التربية الوجدانية للطفل
على مر العصور، تعامل المربون مع الوجدان كمرادف للنفس أو الروح، ذلك الإحساس الباطني الذي يحرك القلب والضمير، وينعكس على تصرفاتنا وتعاملنا مع الذات والآخرين.
لهذا، لم يخضع هذا الجانب، بشكل مستقل للدراسة والتجارب وبالتالي العمليات تعليمية تعلمية، كما هو الحال بالنسبة لجوانب النمو الأخرى مثل النواحي الجسمية الحركية الحسية، ونواحي التفكير والنمو المعرفي واللغوي، والجوانب الاجتماعية الانفعالية والعاطفية، وغالباً ما كان يدمج الوجدان ضمن المجال الأخير لارتباطه بالمشاعر والأحاسيس والعواطف واتصاله بمفهوم الذات لدى الطفل، والذي بدوره يتكون من خلال تفاعل مكوناته الذاتية مع الناس والأشياء والأحداث من حوله.
أما بالنسبة للتربية الوجدانية، فقد رؤى بأن التربية الأخلاقية تتولى الجزء الخاص بتهذيب النفس والروح والضمير الأخلاقي لدى الفرد (الذات) بينما تهتم التربية الاجتماعية بتوجهه في علاقاته بالآخرين، ومن ثم فلا يوجد حاجة لتخصيص وقت ومادة دراسية مستقلة لهذا الغرض. إلا أن طبيعة الحياة العصرية، بتأكيدها على الماديات والكفاءة الشخصية، وإحلال التقنيات الحديثة مكان الأعمال التقليدية التي كانت تتم بين الناس، أضاع العديد من القيم التي كانت الأسر تحرص على بثها في نفوس أطفالها . وقد تنبهت المجتمعات إلى خطورة غياب الوجدان في تكوين شخصية الأجيال الجديدة، ونادت بمراجعة المناهج الدراسية لتتضمن ما يسهم في التربية الوجدانية للأبناء، وطالبت الآباء بأن يجعلوا من أنفسهم قدوة حسنة، ونموذجاً أخلاقياً يحتذى به إذا ما أرادوا أن ينشأ أطفالهم على الخلق القويم والوجدان النقي الذي ترضى عنه النفس (رضا الذات) ويرضى عنه المجتمع (رضا الآخرين).
أما بالنسبة للمناهج، فليس هناك أفضل من الثقافة الإسلامية لتنمية الوجدان منذ الطفولة المبكرة، حيث أساس كل تعلم.
لقد وصف سبحانه وتعالى محمداً عبده ورسوله بقوله: “وإنك لعلى خلق عظيم ، ويقول النبي (ﷺ): إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
أما مكارم الأخلاق التي خص الله تعالى بها خاتم المرسلين، فإنها تتجلى، كما يقول محمد المنسي (2006)، في الفضائل التالية:
. الأمانة.
. الشجاعة.
. التعامل بالحسنى
. الاعتماد على النفس.
. الاعتدال والانضباط.
. العفة والإخلاص.
. الوفاء بالعهد.
. الاحترام.
. الإيثار.
. الدماثة.
. العدل.
وتعتبر الأسرة المحضن التربوي السليم لبناء وجدان الطفل، ولها التأثير الأكبر في توجيهه وبلورة بنائه النفسي إيجاباً وسلباً، تقول سامية الخشاب (2006)، أن دور الأسرة لا يقتصر على مجرد تعليم الطفل الاحتياجات السلوكية الشخصية وكيفية ممارستها، وإنما هناك العديد من القيم والأفكار التي لابد أن تغرس في وجدان الطفل وينشأ عليها حتى يمكنه أن يتواصل مع العالم المتغير من حوله … فالخطاب الوجداني الأسري للطفل يجب
أن يراعي ما يلي:
1 غرس القيم الدينية في وجدان الطفل.
-2 غرس القيم الأخلاقية في وجدان الطفل.
-3- تنمية الإبداع في وجدان الطفل.
4 تنمية الإنجاز في وجدان الطفل.
5 غرس حب المشاركة في وجدان الطفل
-6 غرس معرفة الاختيار في وجدان الطفل (سامية الخشاب (2006).
ولكن الأسرة بحاجة إلى توجيه وإرشاد للقيام بدورها هذا، كما هو الحال بالنسبة للعديد من مجالات تربية النشء وينبغي لهذا الغرض، أن تتضمن التوعية الوالدية أو التربية الأسرية ما يرفع من أداء الأسرة في مجال التربية الوجدانية للأطفال.
(الناشف، 2006:106-107)