التشريعات الدولية تسعى جاهدة لتحقيق التوازن بين الزوجين، مع الاعتراف بالتنوع القانوني والثقافي بين الدول، اذ أن الزواج حق طبيعي لكُل أنسأن وهو سنة من سنن الحياة وهو الطريق الوحيد لاستمرار الجنس البشري، بشرط أن يكون هذا الزواج يتم بالتراضي الكامل بين الطرفين، وبالتالي لا يجوز اجبار أي شخص على الزواج والا اعتبر العقد معيبًا لعدم وجود الرضا.
وبما أن عقد الزواج يضمن الحقوق والواجبات للطرفين سواءً اثناء الرابطة الزوجية أو عند انحلالها ، ولأهمية هذا الحق فقد اقرته المْواثيق الدولية لحقوق الأنسان، لا سيما الأعلان العالمْي لحقوق الأنسان في 10/ كانون الأول 1948، والعهد الدولي الخاص بشأن الحقوق المدنية والسياسية (1966) حيث جاء في المادة (16) من الأعلان العالمي لحقوق الأنسان بفقرتيها (2،1) التي نصت على “1- للرجل والمرآة متى بلغا سن الزواج حق التزويج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين ، ولهما حقوق متساوية عند الزواج واثناء قيامه وعند أنحلاله.2 -لا يبرم عقد الزواج الأ برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملا لا اكراه فيه ….” ، اذ أن الأسرة هي البيئة الأولى التي تضمن حقوق الزوجين والأطفال فمتى ما كانت الأسرة محفوظة ومحمية كانت حقوق الأطفال محمية ايضًا ، وتتمتع الأسرة من حماية تكون حصانة المجتمع مما يتهدده من مخاطر لأنها نواة المجتمع، اذ أن حماية الأسرة واعضائها مكفولة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، حيث اشارت المادة (17) إلى التدخل التعسفي في شؤون الأسرة .
وهذا ما اقر تأكيده العهد الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية (1966)، في المادة (23) حيث جاء فيه ” العائلة هي الوحدة الاجتماعية الطبيعية والأساسية في المْجتمع ولها الحق في التمتع بحماية المْجتمع والدولة.
يعترف بحق الرجال والنساء الذين في سن الزواج بتكوين اسرة.
لا يتم زواج بدون الرضاء الكامل والحر للأطراف المْقبلة عليه “.
أن المبدأ العام الذي جاءت به هذه المادة هو حق الرجل والمرأة الذين بلغوا سن الزواج في تكوين اسرة، وتأمين حماية المجتمع والدولة لها.
ونصت الفقرة (4) من المادة (23) من العهد الدولي على الدول أن تتخذ جميع التدابير المناسبة لتأمين المساواة بين الزوجين في الحقوق اثناء الرابطة الزوجية وعند الفسخ، وأن لا يكون هناك أي تمييز فيما يتعلق باكتساب الجنسية، أو فقدها بسبب الزواج، ويجب كفالة الاحتفاظ بالاسم الأصلي لأسرته واسرتها والاشتراك على قدم المساواة في اختيار اسم اخر للأسرة.
واثناء قيام الزوجية يجب أن يتساوى الزوجان في الحقوق داخل الأسرة، وتمتد هذه المساواة إلى جميع المسائل المتعلقة بهذا الرباط، مثل اختيار دار السكن، وادارة شؤون البيت، وتمتد هذه المساواة إلى أبعد من ذلك فيما يتعلق بالانفصال القانوني أو فسخ الزواج أو أي معاملة تمييزية متعلقة بأسباب أو اجراءات الانفصال أو الطلاق أو الحضانة أو النفقة.
كذلك اقرت اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرآة (CEDAW) (1979) التي وازنت بالحقوق بين الزوجين اذ جاءت بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق حتى تلك الخاصة بالعلاقة الزوجية حيث نصت المادة (16) على “1-تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
(أ) نفس الحق في عقد الزواج.
(ب) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفى عدم عقد الزواج الأ برضاها الحر الكامل،
(ج) نفس الحقوق والمْسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه،
(ح) نفس الحقوق والمْسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفى جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول،
(هـ) نفس الحقوق في أن تقرر، بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه، وفى الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق،
(د) نفس الحقوق والمْسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المْفاهيم في التشريع الوطني، وفى جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول،
(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمْهنة ونوع العمل،
(ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والأشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض.
على الرغم من التقدم المحرز في صياغة التشريعات الدولية وتبنيها لمبادئ التوازن بين الزوجين، الا ان التطبيق الفعلي لهذه المبادئ ما زال يواجه تحديات كبيرة ومتنوعة، فالتفاوت القانوني والثقافي بين الدول، والعنف ضد المرأة، والزواج المبكر والقسري هي بعض العوائق الرئيسية التي تعيق التوازن المنشود.
وفي الختام يمكن القول ان تحقيق التوازن في الحقوق بين الزوجين هو هدف سامٍ يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية فالمساواة بين الرجل والمرأة هي أساس لبناء مجتمعات عادلة ومتساوية.