تعود فكرة إنشاء جامعة عراقية إلى عام 1921 عندما أصبح في بغداد عددا من رجال الفكر العراقيين والعرب بقصد الإسهام في توطيد أركان الحكم الجديد، وفي العام ذاته جرت عدة محاولات لإصلاح كلية الإمام الأعظم وتطويرها لتكون اللبنة الأولى لصرح التعليم العالي في العراق، في عام 1922 كلف الملك فيصل الأول كبير أمناء البلاط الملكي (فهمي المدرس) بتشكيل لجنة تأخذ على عاتقها مهمة تأسيس (جامعة آل البيت) لتدريس العلوم والفنون الحديثة، وضمت اللجنة عددا من العراقيين والأجانب لاختيار مكانا مناسبا لتأسيس تلك الجامعة، لقد صاحب ولادة الجامعة صعوبات عديدة الأمر الذي أدى إلى تعثر ظهورها كجامعة عراقية وطنية، آذ اتهم البريطانيون بالوقوف وراءها لعدم ارتياح دار الاعتماد البريطانية لوجود جامعة في العراق خشية تحولها لجامعة وطنية، فضلا عن وجود الصراع الفكري والسياسي والاجتماعي (كونها ضمت شعب العلوم الدينية والحقوق والطب والفنون والهندسة والآداب)، فضلا عن الانتقادات التي وجهت إلى المناهج التي تدرس فيها ولكوادرها التدريسية ، الأمر الذي دفع الملك فيصل الأول إصدار أمرا بإغلاقها عام 1930.
في عام 1936 ظهرت فكرة تأسيس جامعة مرة أخرى في عهد وزير المعارف (صادق البصام) لكن جهوده باءت بالفشل كونها اصطدمت بعدم إدراك المسؤولين لأهمية الجامعة، وفي عام 1940 وجه الوزير نفسه مذكرة إلى مجلس الوزراء بشان تأسيس جامعة بغداد، واقترح أن يكون مكانها في باب المعظم لأنه مجمع يجمع معظم الكليات والمعاهد القائمة آنذاك.
في عام 1943 قدم المستر (هملي) المستشار البريطاني الفني لوزارة المعارف العراقية تقريره إلى رئيس الوزراء العراقي (نوري السعيد) أورد فيه بان الكليات والمعاهد القائمة آنذاك مهنية ولا تصلح لان تكون أساسا لجامعة لتدريس العلوم الطبيعية والفلسفة والرياضيات، واقترح تأسيس كلية للعلوم والآداب تعنى بدراسة العلوم المجردة والبحث العلمي لتكون أساسا للجامعة الحديثة التي اقترح لها نظاما شبيها بالنظام البريطاني.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 اشتد حماس النخب العراقية لفكرة إنشاء الجامعة، وشكلت عدة لجان لهذا الغرض والتي توصلت لوضع لائحة الجامعة ، وفي 25/ايار/1946 قرر مجلس الوزراء تأسيس الجامعة على أن تضم كل كليات (الحقوق والآداب والعلوم والصيدلة والهندسة والطب) لكن القرار لم يطبق في حينه.
في عام 1947 استقدمت وزارة المعارف العراقية المستر(مورغون) رئيس القسم التربوي في المعهد البريطاني بلندن ليعاونها في دراسة نظم التعليم العالي ومؤسساته ، وقد قدم تقريرا في حزيران من العام ذاته بعد أن أجرى زيارات لعدد من الكليات وألوية العراق،وقد أشار في تقريره إلى عدم إمكانية اعتبار المؤسسات التعليمية القائمة كليات باستثناء الكلية الطبية، وفي الوقت ذاته اقترح إنشاء جامعة يكون مقرها على نهر دجلة من جهة الكرادة الشرقية.
في آذار 1948 دعت وزارة المعارف العراقية لجنة من أساتذة الجامعات البريطانية لزيارة العراق ودراسة المعاهد العالية فيه ودراسة اللائحة المقترحة لتأسيس جامعة بغداد، وقد قدمت اللجنة تقريرا أيدت فيه إنشاء الجامعة وضرورة تجميع الكليات في مكان واحد واقترحت أن تكون منطقة الجادرية مكانا مكملا للجامعة.
في عام 1951 تم تأسيس (مجلس التعليم العالي) لتنسيق العمل بين الكليات وإعداد الوسائل اللازمة لرفع المستوى العلمي للكليات تمهيدا لتأسيس الجامعة، لكنه وجهت انتقادات كبيرة لعمل هذا المجلس الأمر الذي أدى إلى فشل مسعاه ،و في عام 1953 استقدمت وزارة المعارف بعثة علمية بريطانية لفحص المستوى العلمي للكليات العراقية ودراسة مشروع الجامعة.
عليه يمكن عد المدة بين (1943-1953) التي تضمنت تشكيل عدة لجان وإلغائها وتقديم الدراسات ومناقشتها قد وفرت لوزارة المعارف العراقية الأرضية الخصبة لتأسيس جامعة بغداد ، التي كتبت لائحة قانون تأسيسها آنذاك بهدف جمع الكليات القائمة وتوحيد أنظمتها على أسس علمية سليمة ، وجعلها مستقلة عن إدارة وزارة المعارف إداريا وماليا.
في 8/آذار/1954 اقر مجلس الوزراء العراقية لائحة قانون تأسيس جامعة بغداد وأرسلها إلى مجلس الأئمة(مجلسي النواب والأعيان) لتشريعها، وبعد عدة مناقشات وتعديلات صدر قانون الجامعة بالرقم (60) لعام 1956، وبذلك ظهرت الجامعة بشكل قانوني لا فعلي ، وعين أول رئيس لها وهو الدكتور ( متي عقراوي )وفي 10/كانون الأول/1957 أصدرت وزارة المعارف أمرا وزاريا قضى بربط الكليات بجامعة بغداد ربطا إداريا وفنيا ، ثم أخذت بعد ذلك مهمة وضع تصاميم البناء للجامعة المرتقبة من قبل المهندس البريطاني (ولتر كروبيوس).