مقال بعنوان
التعلم
م.م هند مفتن رحم
جامعة كربلاء – كلية التربية للعلوم الإنسانية
قسم العلوم التربوية والنفسية \ إدارة تربوية
إن الأنسان أكثر الكائنات الحية حاجة الى التعلم كما أنه أقدرها على ذلك فالحيوانات تولد مزودة بالفطرة بأنماط سلوكية تعرف بالغرائز كغريزة بناء العش والهجرة من مكان لآخر عند الطيور والأسماك وكغريزة ادخار الطعام عند النمل وهي أنماط تكفي لا شباع حاجاتها وتمكنها من التكيف لبيئاتها المحدودة والضيقة نسبيا .
..أما الأنسان فلا يوجد لديه عند ولادته إلا النزر القليل من هذه الأنماط السلوكية الفطرية وهي لا تتعدى عملية الرضاعة والزحف والمشي والقبض على الأشياء باليد وإصدار الأصوات لذا كان عجزه عند ولادته عن مواجهة مطالب الحياة المادية والأجتماعية أكبر من أي حيوان آخر ومن ثم كان لزاما أن تطول مدة حضانته ورعايته حتى يتعلم ويكتسب أنواع من السلوك تمكنه من إرضاء دوافعه وحاجاته التي لا حصر لها وتمكنه من العيش في بيئته الأنسانية المعقدة المتغيرة التي تتطلب مرونة بالغة في التكيف والتوافق .
من ذلك نستطيع تعريف التعلم بأنه تغير ثابت في السلوك والخبرة ينجم عن النشاط الذاتي للفرد وليس نتيجة للنضج الطبيعي أو ظروف عارضة .
إن هذا التغير له ميزات كثيرة منها :
1ـ أنه تغير ثابت أي يبدو أثره في نشاطات الفرد التي تعقب التعلم بحيث يميل الفرد الى أن يعمل أو يفكر أو يشعر كما عمل أو فكر أو شعر من قبل .
2ـ أن الثبات في سلوك المتعلم نسبي وغير مطلق إذ قد ينسى الفرد شيئا تعلمه أو يتغير ويتحول في ضوء خبراته التالية .
3ـ أنه تغير ينجم عن مواجهة الفرد موقف جديد وقيام الفرد نفسه بنشاط يكسبه خبرة جديدة أي ينتج عن الممارسة والتدريب أو الملاحظة والمحاكاة فكل تعلم هو نشاط ذاتي .
للتعلم شروط ثلاثة لا يتم إلا بدونها:
1ـ وجود الفرد أو الكائن الحي أمام موقف جديد أو عقبة تعترض إرضاء دوافعه وحاجاته أي أمام مشكلة يتعين عليه حلها.
2ـ يجب أن يكون هناك دافع يحمل الفرد على التعلم.
3ـ بلوغ الفرد أو الكائن الحي مستوى من النضج الطبيعي يسمح له بالتعلم.
التعلم والنضج: إن التعلم يتطلب ممارسة وتدريب أو ملاحظة الفرد لأداء غيره لكنه يتوقف إلى حد ما على مستوى النضج الذي بلغه الفرد ،فالمشي عند الأطفال نتيجة نضج لا تعلم لأن الطفل يستطيع المشي دون تدريب متى مابلغ جهازه العضلي وجهازه العصبي درجة من النضج تسمح له بهذا النشاط وكذلك في قدرة الطفل على النطق ببعض الأصوات وكذلك القدرة على التخيل والتفكير والحفظ ..فكل تلك القدرات تنمو عند الفرد بتقدم العمر دون أن يتدرب عليها لكن هناك استعدادات وقدرات لا يمكن أن تنمو أو أن تظهر إلا بتدريب وتعليم خاص مثل السباحة أو حل المعادلات الرياضية أو العزف على آلة موسيقية .
انواع التعلم
1ـ التعلم المبرمج
التعلم المبرمج طريقة للتدريس او للمراجعه تقدم فيه المواد المراد تعلمها في خطوات متتابعة ومخططة بصورة جيدة اما عن طريق مراجع او حاسبات الية ويطلب من الافراد ان يستجيبو لمشكلة معينة وبعد ذلك يراجعون اجاباتهم عنها لتحديد صوابها او خطئها وتحقق الاجابة التغذية الراجعة او التدعيم الفوري.
2ـ التعلم بالملاحظة
وضع نظرية التعلم بالملاحظة عالم النفس الامريكي(البرت باندورا) ولها اسماء عديده(التعلم عن طريق الاقتداء او القدوه والتعلم بالمحاكاة) والافتراض الاساسي هنا ان قطاعا كبيرا من التعلم يعتمد على ملاحظه الكائن العضوي لسلوك غيره من افراد جنسه وان جانبا كبيرا من استجابات الانسان يتم لمجرد ملاحظة غيره من الناس مثل تعلم السباحه والسياقه والرمي بالمسدس.
3ـ التعلم بالحاسب
دخل الحاسب كافة مجالات الحياة ومنها مجال التعلم فيدلا من شرح المدرس للتلاميذ ومذاكرتهم وتقييمه لهم الامتحان فقد دخل الحاسب ليحل محل المدرس في كثير من مجالات التعليم كالعلوم وادارة الاعمال الهندسية.
4ـ التعلم المعرفي
ويبرز دور العمليات المعرفية أي كيف يدرك المتعلم الموقف وينظمه ويحتفظ بالمعلومات من جهة يهدف الى اتقان موضوع جديد.
ويرى علماء النفس المعرفيون ان التعلم وبخاصة على المستوى الانساني لا يمكن ان يفسر بشكل مرضي على ضوء الروابط الشرطية ويفترض ان المتعلم يكون تركيبا معرفيا في ذاكرته بحيث يحفظ المعلومات وينظمها عن مختلف الاحداث التي تحدث في موقف التعلم وعندما يختبر الفرد لتحديد مدى تعلمه فأن الفرد يأخذ هذا المنبه(السؤال) ويفحصه على ضوء ذاكرته لتحديد الفعل المناسب ويعتمد ما يفعله على كل من التركيب المعرفي الذي استرجعه من ذاكرته وعلى السياق الذي حدث فيه الاختبار ومن ثم تختلف استجابة المفحوص تبعا لكل من طبيعة موقف الاختبار وذاكرته للأحداث السابقة وهي تعتمد على العمليات المعرفية الكامنة..