يفيد مصطلح التقويم في كلِّ المعاجم العربيَّة – على تعدُّد مشتَّقَّاته – المعاني التالية:
تقدير الشيء، وإصلاح اعوجاجه،التدبير والتسيير.
ويفيد الإقامة؛ أي: الإتمام والإكمال، وفي الحديث النبوي الشريف: ((تسوية الصَّفِّ من إقامة الصلاة))؛ أي: من تَمَامها وكَمَالها.
ويفيد في المجال التعليمي (البيداغوجي): “إصدار حُكم على مدى وُصُول العمليَّة التَّعليميَّة إلى أهدافها، وتحقيقها لأغْراضها، والكَشْف عن مختلف الموانع والمعيقات التي تَحُول دون الوُصُول إلى ذلك، واقتراح الوسائل المناسِبة من أجْل تلافِي هذه الموانع”، وتوضح الخطاطة التالية سيرورة عملية التقويم:
أنواع التقويم
يُجمع أغلب المهتَمِّين بالشأن التربوي / التعليمي على أنَّ التقويم يصنَّف إلى ثلاثة أنواع:
أولاً: التقويم القَبْلي:يهدف إلى:
تحديد مستوى المتعلِّم تمهيدًا للحُكم على صلاحيتِه في مجال منَ المجالات؛ وذلك بناء على تقويم قبلي توظّف فيه اختبارات المعارِف والخبرات والقدرات أو الاستعدادات، ويَتَجَلَّى ذلك بشكلٍ كبيرٍ فيما تتبعه مثلاً أغلب المؤسَّسات التعليمية النموذجيَّة؛ لاختيار طلبة محدودين عن طريق المقابَلات الشخصية، وبيانات نقط المتعلم المحصل عليها إبان المواسم الدراسية السابقة، وفي ضوء هذه المُعطيات السابقة، تتولَّى اللجنة العلميَّة المكلفة بالانتقاء بإصْدار أحكام بمدى صلاحية المتعلِّم للدراسة التي تقدَّم إليها، أو الفصل الذي منَ المتوقع أن يدرس فيه.
فالتقويمُ القَبْلي يشخص للمدرس القدرات والمؤهلات العلمية والمهارية للمتعلِّم.
ثانيًا: التقويم البنائي:
وهو الذي يطلق عليه أحيانًا “التقويم التكويني أو التتابُعي”، ويعرَّف بأنَّه: العملية التقويميَّة التي يقوم بها المعلم أثناء عملية التعلُّم، وهو يبدأ مع بداية التعلُّم ويواكِبه أثناء سير الحصَّة الدراسية، وهي وسيلة يوظف المدرس للتحكم في العمليَّة التعليميَّة / التعلُّميَّة؛ أي: التحوُّل والتغيُّر الذي ينشأ أثناء التعلُّم.
إنَّ أبرز الوظائف التي يحقِّقها هذا النوع من التقويم هي:
توجيه تعلُّم التلاميذ في الاتجاه المرغوب فيه.
– تحديد جوانب القوة والضعف لدى التلاميذ، لعلاج جوانب الضَّعف وتلافيها، وتعزيز جوانب القوة.
-تعريف المتعلِّم بنتائج تعلُّمه، وإعطاؤه فكرة واضحة عن أدائه.
إثارة دافعية المتعلِّم للتعلُّم والاستمرار فيه.-
مراجعة المتعلِّم في المواد التي دَرَسها، بهَدَف ترسيخ المعلومات المستفادَة منها.-
تجاوُز حدود المعرفة إلى الفَهم، لتسهيل انتقال أثر التعلُّم.-
-تحليل موضوعات المدرسة، وتوضيح العلاقات القائمة بينها.
-وضع برنامج للتعليم العلاجي، وتحديد منطلقات حصص التقوية.
-تحفز المعلم على التخطيط للتدريس، وتحديد أهداف الدرس بصيغ سلوكيَّة، أو على شكل نتاجات تعلُّميَّة يُراد تحقيقها.
ثالثاً: التقويم الختامي أو النهائي أو الإجمالي:
ويقصد به العملية التقويمية التي يجري القيام بها في نهاية برنامج تعليمي.
هو تقويم بُعدي ختامي يتمُّ في آخر السنة الدراسية، ويحظى بأهمية في مدخل الكفايات؛ إذ:
-يُساعد على وضْع حصيلة ما تحقَّق من أهداف.
-يُمكِّن من الدقة في إعداد أنشطة الدروس الموالية.
يتيح إمكانيَّة وضْع خطة للدَّعم والتقوية.-
والتقويم الختامي إذًا يتم في ضوء محددات معينة، أبرزها تحديد موعِد إجرائه، وتعيين القائمين به والمشاركين في المراقبة ومراعاة سريَّة الأسئلة، ووضْع الإجابات النموذجيَّة لها.
خصائص أو شروط التقويم التربوي الهادف:
من الخصائص أو الشروط التي ينبغي العمل على توافُرها، لكي يؤدي التقويم وظيفته،
-ما يلي:
1- 1.أن يكون صادقًا أو صالحًا: بحيث يتم التوافُق بين وسيلة القياس وبين ما نريد قياسه فعلاً، وملاءمة الأسئلة للأهداف التعليميَّة.
2.أن يكون ثابتًا: أي أن يكون في إمكان التقويم إعطاء نتائج منسَجمة، الشيء الذي يضمن اتفاق المُصححين على تقدير نفس العلامة (النقطة)
أن يكون موضوعيًّا: أي استقلال نتائِجه عنِ الأحكام الذَّاتية للمصحح؛ لأنَّ ذلك يضعف درجة أمانة الامتحان، ويقوِّي ثقة المتعلِّمين في طريقة التقويم.
أن يكون هادفًا: بمعنى أن يتميَّزَ بأغراض تربوية واضحة محدَّدة..4
5.أن يكون عادلاً: أي يقوم على أساس احترام شخصيَّة المتعلِّم، بحيث يشارك في إدراك غاياته، أو يعتمد على أساس مراعاة الفُرُوق الفردية بين المتعلِّمين، حتى يتم إشراك الآخرين في بنائه.
أن يكون علميًّا: بمعنى أن يكون صادقًا وثابتًا وموضوعيًّا؛ من أجل إصدار أحكام سليمة..6
ان يكون اقتصاديًّا: أي الاقتصاد في النَّفَقات والجهد والوقت، عكس الامتحانات التقليديَّة
8.أن يكون مميزًا: بحيث يقوم على التَّمييز بين الأفراد والمستويات، وبذلك يتناوَل جوانب النمو والقُدرات والمهارات، حتى يعين على اكتشاف المواهب، والتعرُّف على نواحي الضَّعف والقوَّة.
9.أن يكون مستمرًّا: أي يتناول العملية التعليمية بجميع مكوناتها وأبعادها في ضوء واقع المتعلمين، ودراسة مختلف مراحل النمو العقلية والنفسية والاجتماعية، ودراسة المقررات والمناهج التعليمية.
10.أن يكون شاملاً: أي يهدف إلى معرفة الأهداف في شُمُوليتها؛ بقصْد التشخيص والعلاج والوقاية والتحسين، أي: أن يكون معتمدًا على وسائل وأساليب متعدِّدة، فالعمليَّةُ التعليمية تتضمَّن جوانب الخِبْرة ومستوياتها، وتتضمّن جوانب النمو وأهدافه المتنوعة.