“”الانا و الآخر والفردانية و الانصهار الاجتماعي””
أود الإشارة إلى مفهوم الفردانية أو الشخصنة Individualism و الأنا والآخر Self and Other لكوننا على تماس مباشر مع هذا المصطلح لتأطير طبيعة العمل في مؤسسات كبيرة. كيف يحدث التفاعل بين الأنا و الآخر و كيفية التوافق بين مصلحة الانا و مصلحة الآخر. وهل ان الخلق يتبع المبرر ام أن المبرر يتبع الخلق؟
الفردانية تعني التركيز على الحقوق اكثر من الواجبات و بناء الهوية على الإنجازات الشخصية و العناية بالنفس دون الاخرين. في السياق الأيديولوجي، ترتبط الفردانية ارتباطًا وثيقًا بالديمقراطية الليبرالية الرأسمالية.اشهر المنظرين لهذا العنوان هم سغموند فرويد وجان جاك روسو وكارل جانك وجون لوك وهيغل. Bavlov عالم وضائف الاعضاء الروسي أتى بما سماه الانعكاس الشرطي اي ان الانسان يتفاعل مع انسان آخر نتيجة لمحفز. أما النظرية الإدراكية طبقا الى ليون social cognitive theory ان التفاعل الاجتماعي ينشأ من البيئة الإدراكية للإنسان. بكلمة أخرى ان ما تعود عليه الفرد منذ نعومة أظفاره ينعكس على تصرفات الشخص في مرحلة لاحقة من حياته. اما نظريات ما بعد العصر الحديث post modernism ومنها النظرية الدينية تؤمن أصالة الروح الاجتماعية في شخصية الإنسان. اي ان الانسان متفاعل بذاته دون الحاجة إلى مثير واستجابة.
الانا تقسم الى انا صغرى(انا) (I) اي الشعور بالوجود المستقل وهذا ما سماه ديكارت René Descartes وعي الذات وما قال I think therefore I am انا افكر اذا انا موجود وانا عليا تعني (نحن) (we) اي الشعور بالوجود الإنساني المجتمعي الوسيع. انا صغرى انا وانا كبرى نحن واذا طغت انا الصغرى على انا الكبرى يتحول الإنسان إلى شخص اناني لا يرى إلا نفسه ويتعامل مع المجتمع بالكبرياء. يضع الإنسان نفسه في دائرة مغلقة ويكون منكفئ على ذاته فقط. أما إذا طغت الانا العليا فيتحول إلى شخص متواضع و يسعى إلى خدمة الآخرين. ان الانتماء الاجتماعي و التوافق أو التكيف الاجتماعي والترابط الاجتماعي تتطلب تقدير للجهود. قال ص ((أفاضلكم أحسنكم أخلاقا …. الذين يألفون ويؤلفون)) الفردانية تؤدي إلى تضائل روح التعاون و عدم الاهتمام ب قضايا المجتمع و الشخصنة وعدم العمل ب روح الفريق الواحد. هذه احدى افرازات الحداثة وما بعد الحداثة Post modernism and contemporary الانهماك في العالم الافتراضي و اهمال العالم الحقيقي وتداخل الأيديولوجيات وما يرافقها من تحديات ثقافية و ضياع للهوية.
و الحل يكمن في الموازنة بين النزعة للداخل فانا مسؤول عن تطوير ذاتي و نزعة للخارج فانا مسؤول عن مجتمعي و بدأت تعمل المؤسسات الراسخة على مفهوم الدمج الاجتماعي اي زيادة أواصر العلاقة بين الموظفين أنفسهم ليكمل بعضهم البعض الآخر وليضحي بعضهم من أجل الاخر. قال ص ((اكره ان اتميز عليكم)) وقال ع ((أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا اشاركهم في مكاره الدهر))…