البرنامج السيمو- سردي ومحطاته
م.د زهراء عبد الحميد غالي
يعمل البرنامج السردي على تتبع التغييرات التي تطرأ على سلسلة الحالات والتحولات، المتمركزة في علاقة الرغبة، التي تجمع ما بين الذات وموضوع القيمة، فيتم الانتقال من حالة إلى أخرى عبر تقنيتي الاتصال والانفصال، إذن هو سلسلة من التحولات داخل المكون السردي، و قد جاء في معجم غريماس و كورتيس أن البرنامج السردي يتكون من ملفوظ فعل و ملفوظ حالة، و يظهر ذلك في الصيغتين الآتيتين:
ب س = و [ ذ1 (ذ2 n م ق)]
ب س = و [ ذ1 (ذ2u م ق)]
ففي الصيغة الأولى نجد أن البرنامج السردي لملفوظ الفعل تم بتحول الذات الفاعلة إلى ذات حالة، و ذلك نحو الاتصال بموضوع القيمة، أما في الصيغة الثانية، فنلحظ وجود شكلين لملفوظ الحالة في البرنامج السردي ( ب س)، فالصيغة الأولى توضح وجود ملفوظ الحالة الوصلية، فالذات (ذ 2) و الموضوع القيمة (م ق) تربطهما علاقة اتصال(n) أما في الصيغة الثانية فهي توضح وجود ملفوظ الحالة الفصلية: فالذات (ذ 2) وموضوع القيمة (م ق) تربطهما علاقة انفصال(u).
وينبني البرنامج السردي على وفق محطات، تتحقق فيها عملية تهيئة الذات للملفوظ من تحفيز وتطويع، ثم إنجاز وتقويم للعمل المنجز، ويمكن أن نفصل الكلام حول كل محطة أو مرحلة من مراحل البرنامج كالآتي :
1ــــــ التحفيز/ التحريك : ويعد الطور الأول من البرنامج السردي، فالتحريك ” يتعلق باللحظة الأولى للفعل نحو التحول من حالة إلى حالة مغايرة، ولهذا أطلق عليها التحريك للدلالة على ذلك” ، فيعنى بحمل أو تطويع الفاعل الذات على تنفيذ مهمة ما، في ضوء القدرات والإمكانيات المتاحة عندها، وعملية تنفيذ هذه المهمة يعتمد على المرسل / الذات والمرسل إليه حسب اتفاق أو عدم الاتفاق بينهما، وهذا الطور مهم يعتمد عليه باقي أطوار البرنامج، ويدل على ” فعل يمارسه إنسان على إنسان، ممارسة تلزمه تنفيذ برنامج معطى ، يتوضح بفعل المرسل الفاعل لحمله على تبني مشروع معطى، وتنفيذه على وفق عناصر تحفيزية، تشكل الفعل الممارس على الفاعل والمولد لفعله، على مستوى محور الرغبة “، ومحور التحذير، الناتج من قبل المرسل تجاه المرسل إليه، وتطبيق الممارسة الفعلية عليه.
2ــــــ الكفاءة : حتى تستطيع الذات انجاز موضوعها لابد أن تمتلك الشروط الضرورية، التي تساعدها على تحقيق الموضوع، من الكفاءات الذهنية والنفسية، وهذه هي ” الصيغ التي تمكن الذات من تحقيق برنامجها ومن جملتها فعل المعرفة، الفعل وإرادة الفعل وواجب الفعل والقدرة على الفعل” ، فتعمل هذه الصيغ مجتمعة على التحولات التي تحدث عبر البرنامج السردي، والحصول على موضوع القيمة، ثم الإمساك بجوهر الدلالة والوصول إلى تحقيق الهدف على وفق الأفعال الثلاثية( أستطيع ، أريد ، أعرف).
3ـــــ الإنجاز : ويمثل المرحلة الثالثة من مراحل البرنامج السردي، ويشير إلى نوع من الإشباع النصي، الذي يعمل على قيادة الدورة السردية إلى الامتلاء، والمسار السردي إلى الانكفاء على نفسه، وهذا الانجاز إنّما هو فعل يؤدى من أجل الحصول على الموضوع، ويعد أحد عناصر البنية السردية، التي تنتظم فيها البرامج السردية، من دور الطاقات التي يمتلكها الفاعل، وعملها في تحريك الفاعل، وإدارة الصراع، وتحقيق الفعل، وهذا التّحقق يتطلّب برنامجاً أساسياً هدفه الحصول على موضوع القيمة، غير أن هذا التحقق خاضع للبنية الجدلية التي تحكم النّموذج العامليّ، إذ نجد برنامجاً مضادّاً يقوم به فاعل إجرائي مضادّ. وفي الوقت الذي تطرح فيه العلاقات القائمة على المواجهة والصراع، يتم المرور من الوضع المجرد إلى التمثيل السّجالي لمجموع الخطاطة السردية ” ، عِبر متوالية من الحالات والتحولات في الخطاب النموذجي.
4ــــ التقويم : وهو المرحلة الأخير في البرنامج السردي، وتوافق هذه المرحلة النهائية كينونة الكينونة، إذْ يتم النظر في البرنامج السردي المنجز، وفقاً لالتزامات الفاعل التعاقدية، التي تسجل في مرحلة سابقة، فيتم فيها تأويل الفعل المنجز، وإعطاء حكم تقييمي على البرنامج.