بسم الله الرحمن الرحيم
البطل الرئيس والبطل البديل( الدوبلير) في قصص الحيوان في الشعر الجاهلي
أ.د.خميس أحمد حمادي الشمَّري
لعل من فوائد التكرار أن نقول إن قصص الحيوان في الشعر الجاهلي تحفل بكثير من المعطيات التي تحتاج إلى إعادة قراءة على وفق كثير من المتغيرات التي طرأت علميا وأدبيا.
لقد عمد الشاعر الجاهلي-بسبق زمني مذهل- إلى شخصيات بديلة عن البطل الرئيس في القصة وهو الناقة التي يحاول الشاعر إبعادها عن الصراع بصورة مباشرة، والغاية من وجود تلك الشخصيات الثانوية( الدوبلير) هي الدخول في صراعات خطرة، وقتال عنيف، والتعرض لقسوة الظروف الجوية بدلا من الشخصية الرئيسة كما يحصل اليوم في السينما حينما يؤتى بممثل بديل؛ لأداء المشاهد الخطرة، بدلا عن البطل الرئيس.
إن البقرة الوحشية والثور الوحشي من أكثر الشخصيات البديلة التي وردت في النص الجاهلي، وحتى الإسلامي والأموي؛ لأسباب عدة ليس المجال مناسبا لسردها أو الخوض فيها، ولعل معلقة لبيد بن ربيعة هي من أشهر القصائد التي تطرقت لموضوع البقرة الوحشية في معرض تشبيه ناقته بها،إذ يقول ممهدا للوصول للبطل الثانوي-البقرة الوحشية- من خلال البدء مع البطل الرئيس
أما النابغة الذبياني فإن معلقته يمكن أن تعد خير نموذج لثور الوحش،فبعد أن مهد لقصيدته بذكر البطل الرئيس إذ قال:
أما الشخصية البديلة لدى زهير بن أبي سلمى فهي القطاة في صراعها مع الصقر،أما الناقة-البطل- فكما هي العادة بدأ بها المشهد الحركي ثم تركها مستعينا بشخصية بديلة؛لتقوم بالمشاهد الخطرة والصراعات المتعددة نيابة عنها،إذ يقول متحدثا عن ناقته:
أما امرؤ القيس فيتخذ من حمار الوحش شخصية بديلة عن ناقته التي لم يسهب في الحديث عنها ربما ؛بسبب قصر القصيدة، إذ انتقل مباشرة للحديث عن ثنائية ناقته وحمار الوحش قائلا:
فوعي الشاعر على وفق ذلك متقدم زمنيا، فهو يتعامل مع هذه الآلية من غير تداخل في المفاهيم أو الرؤى.