ان الفرد عندما يقوم بسلوك غير صحي فأنه يشعر بوجود مشكلة صحية او نفسية معينة لديه تؤدي الى تغيير سلوكه والقيام ببعض السلوكيات والفعاليات كتعويض عن السلوك غير السوي وذلك لرفع قدرته الذاتية في التغلب على هذه المشكلة الصحية . مثلا يعرف الفرد إن التدخين يضر بصحته ولكنه مع هذا يقوم بالتدخين حيث يشعر هنا بنوع من عدم الاتزان النفسي ( تناشز معرفي ) وحتى يتم التعويض عن هذا التناشز فأنه يقوم بسلوك تعويضي يخفف من التدخين المؤذي له . هذا التغيير الذي يحدث لدى الأفراد ( التغيير في السلوك كتعويض عن السلوك غير الصحي ) تجاه السلوك الخاطئ يبدأ عندما يحدث المرء نفسه عن عوائق الإصابة بأمراض أو مايترتب عليه من اعتلالات صحية ويتساءل ماذا يمكن أن يفعل ؟ وكيف يمكن تغيير سلوكياته ؟ يشير المعالجون النفسيون إن هذا الوقت الأكثر ملائمة لإجراء تغيير في سلوك الفرد والحصول على المساعدة للانتقال إلى مرحلة الفعل والتعويض ، وبالتالي يحتاج الى الدعم ( المعنوي) فالتخلص من الشعور بالتأرجح والتناشز وإدراكه لخطورة الامراض ويضاف على ذلك ادراك المنافع والمعوقات ، كما ترتبط المدركات الصحية التعويضية بأدراكه بفاعليته .
فمشكلات الافراد المصابين بالأمراض تعالج عن طريق الأدوية والعقاقير كأنها مشكلة صحية جسمية فقط دون النظر والاهتمام الى الجانب النفسي لهؤلاء الافراد اذ يتأثر الجسم بالحالات النفسية التي تعتري الانسان ويؤثر فيها ايضاً وان استمرار التعرض الى الشدائد والمحن يؤدي تدريجياً الى انهيار مقاومة الفرد ويفقد القدرة على المواجهة ويصبح انساناً ضعيفاً ذو صحة مهدده ومعنويات منخفضة ويصبح عاجزاً عن التوافق والتواصل مع من يحيط به مما يجعله سلبيا كثير الشكوى والقلق من المستقبل؛ لان الضغوط تصيب المشاعر وكل قدراته الأخرى بما فيها المواجهة والتفكير السليم وادراكه لنفسه وللعالم المحيط به ومن ثم يؤدي الى ضعف المناعة النفسية وهذا الضعف يولد خطراً كبيراً على صحة الفرد واتزانه كما تهدد كيانه لما ينشأ عنها من أثار سلبية كضعف القدرة على التكيف وضعـف مستـوى الاداء والعجـز عـن ممارسة الحيـاة اليومية والشعور بالإنهاك النفسي .
ويشير المختصون في علم النفس إلى أن الملل والفراغ الوجودي نتيجة طبيعة الحياة التي تفتقر إلى المعنى الشخصي والتي تخلو من التحديات التي تحرك إرادة الفرد للتعامل معها في إطار معنى هدف شخصي يسعى الفرد إلى تحقيقه، ذلك يؤدي إلى كثير من صور الخلل أو الانحرافات السلوكية مثل العدوان، وتعاطي المواد المخدرة وسلوكيات المضايقة والإزعاج، وغير ذلك من صور السلوك التخريبي ترتبط بالقصور في الذكاء الانفعالي و الكفاءة الأخلاقية لدى بعض الافراد .
و عليه ركزت نتائج الدراسات على تعزيز فكرة الارتقاء بالصحة النفسية من فلسفة عامة مفادها إن الصحة الجيدة هي نتاج انجاز شخصي تراكمي ، فهي على المستوى الفردي تتضمن القيام بتطوير نظام عادات نفسية سليمة في مرحلة مبكرة من عمر الفرد والمحافظة عليها في مرحلتي الرشد والشيخوخة ، أما على المستوى الطبي فهي تتضمن تعليم الناس كيفية الوصول إلى إتباع اسلوب حياة صحي ومساعدة الفئات الأكثر عرضة لمخاطر صحية معينة كي يسلكوا بطريقة تمكنهم من الانتباه لما يمكن أن يتعرضوا اليه من مخاطر وبالنسبة للمختص النفسي فان فكرة الارتقاء بالصحة تتضمن تطوير نظام تدخل يهدف الى مساعدة الناس على القيام بممارسة سلوكيات صحية إيجابية وتغيير السلوكيات التي تضر بالصحة ، اما بالنسبة للعوام من غير المختصين النفسيين فإن الارتقاء بالصحة يتضمن توافر المعلومات التي تساعد الناس على تطوير نظام صحي والمحافظة عليه وتوافر المصادر والوسائل التي تساعد الناس على تغيير العادات السيئة الضارة بالصحة ، أما وسائل الإعلام فيمكن لها أن تساهم بالارتقاء بالوضع الصحي من خلال البرامج التثقيفية التي تبين للناس المخاطر التي تترتب على القيام بسلوكيات معينة .
السلوكيات التي يجب الاهتمام بها لتنمية هذه المتعقدات لدى الافراد :