التربية والتنشئة الاجتماعية
زهراء محمد كريم 
دكتوراه -لغة-
 
التربية والتنشئة الاجتماعية
للتربية دور مهم وفعال في عملية التنشئة الاجتماعية ،لان التربية تهدف إلى تكوين شخصية الفرد داخل الاسرة وداخل المجتمع ،ومن ثم الانتقال بالفرد من كائن بيولوجي إلى فرد له شخصيته المميزة ولذلك فالتربية بدروها تستعين بالأسس والمبادئ والقوانين آلتي تسهم في هذا الانتقال ،كما وأنها تتعاون مع علم الإجتماع ،وعلم النفس الإجتماعي ،وعلم النفس التربوي وعلوم الإنسان لتحقيق الأهداف المنشودة.
التربية بالمعنى العميق والواسع يمكن تعريفها بأنها
عملية يتم بها تشكيل وإعداد أفراد انسانيين في مجتمع معين ،وفي زمان ومكان معينين،حتى يستطيعوا اكتساب المهارات والقيم والاتجاهات المختلفة ،وكذلك يمكن اكتسابها أنماط السلوك المختلفة لكي يتيسر لهم التعامل مع البيئة الاجتماعية آلتي ينشؤون فيها وأيضا مع البيئة المادية.
ففي خلال سنوات قليلة يكون الطفل بعد ولادته قد اكتسب عناصر عديدة ومختلفة عن طريق احتكاكه وتفاعله مع أفراد مجتمعه الذي يعيش فيه ويحتل مكانه فيه،وهذا جزء من التنشئة الاجتماعية.
يقول المربي السوفيتي الشهير (انطون ما كارنكو)،في أهمية التربية في تشكيل شخصية الإنسان: أنا أؤمن بالقدرة غير المحدودة للتأثير التربوي ،واعتقد أنه إذا كان للإنسان سيء التربية فالمخطئ الوحيد هو المربي ،واذا كان الطفل طيبا فهو مدين بذلك للتربية في طفولته.
إذن فالأثر التربوي من خلال عملية التنشئة الاجتماعية يؤتي ثماره عندما يتحول إلى أنماط سلوكية سليمة من أجل تطوير المجتمع.
فالتغييرات آلتي يمر بها الطفل منذ ولادته وحتى يتخذ له مكانا مميزا بين مجتمع الكبار الناضجين ،هي عملية التنشئة الاجتماعية والتي هي عبارة عن عملية تعلم وتعليم وتربية ،وتقوم على أساس الإتصال والتفاعل الإجتماعي ،وهدفها أن يكسب الفرد خلال مراحل نضجه (طفلا ،فمراهقا،فراشدا،فشيخا)،سلوكيات معينة ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار معينة تجعله قادرا على مسايرة جماعته والتوافق السليم الإجتماعي معها ،او تمكنه من الإندماج في الحياة الإجتماعية.
ولو كشفنا عن المغزى التربوي والإجتماعي التنشئة الاجتماعية فنراه يتمثل ب:
ا. تعليم المعايير الإجتماعية باعتبارها ضرورية للسلوك الإجتماعي ،وضابطة له وموجهة أيضا وكذلك إبراز قيمة التربية من خلال تزويدهم بالمعاني المشتركة مما يؤدي إلى الترابط والتماسك الإجتماعي.
٢.  التدريبات المتعلقة بضبط السلوك الإجتماعي وإشباع حاجات الأفراد حسب المحددات الاجتماعية ،فكلما زاد الإندماج خارج الأسرة ،زاد الرصيد المعرفي والثقافي مما يؤدى إلى نمو الخبرات.
أما عن أهداف التنشئة الاجتماعية فيمكن القول إن تشكيل الشخصية الإنسانية النامية من خلال مراحل تطور العمر المختلفة هو المحور الأساسي لهذه العملية ويكون ذلك من خلال ما يأتي:
١. تهيئة وتكوين السلوك الإجتماعي بمختلف جوانبه ،والذي يعتمد على قوى الإنسان الذاتية ،بالاضافة إلى قوى المجتمع آلتي تلعب دوراً كبيراً في هذه العملية والتي تعتمد علىها بالدرجة الأولى كثير من اتجاهات الإنسان ومختلف سلوكياته المتنوعة.
٢. تنمية الذات والعمل على التآلف والتكيف مع المجتمع وتكوين صداقات مختلفة وتعلم إحترام معايير المجتمع وقوانينه وعاداته.
٣. العمل على تحقيق الاستقلالية والثقة بالنفس و الابتعاد عن الاتكالية من أجل نمو إجتماعي ناضج ومتزن.
٤. التأكد على خلق اتجاهات نفسية واجتماعية مرغوب فيها وكذلك التأكيد على القيم الاجتماعية والخلقية والروحية ضمن قوانين المجتمع واطره المرجعية.
والتنشئة الاجتماعية خصائص ومميزات منها:
١.هي أنها عملية نمو تدريجي يكون خلالها الفرد متحول من طفلا معتمداً على غيره في تلبية احتياجاته ،ليس له إلا إشباع حاجاته الفيسلوجية ،الى فرد ناضج يدرك معنى المسؤولية الاجتماعية وتحملها ،ويكون فرداً مستقلا قادراً على ضبط انفعالاته ،والتحكم في إشباع حاجاته بما يتفق مع قوانين المجتمع.
٢.انها عملية تعلم إجتماعي ،يتعلم فيها الفرد أدواراً عديدة من خلال تفاعله الإجتماعي ،فيكتسب القيم والاتجاهات النفسية والمعرفة والأنماط السلوكية آلتي تتفق مع الجماعة ويرضاها المجتمع ،اي عملية تكيف مع المجتمع بكافة مؤسساته.
٣.هي عملية فردية سايكولوجية ،علاوة على ذلك أنها عملية اجتماعية وأساسية في بناء الجماعات وتماسكها.
٤.هي عملية مستمرة غير منقطعة في كافة مراحل العمر ،اي من الطفولة إلى المراهقة ثم الرشد والشيخوخة فالممات.
٥.تعتمد على التفاعل والتغيير ،فالفرد يأخذ ويعطي مع أفراد جماعته بحسب أدواره الإجتماعية و الاتجاهات التنفسية.
٦.هي عملية معقدة ومتشعبة تستهدف مهام كثيرة وكبيرة ولها وساءل متعددة لتحويل الطفل من كائن بيولوجي إلى كائن إجتماعي.

شارك هذا الموضوع: