التفكــــير
ا.د. اوراس هاشم الجبوري /العلوم التربوية والنفسية
فطر الله سبحانه وتعالى آدم وذريته من بني البشر على التعلم، وميزهم عن سائر الخلق بنعمة العقل، أول وأجل النعم، به يهتدي العبد إلى ربه، وبه أيضا تُعرف الآيات والسنن التي أودعها الخالق كونه، وبه يعيش الفرد وفق خياراته، فيستغل ما أودع الله فيه من قدرات، ويستثمرها بما يعود عليه بالنفع أولا وعلى مجتمعه ثانيا .
إن إعداد الطالب للعيش في مجتمع سريع التغير، يتطلب من المهتمين بالتربية أن يساعدوه على التكيف مع هذا المجتمع، من خلال إتاحة الفرصة أمامه، وتدريبه على حل المشاكل التي تواجهه بنفسه، ويمكن تحقيق ذلك إذا احترمنا طرق تفكيره وكشفنا عن طاقاته الكامنة، من خلال توجيهها إلى الطرق التي تجعل هذا الطالب حالا لما يقابله من مشاكل، ومتكيفا مع بيئته التي يعيش فيها.
والعقل وظيفة ونشاط للمخ وليس عضوا، وهو يتحكم في سائر أعضاء الجسد، وينمو في مجال النشاط الجسمي والاجتماعي أثناء المرور بالخبرة، ونشاطه عبارة عن تكوين مجموعة من المعاني المنظمة المتكونة نتيجة لأنشطة سابقة ( عملية التفكير)، ووظيفته اقتراح الحلول المناسبة للمشاكل التي تعترض حياة ذلك الفرد (ناتج عملية التفكير). وإذا كنا متفقين على أنه لا يمكن التفكير بدون معرفة، فإن هذا يعني أن المعرفة هي الوسيلة الوحيدة لتوجيه حياة الفرد بطريقة تمكن العقل من القيام بنشاطه في تكوين وترتيب المعاني بطريقة تمكنه من توليد معارف جديدة، ولتنفيذ وظيفته في إنتاج الحلول الإبداعية لمشاكله في ظل التفاعل المثمر مع المحيط. فالتفكير هو حركة العقل التي يؤديها الإنسان, بهدف الوصول إلى الأفكار، والذكريات، واتّخاذ القرارات، وأي فكرة عن شيء ما.
وإذا كان المجتمع يتكون من مجموعة من الأفراد الذين يتغلبوا على مشاكلهم بطريقة مثمرة لهم ولمجتمعهم، فإن هذا يعني أن المجتمع بكامله يتفاعل بطريقة منتجة تمكنه من مواكبات القفزات الحضارية، والتعايش مع المجتمعات الأخرى بأسلوب فاعل يحافظ به على المورث العقدي والاجتماعي والحضاري ويطوره. اذ يُعدّ التفكير من أهم القُدرات التي تُميّز الإنسان عن باقي الكائنات الحيّة، وتُمكّنه من مواجهة التحدّيات وتحقيق النجاح في مختلف جوانب الحياة.
في الواقع، ان التفكير هو القُوّة الدافعة وراء التطوّر الثقافي والتقني، والاكتشافات العلميّة والإبداعات الفنية,وعلى مر العصور، تطوّرت فهمنا للتفكير وأساليبه، وأصبحنا نُدرك أنّه ليس مجرد عمليّة عقليّة بسيطة، بل هو نظام مُعقّد من العمليات الذهنية، تُؤثّر فيه العواطف والذكريات والخبرات السابقة و التجارِب الشخصيّة.
إن طبيعة هذا العصر تحتاج بشدة إلى مفكرين غير تقليديين، بل مفكرين يتميزون بمهارات تتلاءم مع هذا العصر، لأن هذا العصر يعتبر عصر الإبداع، لذلك ازداد الاهتمام في الآونة الخيرة بموضوع تحسين وتطوير مهارات التفكير العليا لدى الطلبة في جميع المراحل ، الأمر الذي حثت عليه الأبحاث والدراسات الحديثة.وهُناك العديد من أنواع التفكير المختلفة، ومنها( حل المشكلات- التفكيرالمنطقي – التفكير الابداعي)