يعد الانتباه والادراك الحسي الخطوة الاولى في اتصال الفرد ببيئته وتكيفه لها، بل انها الاساس الذي تقوم عليه سائر العمليات العقلية الاخرى اذ بدون الانتباه والادراك الحسي لا يستطيع الفرد ان يعي شيئاً. فلكي تتعلم شيء او تفكر به فلابد من ان ننتبه اليه ومن ثم تدركه.
ان الانتباه والادراك عمليتان متلازمتان فاذا كان الانتباه تركيز الشعور في شيء فالإدراك هو معرفة هذه الشيء فالانتباه يسبق الادراك، ويمهد له أي انه يهيئ الفرد للإدراك، فمثلاً سماعنا لصوت مفاجئ فأننا سوف ننتبه اليه فاذا عرفنا ان هذا الصوت هو باب تغلق فهو إدراك غير ان الانتباه قد لا يعقبه إدراك دائما فقد يحدث الانتباه ولكننا نعجز عن معرفة ما هو الشيء الذي جذب انتباهنا. او اننا نسمع صوت ولكن نعجز عن معرفة ما سمعنا.
وثمة فارق بين الانتباه والادراك فقد بينه مجموعة من الافراد الى موقف واحد كمشاهد مسرحية مثلاً ولكن إدراك كل واحد منهم قد يختلف بسبب ثقافتهم وخبرتهم السابقة ووجهات نظرهم وذكائهم ان للانتباه والادراك علاقة وثيقة بشخصية الفرد وتوافقه الاجتماعي اذ ان اضطرابات الانتباه او اضطرابات الادراك الحسي من السمات المميزة والمشتركة بين المصابين بأمراض عقلية على اختلاف انواعها.
معنى الانتباه:
يعطي المدرسون الاولوية للانتباه في الموقف التعليمي فعندما يطلب المدرس من الطالب ان ينتبه الى موضوع الدرس فأنه يطلب منه الى يوجه احساسه وشعوره نحو موضوع الدرس بحيث يصبح هذا الموضوع في بؤرة اهتمامه وأحاسيسه من اجل ان يحصل ادراكه للموضوع المعروض.
ان الانتباه ليست عملية خارجية فالمظهر الخارجي للمنتبه لا يعطي لنا فكرة عن انه منتبه فكثيراً من الطلبة قد يبدو من مظهره وجلسته على انه يتابع المدرس الا انه قد يكون مظهره خداعاً لان بعض الطلبة يتظاهرون بذلك والحقيقة انه يذهب بطله الى مجالات اخرى داخل الصف او خارجه.
كما ان الانتباه ٍيتغير في استقراره حيث يضعف بلحظة ويقوى بلحظة اخرى أي ان مشاعر الطالب لا تستمر في ثباتها نحو الموضوع المعروض امامه ويرى بعض العلماء ان الانتباه هو مصفاة لتصفية المعلومات عند نقاط مختلفة في عملية الادراك.
كما ان حصر انتباه الطالب بموضوع معين تنمو بنمو العمر أي ان قدرة الطفل على تركيز انتباه تكون ضعيفة في بداية العمر ولكنها تقوى كلما تقوى الطفل في عمره ولهذا نجد دروس رياض الاطفال تتحدد بزمن قصير يتراوح بين (15-20) دقيقة بينما يتراوح مدة الدرس في المدراس الابتدائية بين(40_45)دقيقة وتزداد مد الدروس بالجامعة فتكون (50) دقيقة .
فالانتباه: عملية ليست محددة بمستوى واحد يحصل فيها الانتباه او لا يحصل بل هو عملية على مستويات تذبذب بين نهايتين دنيا يكون فيها العقل في اقل حالة تركيز، وقصوى يتركز العقل في الشي الذي ينتبه اليه تركيزاً شديداً.
شرود الذهن:
لا يمكن ان نجد طالب في حالة من عدم الانتباه لاي شيء الا في حالة غياب الوعي والنوم وهذا يعني ان عم انتباه الطالب الى موضوع الدرس انه منتبه الى شيء اخر فقد ينتبه الطالب الى حركة المدرس ويتابعها او ينتبه الى صوته وطريقة نطقه للحروف ولكنه لا ينتبه الى معنى ما يقوله او تفاصيل الموضوع الذي يشرحه المدرس أي ان انتباه ينتقل من امور ماثلة امامه الى امور اخرى اذ ان من طبيعة الانتباه الحركة والتغير وعدم الثبات فهو دائم الحركة والتغير والتنقل فلا يبقى مدة طويلة موجهاً نحو شيء واحد.
فشرود الذهن: يعني انتقال الانتباه من امور ماثلة امامه الى امور اخرى قد تكون بعيدة عنه ولكنها في بؤرة اهتمامه. ان ظاهرة شرود الذهن لدى الطلبة من الظواهر التربوية والتي تعد من معوقات التعليم ويمكن للمدرس ان يستخدم طرق ووسائل مختلفة تعمل على الحد من هذه الظاهرة وتجعل الطلبة يتابعون موضوع الدرس بدلاً من شرودهم الى شيء اخر ومن هذه الوسائل التي يمكن للمدرس استخدامها للحد من هذه الظاهرة:-
استخدام الوسائل السمعية والبصرية المختلفة اثناء عرض الدرس من اجل شد الطلبة للموضوع .
استخدام اسلوب المناقشة وطرح الاسئلة على الطلبة وحثهم على النقاش والحديث والتفسير .
اثارة دوافع الطلبة نحو الموضوع المطلوب منهم الانتباه اليه .
عدم الاعتماد على المظهر الخارجي للانتباه كدليل على ان الطالب منتبه الى موضوع الدرس لان الانتباه هو حالة داخلية .
انواع الانتباه :
الانتباه التلقائي: هو ان ينتبه الفرد الى الشيء الذي يهتم به او يميل اليه فهو هنا لا يبذل فيه جهداً بل يمضي بسهولة لانه يكون عادة نحو منبهات متعلقة باهتماماته واتجاهاته وقد يحصل بصورة عابرة عندما يكون المنبه امام عينه او في مدى الذبذبات الصوتية التي تلتقطها اذناه. فمثلاً قد ينتبه المدرس الى امور لا ينتبه اليها المهندس. كما ينتبه الطفل الى امور لا ينتبه اليها الكبار.
الانتباه القسري: يحصل هذا النوع رغماً عن الفرد اذ ان المنبه يفرض نفسه على حواسه فرضاً قسرياً كانتباه الى صوت انفجار عنيف غير متوقع وكثيراً ما يستخدم هذا النوع في المجال المدرسي عندما يقوم المدرس بالطرق على السبورة او ينادي بصوت مرتفع باسم احد طلبته.
الانتباه الارادي: يتطلب من الفرد حتى يتحقق الانتباه الارادي ان يبذل جهده وان يضغط على نفسه وحواسه من اجل ان يتابع حركة المنبه او سلسلة من المنبهات التي تعنيه كانتباه الى محاضرة في موضوع صعب وجاف او السماع الى حديث ممل وجاف ويدعو الى الضجر وفي مثل هذه الحالة يقف الطالب بين الواجب الذي يتطلبه الانتباه وبين التع والضجر الذي يعتريه ولهذا نجد هذا النوع من الانتباه يناسب الكبار اكثر من الاطفال ويمارسه الاسوياء ولا يمارسه المرضى او ضعاف العقول.