البيئة الإبداعية المناسبة للطلبة
لاشك أن توفير بيئة غنية ومتعددة للافراد بهدف تنمية قدراتهم وامكاناتهم ومهاراتهم الإبداعية أمر في غاية الأهمية من أجل أن يتمكنوا من تعزيز استقلاليتهم والتعبير عن ذاتهم واكتساب مهارات التعلم مدى الحياة ولذلك تسهم البيئة بدور واضح في تنمية ثقافة الإبداع او اعاقته وتحييده ، حيث يمتلك الافراد طاقات وإمكانيات فكرية هائلة , فإذا ما أتيحت لها فرصة الانطلاق والنمو فإنها تتفجر محققة إبداعات هائلة في البيئة من حولهم والعكس صحيح حينما تكون البيئة ضعيفة بفرص النمو والتطوير فسوف تحجم من قدرات وامكانات الافراد , لا شك أن المجتمع مسئول مسئولية كبيرة عن نشر ثقافة الإبداع من خلال مؤسساته المختلفة ، وبخاصة لدى الطفل حيث إن طفل اليوم هو شاب الغد ، وبذلك فإن رعاية الأطفال ومساعدتهم في إبراز إبداعاتهم وتطويعها لصالح المجتمع هو مسئولية المجتمع بمؤسساته المتعددة , ويحتاج الطفل إلى بيئة غنية بالمثيرات التي تساعد في إظهار مواهبه وبناء على ذلك فإن الإبداع منظومة تتضمن عدة مكونات مترابطة ومتداخلة والبيئة بجميع عناصرها تمثل الحاضنة للظاهرة الإبداعية وبدونها تنعدم القرص للإبداع , كما أن توافر البيئة المناسبة والرعاية تقوي احتمالات التوصل إلى نتاجات إبداعية , ولذلك يعد الابداع احد نتاجات البيئة الغنية والثرية .
اذ تبدأ مراحل تأثيرات البيئة الخارجية بإطارها العام من تأثيرات البيئة الاسرية ويمكن الإشارة إلى أن كلا من البيئة العاطفية والمادية للبيئة ألاسرية قد تساهم في تطوير وتنمية مهارات السلوك الإبداعي للفرد، وبخاصة عندما يكون الوالدان على وعي عال بالآثار والتوابع الإيجابية لكل من المناخ العاطفي واللعب وتجهيزات المنزل على نمو مهارات التفكير الإبداعي لدى ابنائهم , بالإضافة إلى ذلك يمكن للوالدين فهم وتفهم واحترام مختلف الأسئلة التي يطرحها الأطفال رغم مظهرها السخيف والبسيط أحيانا والذي يبعث على السخرية أو الضحك غالبا ، نظرا لما لهذه الأسئلة من أهمية في اكتشاف وجهات نظر مختلفة حول القضايا التي يفكر فيها الأطفال .
كما ترتفع نسبة التكيف الاجتماعي والعاطفي الإيجابيين للأبناء المبدعين بحرص الأسرة على تحقيق التوازن للطفل بين شعوره بالانتماء للأسرة من جهة وتشجيع الاهتمامات الفردية والهوية والاستقلال الذاتي لديه من جهة أخرى ،ولذلك تعد مؤسسة الأسرة من أهم العوامل الداعمة والمشجعة للنتاجات الابداعية للطفل بحيث توفر له التشجيع اللازم فقد وجد أن الأطفال الذين يحاطون بعاطفة حب الوالدين يكونون أكثر تقديرا لذواتهم، كما يقدرون قيمة مواهبهم وأعمالهم الإبداعية , وينبغي على الوالدين التركيز في تعليم أبنائهم المبدعين كيفية التواصل مع غيرهم لأنهم سريعوا الفهم , وعلى الوالدين أيضا مشاركة ابنهم المبدع في كثير من اهتماماتهم وهواياتهم .
ثم يبدأ دور البيئة المدرسية كبيئة ثانية من الممكن ان تساهم مساهمة فعالة في تنمية المواهب الابداعية لدى الافراد والبيئة المدرسية ينبغي أن تكون متكاملة، فمتى ما وجدت الإدارة الناجحة والمعلمين الأكفاء والمنهج الجيد والمبنى المتكامل من حيث الإعداد والتجهيز بالمختبرات المناسبة وغرفة مصادر التعلم التي تحوي بين جنباتها الكتب والتقنية المتطورة مثل برامج الحاسب وشبكة المعلومات (الانترنت) التي تفي باحتياج الطلاب المتميزين والموهوبين، والمسرح الذي يمكن من خلاله للموهوبين إبراز مواهبهم في جميع المجالات الأدبية وغيرها والملاعب الرياضية فإن ذلك سيسهم في رفع مستوى الطلبة المبدعين والموهوبين .
ويؤكد المختصون أن المعلم يجب أن يكون مبدعاً، قادراً على توفير بيئة الاتصال الصفية الآمنة والمحفزة التي تجعل الطالب لا يتردد في عرض رأيه والتعبير عنه دون قلق أو تردد أو خوف وتمكنه من التخيل والتأمل لما يقرأ ويسمع ويشاهد، لإضافة معان جديدة، فضلا عن إتاحة البيئة للطالب إظهار اهتمامه بوجهات نظر زملائه ومشاركتهم المتنوعة، مع التركيز على الجوهر لا المظهر، وعلى النوعية لا على الأشخاص، وعدم التسرع في إصدار الأحكام .
و البيئة الإبداعية المدركة وخصوصا على مستوى البيئات المدرسية تعبر عن مجموعة الظروف والعوامل والمكونات البشرية والمادية التي تحيط بالمبدعين والموهوبين؛ والتي تؤثر في تنمية الإبداع والابتكار، ويتمثل الجانب البشري في كادر إدارة المدرسة من إداريين ومعلمين ومشرفين وطلاب، أما الجانب المادي يتمثل في معايير الجودة الشمولية في البناء، وخاصة الفضاء الواسع، موقع المدرسة النظافة السلامة العامة الترتيب والتجميل الهندسي، الممرات المناسبة، تصميم الغرف الصفية والمقاعد النوافذ، الأروقة والأركان كركن المكتبة، وركن المختبر الخاص بالحاسوب والخاص بالعلوم، وركن المصادر والمسرح، بالإضافة إلى تواجد المرافق العامة مثل الملاعب، والحدائق والحمامات وذلك لتكون البيئة الإبداعية محببة وملائمة ومحفزة للطالب .