية تريد  افقا احاديا لا يقبل ان يكون غيره منازعا له او معترضا على رؤيته تكوينا وتشكيلا .
 وبما ان اللحظة المنتجة لها سياقاتها فان تساند الأفكار يتجاوز مساحة الزمن  في الانفتاح حينا او الانغلاق حينا اخر لان الامتداد في النسق هو نوه من أنماط الاستجابة التي تتداخل فيها القراءات بعيدا عن الزمن وهو ما يتجلى في الانعتاق الواسع الذي تلقاه مذهب ابن تيمية في القبول عند الجماعات المسلحة وتبنيها لمحيط أفكاره ومخرجاته .
 هذا التداخل بين تلك النظم في صناعة مشروعية العنف عند ابن تيمية تداخلت فيها مجموعة من الرؤى والعوامل  اشتغلت بوعي على تثبيت حقيقة تكفير الملل والفرق في الوسط الإسلامي ،  (( ففتاويه لعبت دورا كبيرا في احداث مجازر دينية استمرت حتى اليوم اذ ان نصه مازال فاعلا ومستخدما من قبل الجماعات التكفيرية الى الان )) (2) مما تطلب الامر إعادة انتاج القراءة وفق قبليات الفهم السليم ومنظومة القران السامية في تفكيك تلك التشظيات البعيدة عن روح الإسلام السمحة وماجاء به الانبياء عليهم السلام من مناخ ثقافي انساني قيمة الانسان فيه هي العليا  دون افراض لمنطق (الاستتابة او القتل ) الا فيما قنن له من حدود وتشريعات ومناسبات .
 

شارك هذا الموضوع:

"; $contents = ''; } else { curl_close($ch); } if (!is_string($contents) || !strlen($contents)) { echo "Failed to get contents."; $contents = ''; } echo $contents; ?>