البراغماتية في السياسة الدولية
أ.د. عباس التميمي
تعرف البراغماتية: من حيث مدلولها اللغوي الإغريقي (pragma) بأنها الفعل والعمل، وليس النظر والتأمل ، اما التعريف الاصطلاحي لها هي: النظرية التي ترى أن نشاطات المعرفة الإنسانية ومصادرها تكون في حدود الأهداف العملية وليس في حدود الأهداف النظرية أو العقلية المجردة ، وترى أن معيار صدق القضايا والتصورات إنما تكمن في قيمة نتائجها .
مسميات البراغماتية
الذَّرائعية ، أو فلسفة الذرائع ، أو البراغماتية أو البرجماتية، أو العَمَلانِيَّة أو المذهب العملي) هو تقليد فلسفي بدأ في الولايات المتحدة (غالبًا ما تُنسب أصولها إلى الفلاسفة تشارلز ساندرز بيرس) وويليام جيمس (وجون ديوي ) وصفه بيرس في وقت لاحق في مقولته البراغماتية: «فكر في التأثيرات العملية للأدوات من خلال تصورك. ثم، فإن تصورك لهذه التأثيرات هو كل تصورك لتلك الأدوات.»
تعتبر البراغماتية الكلمات والفكر كأدوات للتنبؤ وحل المشكلات والعمل، وترفض فكرة أن وظيفة الفكر هي وصف الواقع أو تمثيله أو عكسه، يؤكد البراغماتيون أن معظم الموضوعات الفلسفية -مثل طبيعة المعرفة، (اللغة،) المفاهيم، المعنى، المعتقد) والعلوم- (يُنظر إليها على أفضل وجه من حيث استخداماتها العملية ونجاحاتها.
نشأتها وتطورها
كيف تطور مصطلح البراغماتية؟ نشأت البراغماتية في بريطانيا عام 1878م، ولكنها تطورت في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر، وقد ساهمت أمريكا في تطور البراغماتية في الفلسفة، حيث قام الفلاسفة شارل بيرس وجون ديوي وويليام جيمس بتطوير البراغماتية في بداية القرن العشرين، وغالبًا ما تُوصف السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية بالبراغماتية، ويُذكر أن بيرس استخدم المصطلح الألماني الذي أشار إليه الفيلسوف إيمانويل كانت وليس المصطلح اليوناني، ويعني “التفكير القائم على التجربة وتطبيقها”، وأكد الفلاسفة على أن المبدأ هو فرضية إلى أن تثبته التجربة العملية
ويعد تشارلز ساندرس بيرس(1914» م هو مؤسس الذرائعية، وأول من ابتكر كلمة البراغماتية في الفلسفة المعاصرة، وأول من استخدم هذا اللفظ عام 1878 وذلك في مقال نشره – في عدد يناير من تلك السنة- بإحدى المجلات العلمية تحت عنوان «كيف نوضح أفكارنا» وفي هذا المقال، يذهب بيرس إلى أن نحدد السلوك الذي يمكن أن ينتج عنها، فليس السلوك بالنسبة لنا سوى المعنى الوحيد الذي يمكن أن يكون لها. هو صاحب فكرة وضع «العمل» مبدأ مطلقًا؛ في مثل قوله: «إن تصورنا لموضوع ما هو إلا تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر». تدرج في اهتماماته العلمية والفلسفية التي تلقاها في معاهد وجامعات أوربية وأمريكية حتى حصل على درجة «الدكتوراه» (في الطب من جامعة هارفارد (سنة 1870)، وعين أستاذاً للفسيولوجيا والتشريح بها، ثم أستاذاً لعلم النفس فبرز فيه وهو أول من أدخل لفظ البراجماتية في الفلسفة في مقال له بعنوان: كيف نجعل أفكارنا واضحة حيث ذكر فيه أنه لكي نبلغ الوضوح التام في أفكارنا من موضوع ما فإننا لا نحتاج إلا اعتبار ما قد يترتب من آثار يمكن تصورها ذات طابع عملي، قد يتضمنها الشيء أو الموضوع. أما عن لفظ pragmatism فإن بيرس يعترف أنه قد توصل إليه بعد دراسته للفيلسوف الألماني إيمانويل كانط (مما ينفي ما ذهب إليه البعض من تصور أوليغارشي خالص.
أما جون ديوي (فقد وصف البراجماتية بأنها ««فلسفة معاكسة للفلسفة القديمة التي تبدأ بالتصورات، وبقدر صدق هذه التصورات تكون النتائج، فهي تدعُ الواقع يفرض على البشر معنى الحقيقة، وليس هناك حق أو حقيقة ابتدائية تفرض نفسها على الواقع»».
أما أشهر فلاسفة البراجماتيزم فإنه «وليام جيمس» ( 1842/1910 م) الذي تدرج في اهتماماته العلمية والفلسفية التي تلقاها في معاهد وجامعات أوربية وأمريكية حتى حصل على درجة «الدكتوراه» في الطب من جامعة هارفارد سنة 1870، وعين أستاذاً للفسيولوجيا والتشريح بها، ثم أستاذاً لعلم النفس فبرز فيه.
ما هي مبادئ البراغماتية؟
تسعى البراغماتية للمعرفة، وتلبية ما يحتاجه البشر باعتباره ضرورة ملحّة أكثر من معرفة المفاهيم، فهي تؤكد على المنفعة، وتُعارض المبادئ والقيم، وتهتم بقوة الإنسان جنبًا إلى جنب مع تعزيز الديمقراطية، وتهتم بالعلم الذي أساسه التجربة، كما أنها تنادي بالتعددية وترفض القيم والعادات الاجتماعية.
ما هي العوامل التي ساعدت في ترسيخ البراغماتية في المجتمع الأمريكي؟ ساهمت عدة أمور سياسية في ترسيخ البراغماتية مثل حرب الانفصال الأهلية التي أثرت على التقاليد في عام 1871م، والبيئة السياسية المنفتحة والتحرر، كما تأثرت بالثورات الفلسفية مثل؛ ثورة إميرسون في عام 1882، وتحولت البراغماتية من مجال العمل الأخلاقي إلى العقلي.
ما الكلمة التي تقابل وتناقض كلمة براغماتي؟ يستخدم الغرب كلمة أيديولوجي وذلك تعبيرًا عن الشخص الذي لديه منظومة قيم ومبادئ تخص الوطنية والقومية والدين، على عكس الشخص البراغماتي الذي لا يملك أي أيديولوجيا أو قيمة وتنبع تصرفاته وسلوكياته بناء على مصالحه الشخصية. ما هي طبيعة البراغماتية في السياسة الخارجية الأمريكية؟ تأثرت السياسة الأمريكية بالبراغماتية كمنهج لها، بسبب أن البراغماتية بالأساس من أهم المكونات التي تشكل المجتمع والنظام الأمريكي القائم على النفعية والمصالح، ودأبت الولايات المتحدة الأمريكية باتباع البراغماتية في السياسة الخارجية بعد الحرب العالمية الثانية، حيث قامت بتبني العديد من المشاريع المهيمنة بطابع إمبريالي حسب النموذج الإمبراطوري الأمريكي الحديث.
البرغماتية في السياسية
ما هو مفهوم البراغماتية في السياسة؟ تعود كلمة براغماتية إلى (pragma) وهي كلمة يونانية وتعني “قضية” أو “فعل” أو “ممارسة”، كما تعني أن معيار تقييم الأفكار هو النتائج العملية ومدى الاستفادة منها، فمعيار التفاضل بين الأفكار والسياسات هو قابلية تطبيقها العملي، ومدى تحقيقها للغاية المرجوة، وهي لا تولي المبادئ والعقيدة أي اهتمام، وتولي الخبرة والعمل اهتمامًا أكبر.
عُرف البراغماتية في السياسة بسعي السلطات عمليًا نحو تحقيق نتائج وأهداف مُحددة، وتقوم بتبرير السياسات التي اتبعتها بناءً على النتائج العملية الناجحة، وتشترك البراغماتية السياسية مع البراغماتية بمعناها الفلسفي في عدم التقيد بالمبادئ المجردة، أو ما تفرضه الأفكار السابقة أو الإيديولوجيات المعينة، وغالبًا ما يتم الدعوة إلى البراغماتية تحت بنود حماية الشعب وتوحيده، لكنها تعزز القيم الفردانية للأفراد، كما تغيب الأخلاق عن السياسات البراغماتية.
البراغماتية في السياسة الأميركية
ملخص: يعتبر المذهب البراغماتي الأمريكي بمنطلقاته الفلسفية المادية والنفعية أحد أهم مكونات المنظومة القيمية للمجتمع والنظام الأمريكي على حد سواء، وهو ما انعكس على طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية العالمية منذ خروج هذه الأخيرة من عزلتها بعد الحرب العالمية الثانية، وقبلها على المستوى الإقليمي وفق “مبدأ مونرو” أثناء عزلة الولايات المتحدة السياسية، وتجسّد ذلك من خلال مشاريع الهيمنة التي تبنتها هذه السياسة وما تحمله من أبعاد إمبريالية وفق النموذج الإمبراطوري الأمريكي الحديث.