التطور التاريخي لمفهوم طرائق التعلم.
إذا اطلعنا على تطور طرائق التدريس منذ نشوء التعليم منذ الخليقة حتى يومنا هذا, نجدها أنها تعتمد على الفلسفة الاجتماعية السائدة في ذلك العصر.
التعلم في العصور البدائية كان الإنسان في العصور البدائية ينشط لتلبية احتياجاته ومطالبه الحيوية التي غالبا ما كانت تتركز حول إشباع حاجات الجسم من الغذاء والمأوى ,لذلك فان هذا الإنسان  عندما ينشط لتحقيق أو تامين هذه المطالب أو الحاجيات ,فانه يحتاج إلى تعلم معين من مصدر معين, وفي العادة يكون هذا المصدر هو الأبوين ,مما أدى بالمتعلم إلى إتباع أسلوب معين في تعلمه كان ذاتياً أو إتباع أسلوب التعلم من الأبوين أو القبيلة وهذا التعلم المقصود, وغالبا ما يتم ذلك عن طريق التقليد أو المحاكاة ومن هذا نجد أن مظاهر التربية ترتكز في محورين أساسيين الأول هو إعداد افرد للحصول على ضروريات الحياة الأساسية وبصورة مباشرة خالية من التفكير والتطوير لما هو موجود,والثاني تدريب الفرد على الطرق والقيم المقبولة في الجماعة نظريا وعمليا بهدف التلاؤم مع البيئة.
إما في العصور التاريخية القديمة شهدت الحضارات القديمة كالحضارة البابلية والمصرية والصينية والفارسية والهندية, الفلسفة التربوية عمادها عبادة الملوك والهة التي ابتكرت من الأساطير والأدعية والكتابات والفنون ,مما جعل طرق التعليم فيها في بداية الأمر تعتمد على المعايشة الكاملة بين الأستاذ وتلميذه حتى يتشرب منه العلم والمعرفة وإسرار المهنة من خلال التقليد في جواً تسوده المحبة والتقديس والسعي للكمال.
وبعد إن تطور التعليم في هذه الحضارات  وأخذت معارفها وقيمها المتراكمة تزداد في حياة الفرد المتعلم ,أصبح عليه واجب حفظ هذا التراث ونقله بأكمله ,مما حدا بهذه الحضارات إلى فتح مدارس لهؤلاء المتعلمين وكان يلتحق بها فقط النخبة من القوم ,ونجدها كانت متمركزة في المعابد,وكان يمارس مهنة التعليم الكهنة ورجال الدين آنذاك ,وكانت الطريقة المتبعة في التدريس تعتمد على التلقين من قبل المعلم (الكاهن) والحفظ الآلي والاستظهار من قبل المتعلم,حيث إن المتعلم يقرا بصوت عالي إمام المعلم(الكاهن) كل ما حفظه أو كلف به ومن ثم ينتقل إلى الكتاب الثاني وهكذا .
وفي العصر اليوناني سادت فلسفة منهج التفكير المعتمد على العقل وحده, وهو الفيصل في صحة الأقوال وخطاها وان ما سبق نشأة هذه الفلسفة من أساطير وعقائد وإشعار وعلوم لا يلزم المتعلم بتصديقها ما لم يحكم العقل بصحتها, وبذلك قضت هذه الفلسفة على سابقتها,لذلك ابتكرت هذه الفلسفة طريقة جديدة في التعليم تقوم على أساس الموضوع الذي تدرسه جديد  بالنسبة للمتعلم ,وانه لا يستند إلى معلومات سابقة ,ولا إلى أفكار مسلم بها مسبقا,وهنا دعا سقراط  إلى تنمية معرفة المتعلم عن طريق الحوار ,وبذلك ظهرت الطريقة الحوارية التي كان هدفها تنمية قدرة المتعلم على التفكير وتحقيق المجتمع الفاضل ,فكان سقراط يعرض موضوعاً أو فكرةً معينة ويطلب من المتعلمين (تلامذته)إن يدلي كل منهم برأيه بما يتعلق بالموضوع متيحا لهم الحرية الكاملة في مناقشة وتفسير كل تناقض أو تحليل الموضوع ورفضه أو قبوله ,وهكذا يسير الحوار حتى ينتهي به المطاف إلى توضيح مفاهيم الموضوع, وبهذه الطريقة التي تعد من طرائق التدريس الرائعة تمكن سقراط ومن اتبع طريقته في التعليم من قبل تلامذته إلى تحرير العقل اليوناني الانقياد للأساطير والخرافات و الأوهام الذي كان سائداً في نمط التفكير. 
إما التعلم في العصور الوسطى فقد ساد التفكير الديني المستند إلى الكتاب المقدس في العصور الوسطى في أوربا ,لهذا كانت المناهج المفضلة هي العلوم الدينية واللغوية والتي كانت تدرس في الأديرة والكنائس,وبما إن العلوم الدينية تستمد أصولها من الكتب المقدسة وجب حفظها وكان ذلك هو مبدأ عملية التعليم,ومنها امتد إلى بقية العلوم الأخرى ,لذا كانت طريقة التعليم المتبعة في تلك الحقبة طريقة الإلقاء من قبل المعلم أو رجل الدين والحفظ والاستظهار من قبل المتعلم.
إما طرائق التعلم في عصر الحضارة العربية الإسلامية فقد نهضت الحضارة العربية الإسلامية على مؤسسات تعليمية فردية وجماعية ,وكان عمودها الجوامع والمساجد وحوانيت الوراقين ودور الحكمة ,ومن ثم تطورت هذه المؤسسات بدورها لتكون مؤسسات حكومية منظمة فظهرت المدرسة بشكلها المنظم أواخر الحكم العباسي وأنشئت المدرسة النظامية والمدرسة المستنصرية وغيرها من مؤسسات التعليم الإسلامية ,إما طريقة التعليم التي كانت متبعة  فيها هي طريقة المحاورة والمناظرة والتلقين,كما إن للمفكرين العرب الدور الأول والريادي في ميدان التربية وطرائق التدريس ليس على المستوى العربي فقط بل على المستوى العالمي أمثال ابن خلدون والغزالي والقابسي وابن جماعة و الزرنوجي وابن سحنون وغيرهم الكثير,إذ استطاع الغرب الاستفادة من أرائهم التربوية في صياغة وإعداد النظريات التربوية الغربية وخير مثال على ذلك أورد لكم أراء الغزالي في بيان أنواع طرائق التدريس وكيفية استخدام الملائم منها مع مستوى المتعلم ووفقا لموقفها التعليمية: 
  1. أسلوب الأبوة الحانية أو الشفقة والعطف.
وفيه أكد على وجوب استخدام المعلم لهذا الأسلوب مما يجعله بمثابة الأب الروحي للمتعلم ويتفوق تأثيره على اثر الأب الحقيقي.
  1. أسلوب الإثارة وتحفيز الدافعية.
وهو الأسلوب الذي يجعل المتعلم وبالذات الصغير  المبتدى أكثر ميلاً وحباً للتعلم والجد نتيجة لمدح المعلم وتشجيعه له وإشباع ميله نحو اللعب.
  1. أسلوب تفريد التعليم بحسب استعدادات وقدرات المتعلم.
أي إن التعليم يتم حسب استعدادات المتعلم وقدراته وهذا ما نادت به التربية الحديثة,أي إن الغزالي هنا أشار إلى موضوع وجود الفروق الفردية بين المتعلمين التي تتعلق بالذكاء والقدرات وانه يجب مراعاتها خلال عملية التعليم.
  1. أسلوب التدرج في التعليم والتوجيه.
إذ يوقد الغزالي على ضرورة إتباع المعلم خلال عملية التعليم التدرج والتباين في مستوى صعوبة المعرفة وعلومها,أي إن الحصول على معرفة ما يجب إن يتم من خلال البدا بالأسس ثم الانتقال إلى المستويات العليا ثم إلى الأكثر تعقيداً منها,ومن المحسوس إلى المجرد.
  1. أسلوب القدرة العملية التحسين سلوك المتعلم.
ضرورة تطبيق المتعلم لما تعلمه من علم ومعرفة ,فالعلم المجرد لا يفيد المتعلم ما لم يوظف بشكل عملي تطبيقي, وفي هذا يوجب الغزالي على المعلم إيجاد هذا النوع من التعلم لتلامذته 
 

شارك هذا الموضوع: