التغيرات في التنوع البيولوجي في جنوب العراق: التأثيرات والجهود المبذولة للحفاظ عليه
م.م أنفال خضير عباس خلف الحداد 
anfaal.k@uokerbala.edu.iq
       قسم الجغرافية التطبيقية -كلية التربية للعلوم الإنسانية -جامعة كربلاء
 
         يشير مصطلح التنوع البيولوجي إلى مجموعة متنوعة من الكائنات الحية الموجودة في النظام البيئي. يتضمن هذا التنوع التباين في التركيبة الجينية بين أفراد نوع ما، ووجود أنواع مختلفة داخل مجتمع ما، وتنوع المجتمعات داخل نظام بيئي أو منطقة حيوية. وهو يشمل التنوع الوظيفي والتصنيفي والبيئي. التنوع البيولوجي أساسي للتنوع البيولوجي.، التنوع البيولوجي هو أمر أساسي للعمل الشامل للنظم البيئية، من الإنتاجية إلى المرونة، وهو مصدر لخدمات النظم البيئية. هذه الخدمات، مثل تنقية المياه والهواء أو تنظيم الآفات، تدعم حياة الإنسان وسبل عيشه وصحته ورفاهته. لقد تشكلت تضاريس أراضي العراق على مدى ملايين السنين من خلال العديد من التغيرات المناخية ورواسب مستنقعات بلاد ما بين النهرين، والتي تعد في حد ذاتها جزءًا مهمًا من النظم البيئية الأرضية التي كانت ولا تزال فريدة من نوعها، و تتراوح مناطق النباتات من منطقة مناخ البحر الأبيض المتوسط ​​في الجزء الشمالي إلى الصحراء العربية الصحراوية في الجزء الجنوبي من البلاد. إلى جانب التاريخ الجيولوجي.
        كما و تتأثر أنماط التنوع أيضًا بالموائل مثل أنظمة الأنهار والبحيرات والجزر البحرية. ونتيجة للكائنات الحية الفريدة والمتنوعة في أرض العراق، فإن استدامة هذه الموارد الطبيعية تعرضت للتهديد الشديد من قبل الأنشطة البشرية، و كما هو معروف   يُعد جنوب العراق، الذي يضم أهوار بلاد ما بين النهرين والعديد من النظم البيئية الفريدة، من المناطق التي شهدت فقدانًا كبيرًا للتنوع البيولوجي نتيجة للأنشطة البشرية، والتغير المناخي، والصراعات المستمرة. يتناول هذا المقال التأثير البيئي لهذه التغيرات، بما في ذلك تدمير المواطن الطبيعية، وانخفاض أعداد الأنواع، وتدهور النظم البيئية. كما يُبرز المقال المبادرات التي تهدف إلى استعادة التنوع البيولوجي والتخفيف من الأضرار البيئية.
        يشتهر جنوب العراق بتنوعه البيولوجي الفريد ونظمه البيئية الغنية مثل أهوار بلاد ما بين النهرين، وهي موطن للعديد من الأنواع المستوطنة والمهاجرة. ومع ذلك، فقد شهدت هذه المنطقة تحديات بيئية كبيرة تفاقمت بسبب التدخل البشري، والتغير المناخي، والصراعات الجيوسياسية. أثرت هذه الضغوط بشكل كبير على التنوع البيولوجي في المنطقة، مما يهدد التوازن البيئي وسبل العيش. ، وتشمل التغيرات البيئية الرئيسية: 
1-تدمير المواطن الطبيعية:
    تُعتبر أهوار بلاد ما بين النهرين من أكبر النظم البيئية الرطبة في العالم، لكنها تعرضت لتدمير واسع النطاق. خلال التسعينيات، نُفذت مشاريع تجفيف واسعة النطاق لتحويل المياه بعيدًا عن الأهوار، مما أدى إلى فقدان أكثر من 90٪ من هذه الأراضي الرطبة. تسبب هذا التدمير في نزوح الحياة البرية، بما في ذلك الأنواع المائية والبرية المستوطنة، وأضر بالوظائف البيئية الحيوية مثل تنقية المياه وتنظيم الفيضانات.
2-انخفاض أعداد الأنواع:
تعاني العديد من الأنواع في جنوب العراق من تهديدات بالانقراض أو الانقراض المحلي. تشمل الأنواع المهددة السلحفاة رخوة الصدفة الفراتية (Rafetus euphraticus)، وعصفور القصب البصري (Acrocephalus griseldis)، وغراب بلاد ما بين النهرين (Corvus cornix capellanus). كما أن الإفراط في الصيد وتلوث المياه أثرا بشكل كبير على التنوع الحيوي المائي.
3-التلوث والتغير المناخي:
      أدى استخراج النفط، والنفايات الصناعية، والجريان الزراعي إلى تدهور جودة التربة والمياه. كما أدخلت المواد السامة إلى النظم البيئية المائية، مما تسبب في انخفاض أعداد الأسماك وتدهور نوعية المياه. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الأمطار المرتبطة بالتغير المناخي في تفاقم التصحر ونقص المياه، مما زاد من الضغط على النظم البيئية.
       ومن  الجدير بالذكر ان أسباب فقدان التنوع البيولوجي  الصراعات والحروب: التي أثرت عقود من الحروب وعدم الاستقرار على التنوع البيولوجي بشكل مباشر وغير مباشر، بما في ذلك تدمير الأراضي وتدهور المواطن الطبيعية.
، كما ويعد  سوء إدارة الموارد المائية أدى بناء السدود في أعالي نهري دجلة والفرات إلى تقليل تدفق المياه إلى الأهوار، مما قلل من توفر الموارد المائية.، فضلا عن  الاستخدام المفرط للموارد: أثرت الممارسات غير المستدامة مثل الإفراط في الصيد، والصيد الجائر، والرعي المفرط على استدامة النظم البيئية..
 لذا برزت الجهود المبذولة للحفاظ على التنوع البيولوجي ويمكن تلخيصها الى ما يلي : 
1-استعادة أهوار بلاد ما بين النهرين:
منذ عام 2003، بدأت جهود إعادة غمر الأهوار، مما أدى إلى عودة تدريجية لبعض الأنواع البرية والنباتية. كما ساهم إدراج الأهوار ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2016 في تعزيز جهود الحماية.
2-برامج حماية الأنواع:
تشارك منظمات محلية ودولية مثل منظمةطبيعة العراقواتفاقيةرامسارفي مراقبة الأنواع المهددة وحمايتها. تركز هذه البرامج على استعادة المواطن الطبيعية، ومنع الصيد الجائر، وتثقيف المجتمعات المحلية.
3-استراتيجيات التكيف مع المناخ: 
تشمل الجهود لمكافحة التصحر وتحسين إدارة الموارد المائية تبني ممارسات زراعية مستدامة وزراعة الأشجار.
الاتجاهات المستقبلية لحماية التنوع البيولوجي في العراق : 
       كما هو معروف يتطلب التصدي لفقدان التنوع البيولوجي في جنوب العراق نهجًا متعدد التخصصات يجمع بين استعادة النظم البيئية، والتنمية المستدامة، والتعاون الإقليمي. تشمل الاستراتيجيات الرئيسية
تعزيز السياسات البيئية وتطبيق القوانين لحماية المواطن الطبيعية.
توسيع البحث حول التأثيرات البيئية للتغير المناخي والأنشطة البشرية.
تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في جهود الحفظ لضمان ممارسات مستدامة.
الخاتمة
     يمر التنوع البيولوجي في جنوب العراق بمرحلة حرجة نتيجة لتدمير المواطن الطبيعية، وانخفاض أعداد الأنواع، والتدهور البيئي. وعلى الرغم من إحراز تقدم في استعادة أهوار بلاد ما بين النهرين وحماية بعض الأنواع، إلا أن هناك حاجة إلى جهود أكثر شمولية وتعاون دولي لضمان استدامة النظم البيئية على المدى الطويل. يمكن أن تسهم حماية التنوع البيولوجي في الحفاظ على التراث الطبيعي للعراق وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية..
المراجع
  1. Al-Hilli, M. R., Warner, B. G., Asada, T., & Douabul, A. A. (2009). An assessment of vegetation and environmental controls in the Mesopotamian Marshlands of southern Iraq. Wetlands Ecology and Management, 17(6), 593-602.
    2. Richardson, C. J., & Hussain, N. A. (2006). Restoring the Garden of Eden: An ecological assessment of the marshes of Iraq. BioScience, 56(6), 477-489.
    3. UNEP. (2022). Protecting biodiversity in conflict-affected regions. United Nations Environment Programme.
    4. Nature Iraq. (2023). Biodiversity conservation efforts in southern Iraq. Retrieved from www.natureiraq.org.

شارك هذا الموضوع: