التحالفات الدولية التي أدت إلى قيام الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)
شهدت المدة التي سبقت الحرب العالمية الأولى انقسام أوروبا إلى أحلاف وتكتلات دولية، مما أدى إلى تهديد السلام والاستعداد لاندلاع الحرب. وكان من أبرز هذه الأحلاف:
تم إبرام هذا الحلف بين روسيا وألمانيا والنمسا، إذ تمكن المستشار الألماني أوتو فون بسمارك من إعادة إحياء التحالف بين الأباطرة الثلاثة عام 1881. نص الاتفاق على أنه إذا دخلت إحدى الدول الثلاث في حرب مع دولة رابعة، وجب على الدولتين الأخريين التزام الحياد. كما ضمنت ألمانيا حياد روسيا والنمسا في حال تعرضت لهجوم من قبل فرنسا. إلا أن هذا التحالف لم يستمر طويلًا، إذ تفكك بسبب الخلافات بين النمسا وروسيا حول منطقة البلقان، والتي تفاقمت نتيجة دعم ألمانيا للنمسا في مواجهة روسيا خلال مؤتمر برلين عام 1878.
تم إبرام هذا الحلف بين ألمانيا والنمسا عام 1879، وذلك بعد تدهور العلاقات الروسية الألمانية. نص الاتفاق على مساعدة كل دولة للأخرى في حال تعرضها لهجوم من روسيا، مع التزام النمسا بالحياد إذا تعرضت ألمانيا لهجوم من فرنسا.
في عام 1882، تمكن بسمارك من ضم إيطاليا إلى التحالفات التي أقامتها ألمانيا، لتتشكل بذلك جبهة ثلاثية تضم ألمانيا وإيطاليا والنمسا. كان السبب المباشر لانضمام إيطاليا هو استياؤها من احتلال فرنسا لتونس عام 1881، إذ رأت أن فرنسا لن تسمح لها بالتوسع في شمال إفريقيا إلا إذا كانت قوية.
نص الاتفاق على أن تتعاون الدول الثلاث عسكريًا في حال تعرض أي منها لهجوم من فرنسا، كما التزمت إيطاليا بمساعدة ألمانيا إذا تعرضت لهجوم فرنسي. أما في حال تعرض إحدى الدول الموقعة لهجوم من دولتين أخريين (مثل روسيا وفرنسا)، كان ينبغي على جميع الأطراف المشاركة في الحرب بشكل موحد.
عُقدت هذه المعاهدة بين ألمانيا وروسيا عام 1887، ونصت على أن تلتزم كل من الدولتين بالحياد إذا دخلت إحداهما في حرب مع دولة ثالثة، كما اعترفت ألمانيا بالمصالح الروسية في بلغاريا ودعمت أي استيلاء روسي على مضيق البحر الأسود. استمرت هذه المعاهدة سارية المفعول حتى عام 1890.
تم توقيع هذا التحالف بين روسيا وفرنسا عام 1891، إذ نص على أن تقدم روسيا المساعدة لفرنسا إذا تعرضت لهجوم من ألمانيا أو النمسا بمساندة ألمانيا، كما تلتزم فرنسا بمساعدة روسيا إذا تعرضت لهجوم من ألمانيا أو النمسا.
عُقدت هذه الاتفاقية بين إيطاليا وفرنسا عام 1900، ونصت على اعتراف إيطاليا بالمصالح الفرنسية في مراكش، مقابل اعتراف فرنسا بالمصالح الإيطالية في طرابلس الغرب. كما اتفق الطرفان على الالتزام بالحياد في حال تعرض أحدهما لهجوم من طرف ثالث.
مع تزايد الخطر الألماني الذي بات يهدد المصالح البريطانية، تخلت إنجلترا عن سياستها المعروفة بـ”العزلة المجيدة”، واقتربت من فرنسا وروسيا. في عام 1904، عقدت اتفاقية مع فرنسا لحل النزاعات الاستعمارية، إذ اعترفت فرنسا بالمصالح البريطانية في مصر، مقابل اعتراف إنجلترا بمصالح فرنسا في مراكش.
بعد ذلك، وفي عام 1907، عقدت إنجلترا اتفاقية مع روسيا، تم بموجبها حل النزاعات الآسيوية، خصوصًا فيما يتعلق بإيران، التي تم تقسيمها إلى ثلاث مناطق نفوذ: شمالية روسية، ووسطى محايدة، وجنوبية بريطانية.
وهكذا، تبلورت جبهة جديدة مناهضة للحلف الثلاثي، عُرفت باسم “الوفاق الثلاثي”، لكنها لم تتحول إلى تحالف عسكري رسمي إلا بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى في 3 أغسطس 1914.
المصادر التي اعتمد عليها :
1 – عبد الوهاب عباس القيسي واخرون ، تاريخ العالم الحديث 1914-1945 ، ط 1 ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1983 .
3- كمال مظهر أحمد ، محاضرات في تاريخ الدول الكبرى بين الحربيين العالميتين ، ط1 ، دار الحداثة للطباعة والنشر ، بغداد ، 2020