التحضر Urbanization 
ومشكلات المدن
م. د. نهى نعمة محمد الموسوي
جامعة كربلاء – كلية التربية للعلوم الإنسانية – قسم الجغرافية التطبيقية.
        تعد ظاهرة التحضر من معالم التغير الاجتماعي التي تميز بها القرن العشرين في معظم الدول المتقدمة منها والنامية تلك التغيرات اثرت في كل فرد ومجتمع لكن بطرق مختلفة ، يعرف التحضر بانه زيادة في نسبة السكان اللذين يعيشون في المدن مقارنة مع المناطق الريفية . كما ويعرف بأنّه تحول السكّان من المناطق الريفيّة إلى المناطق الحضريّة، وزيادة تدريجيّة في نسبة السكان الذين يعيشون في المناطق الحضريّة، وهو مسبب رئيسيّ لوجود مشكلات المدن، إذ بدأت تستقطب مشاكل المدن Urban problems في الوقت الحاضر وما تؤول إليه في السنين القادمة اهتمام المفكرين والمخططين والجغرافيين بوجه عام  والمهتمين بالبحوث الحضرية على وجه الخصوص .وينطوي هذا الاهتمام بالمدن على عدة اعتبارات منها :زيادة نسبة سكان المدن بشكل كبير ،إذ أن أكثر من نصف سكان الوطن العربي يعيشون في المدن وترتفع هذه النسبة في الدول المتقدمة إلى حوالي 71%.ومن  أهم المشكلات التي يسببها التحضر السريع في المدن منها:
  •  المشكلات الاقتصاديّة: أصبح العيش في المدن يحتاج إلى تكاليف معيشيّة كبيرة جداً، وذلك نتيجة لتطوّر المدن، ولما توفّره من الخدمات المختلفة، إذ تمتلك المدن أسواقاً وسلعاً أكثر بكثير من الموجودة في المناطق الريفيّة، واحتكار البنيّة التحتيّة، وارتفاع التكاليف العامة، وبالرغم من وجود بعض الإيجابيات إلّا أنّها تُعتبر منطقة لعيش الطبقة البرجوازيّة، والتي تتحكّم بكلّ كبيرة وصغيرة في المنطقة، وهذا ما يساهم في وجود تكاليف ضخمة على من يعيش في تلك المناطق. 
  • مشكلات بيئية   Environmental problems :  تتمثل بالضغط على المرافق الأساسية وتلوث المياه نتيجة التخلص من المخلفات في مصادر المياه المفتوحة ،وعدم كفاية شبكات الصرف الصحي ومشكلة إدارة الرواسب بعد إدخال معالجة مخلفات المياه في بعض المراكز الحضرية .إذ تشير التقديرات إلى أن هذه الرواسب قد تصل إلى حوالي 3600 طن يوميا من مخلفات المواد الصلبة الجافة ، ولعل أهم المشاكل البيئية في المدينة هي تلوث الهواء الناجم عن وسائط النقل المختلفة ،والتي تضاف إلى مصادر تلوث الهواء الصناعية والتي تتسبب في مخاطر صحية مختلفة. وهناك نوع ثالث من أنواع التلوث الذي تعاني منه مدن اليوم هو التلوث السمعي  (الضوضاء Noise ) الناجم عن حركة المرور . أما ظاهرة التلوث البصري فهي ناجمة من البناء العشوائي للعمارات والأبنية والدور السكنية وأثاث الشارع غير المتناسق.
  • المشكلات الصحيّة: أثّر التحضّر سلباً على صحّة الإنسان، إذ زادت معدلات الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية المرتبطة بأسلوب الحياة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب، بالإضافة إلى وجود حالات التسمم الغذائيّ.
  • مشكلات خدمية  Service problems : يجابه قطاع الخدمات في المدن ضغطا متزايدا وطلبا كبيرا ،بحيث أن بعض المشاريع الخدمية التي تقام تفشل بعد مدة وجيزة من إنشائها عن سد حاجة السكان الفعلية رغم تشغيلها بطاقاتها القصوى ، رغم أن أقامتها استندت إلى بيانات ودراسات عديدة وذلك للأسباب عديدة منها :(زيادة عدد سكان المدينة أضعاف طاقاتها وقدراتها الخدمية. فضلا عن التوسع الأفقي للمدن الذي  يزيد من ترهل أو إيصال الخدمات بشكل سليم لكافة مناطق المدينة)  .
الخلاصة : 
        إن ظاهرة التحضر تُعد واحدة من الظواهر الديموغرافية الرئيسة؛ إذ أصبح نموُّ السكان من المشكلات التي تعاني منها الدول  لما ترتبط به من مشكلات حضرية عديدة وفي كافة القطاعات منها:(العشوائيات ، الضغط على الخدمات المجتمعية ،الفقر ،الجريمة الحضرية ،وتدمير البيئة )، وهو مسبب رئيسيّ لوجود مشكلات المدن ، فكل هذه العوامل جعلت من عملية التحضر تتخذ طابعا كميا على حساب التحضر النوعي، أمام عجز النظام الحضري في المدينة عن مواكبة هذه الزيادة الكبيرة في نسبة التحضر وعدم قدرة أجهزتها على استيعاب الأعداد الهائلة من موجات النزوح الريفي، وهو ما أفرز عدة مشكلات مختلفة فيزيقية، تشريعية، اقتصادية واجتماعية أصبحت مصدرا للقلق والإزعاج والخوف داخل المدينة بدلا من الاستقرار والشعور بالأمان والطمأنينة الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في عملية تسيير وتخطيط المدن.

شارك هذا الموضوع: