التلوث البصري وأثره على البيئة الحضرية
م. د. نهى نعمة محمد الموسوي
جامعة كربلاء – كلية التربية للعلوم الإنسانية – قسم الجغرافية التطبيقية
    يتخذ التلوث اشكالا متعددة منها ما هو بيئي على مستوى مساحي واسع يشمل منطقة جغرافية كبيرة كالإقليم ومنها ما يرتبط بالبيئة الحضرية الذي تمثل المدينة الحيز الفعال .إذ تتعرض البيئة العمرانية في المدينة الى مجموعة من التغييرات المتلاحقة نتيجة للتطور السريع في مختلف النواحي الاقتصادية والتكنولوجية والإنسانية. ويواكب هذا التطور السريع تعرض البيئة لمختلف أنواع التلوث ومنها “التلوث البصري” الذي يؤدى إلى الشعور بعدم الراحة النفسية وفقدان الانتماء للبيئة المحيطة. 
      يقصد بالتلوث البصري جميع التشوهات الناتجة عن الاخطار المعمارية والتنظيمية والمخلفات المعمارية والعمرانية فضلا عن الظواهر التي هي في حد ذاتها مظاهر سلبية على البيئة والمجتمع ، وعرف ايضا على انه جميع عناصر البيئة التي يجدها المجتمع غير مناسبة او غير مقبولة وهو الحالة التي تحدث عندما يسبب أي عنصر بصري من عناصر البيئية المسيئة تشويها في الصور المحيطة بالإنسان مما يجعله يشعر بعدم الارتياح  النفسي وتختفي معايير التذوق الجمالي للبيئة من مباني وطرق وحدائق وارصفة.
    تتعدد أشكال الملوثات البصرية وتختلف أسباب ظهورها فتظهر في بعض الأحيان بسبب عدم توافر الإمكانات المادية أو عدم توافر الوعي العام ووسائل وأساليب المحافظة على البيئة بينما تظهر في أماكن أخرى نتيجة التطور السريع وعدم الوعي بأهمية توفير بيئة متناسقة وصحية نفسيا وتأثير ذلك على أهداف التطوير والتنمية العمرانية. ويمكن ايجاز اهم هذه الاسباب بما يأتي :- 
  • الأسباب الاقتصادية: بسبب ظهور نماذج معمارية مستحدثة متأثرة بالعمارة الغربية ، فضلا عن زيادة الهجرة من الريف الى المدينة مما سبب في ظهور العشوائيات ، اذ يعد حدوث التلوث البصري في الاحياء الفقيرة بسبب النقص بالإمكانات المادية والكثافة السكانية العالية ، والأوضاع المادية المتردية لعدد كبير من السكان  مما يؤدي الى استخدام مواد بناء تتعارض مع الطابع العام للمدينة او استعمال مواد مبهرة لذوي الدخل المرتفع بغرض التباهي او الجهل في استخدام المواد مما ينعكس سلبيا على المظهر العام .
  • الأسباب الإدارية : تتعدد الاسباب الإدارية ومن بين اهم الاسباب التي تسهم في التلوث البصري عدم وجود تخطيط تشريعي، وغياب تفعيل القوانين التي تسهم في الحفاظ على الطابع الحضاري والتاريخي الذي تمتاز به المدينة .
  • الأسباب الاجتماعية والثقافية: تنجم عن سلوك عدد من الافراد وقصور القوانين وضعف تطبيقها مما كان لها اثر واضح في البيئة العمرانية .
  • أسباب سياسية وامنية : تؤدي الاستثمارات التي تقرها السلطة المحلية ، وأصحاب القرار في المدينة بشكل مباشر وغير مباشر في زيادة مشكلة التلوث البصري .
  • أسباب ترتبط بمستحدثات العصر : تتمثل بالانفجار السكاني والانتشار التكنلوجي السريع فضلا عن ارتفاع أسعار الأراضي والاحوال الاقتصادية ومدى انعكاسه في صورة مباشرة في زيادة تلوث المدينة بصريا.
    هنالك عدة مظاهر للتلوث البصري في البيئة العمرانية ،إذ يشير التلوث البصري على انه التغير الذي يحدثه النشاط البشري ويؤثر على قدرة الناس على الاستمتاع بالمناظر الجميلة بشكل يصبح سببًا للتلوث البصري ومن بين اهم اشكاله ومظاهره :-
  • النفايات الصلبة : ان الانتشار غير المنتظم والعشوائي لحاويات القمامة ووضع القمامة في الأرض فضلا عن تواجدها بصوره غير مدروسة فأن القاء القمامة خارجها يزيد من التشوه البصري في المدينة.
  • الحركة المرورية : الناجمة عن عدم كفاية الطرق والشوارع على استيعاب الكثافة المرورية نظرا لارتفاع اعداد السيارات ، فضلا عن قطع الكثير من الطرق والشوارع الرئيسية لأسباب الصيانة او أسباب امنية .فضلا عن عدم توافر أماكن لوقوف السيارات ووقوف العديد من السيارات على جانبي الطرق .
  • تشابك اسلاك أعمدة الانارة في الشوارع: ان كثرة اسلاك أعمدة الشوارع وتشابكها وعدم وجود خط توصيل ارضي، يؤدي الى تكوين منظر مؤذي بصرياً.
مظاهر التلوث في المدن العراقية
  • انتشار الباعة المتجولين : يقصد بهم الباعة الذين يعرضون سلعهم على أرصفة الشوارع سوآءا افترشوا الأرض مباشرة أو استخدموا عربات .
    ختاما : يعد وجود بيئة صحية خالية من الملوثات البصرية اليوم امراً نادرا جدا في جميع المدن ومنها مدننا العراقية بصورة عامة ومدينة كربلاء بصورة خاصة والذي اصبح يشكل تحديا خطيرا يهدد سلامة البيئة الطبيعية والبشرية على حد سواء ونظرا لأهمية مدينة كربلاء من الناحية الدينية والسياحية وما تملكه من مكانة خاصة اذ تعد عامل جذب لملايين الزائرين لذا فان تفشي مشكلة التلوث البصري مشكلة حقيقية تعاني منها المدينة .

شارك هذا الموضوع: