زينب محمد جاسم 
ماجستير /علم النفس التربوي 
جامعة كربلاء 
 
                                التوافق النفسي
 
سئل الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه ..
 
ما أعظم جنود الله ؟؟
 
فقال : إني نظرت إلى الحديد فوجدته أعظم جنود الله ، ثم نظرت إلى النار وجدتها تذيب الحديد فقلت النار أعظم جنود الله ، ثم نظرت إلى الماء فوجدته يطفئ النار فقلت الماء أعظم جنود الله ، ثم نظرت إلى السحاب فوجدته يحمل الماء فقلت السحاب أعظم جنود الله ، ثم نظرت إلى الهواء فوجدته يسوق السحاب فقلت الهواء أعظم جنود الله ، ثم نظرت إلى الجبال فوجدتها تعترض الهواء فقلت الجبال أعظم جنود الله ، ثم نظرت إلى الإنسان فوجدته يقف على الجبال وينحتها فقلت الإنسان أعظم جنود الله ، ثم نظرت إلى ما يقعد الإنسان فوجدته النوم فقلت النوم أعظم جنود الله ، ثم وجدت أن ما يذهب النوم هو الهم والغم فقلت الهم والغم أعظم جنود الله ، ثم نظرت فوجدت أن الهم والغم محلها القلب فقلت القلب أعظم جنود الله ، ووجدت هذا القلب لا يطمئن إلا بذكر الله فقلت أعظم جنود الله ذكر الله الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب .
والتوازن يمكن أن يطلق عليه التعادل أو الأستقرار وهو ضد التغلب وعدم الثبات وعدم الاستقرار ، ويوصف الشئ بالثبات أو الاستقرار إذا كان ساكناً أو لا يتحرك أو لا يتغير أو لا يتقلب من حال إلى حال ، كمـــــــا توصف به الأبعاد إن بقيت على حالها دون زيادة أو نقصان ، أو الأحياء أن لم تتطور على متن الأجيال
وقبل أن نتعرض إلى التوازن النفسى سوف نتكلم عن التوافق النفسي ، فعلى الرغم من أهمية مفهوم التوافق إلا أنه لم يستقر بعد على تعريف محدد له فقد استخدم بمعان مختلفة ، كالتكيف في مجال العلوم البيولوجية أو التوافق في مجال الصحة النفسية أو العقلية .
 
أن التعدد في معانى هذا المفهوم يرجع إلى تباين رؤية البعض له وكثرة استخدامه في كثير من ميادين الفكر الإنساني
 
أول من استخدم هذا المفهوم كان في علم البيولوجي حيث كان مصطلح التكيف هو المصطلح السائد الاستخدام وكان هذا المفهوم هو حجر الأساس في نظرية التطور لداروين Darwan ، ولقد استعار علماء النفس المفهوم البيولوجي (التكيف وأعادوا تسميته بالتوافق Adjustnent ويمثل التكيف والتوافق معاً زاوية وظيفية للنظر إلى سلوك الإنسان والحيوان وفهمه وهذا يعنى أن السلوك ينظر إليه على أن له وظيفة التعامل أو التحكم في الحاجات التي تفرضها البيئة على الفرد .
 
ومن ثم فإنه يمكن فهم سلوك الإنسان أو الحيوان باعتباره عملية تكيف مع الأنواع المختلفة من الحاجات الفيزيقية أو عملية توافق مع الحاجات النفسية
 
بمعنى آخر يمكن القول أن العمليات البيولوجية التي تقابل متطلبات البيئة الطبيعية والتي تقاوم مخاطر العالم والتي تتم بفضل الأعضاء المتكيفة هي نشاط تكيفى ، وبالمثل فإن السلوك الإنساني الذي يقابل متطلبات البيئة الاجتماعية التي يعيش في ظلها الفرد هو نشاط توافقي ، والفرد يتعامل مع متطلبات وتوقعات عالمه الفيزيقي والاجتماعي .
 
فإذا ما نظرنا إلى الكائن الإنسانى نجد أنه ينمو من خلال تفاعل القوى الوراثية والقوى البيئية ، حيث تختلف الأهمية النسبية لكل منهما من شخص لآخر فتمتد لحظة الحمل بتفاعل كل جانب من جوانب البيئة المحيطة بالفرد مع الإمكانيات الفطرية التي أعطتها الوراثة وعند الميلاد يستجيب الفرد على أساس تكوينه أو مزاجه الذى يظل طيلة حياته كطبقة داخلية تؤثر جزئياً على استجاباته لكل دافع فيما بعد ، فلكل استجابة نتاج لمزج الخبرة ومع استمرار خبرة الفرد النامى بالواقع تبدأ تلك الكتلة البيولوجية غير المتحايزة مع التمايز ويظهر الأنا أو الذات 
وفي هذه العملية من تطور الأنا تنتظم الشخصية مع وجهة النظر السيكودينامية حول محور الحاجات البيولوجية والسيكولوجية وتصبح الوسائل التي يحاول بها الفرد إشباع هذه الحاجات عاملاً هاماً في تطور الأنا ولا مفر هنا من ظهور الإحباطات والصراعات ، ونظراً لأن الإحباطات والصراعات مؤلمة ومحملة بالتوتر فإنها تدفع الفرد نحو أفعال تعمل على تخفيف الضيق الناشئ حينئذ ، وتسمى هذه الأفعال ” عملية التوافق ” وهذه قد تكون شعور به أو لا شعور به ومن ثم فإن البيئة المحيطة بالطفل بما في ذلك أسلوب معاملة الآباء تعتبر عاملاً هاماً في تشكيل شخصيته ،
وتكوين اتجاهاته وميوله ونظرته للحياة ولهذا يجب علينا كمربيين أن نتفهم أحسن السبل للتعامل مع الفرد فى مراحل نموه الأولى لكي نضمن له نمواً سليماً ومتطوراً محققاً لحاجاته العضوية والنفسية والاجتماعية وهذا يتطلب
منا أن نبدأ بتهيئة الجو الصالح للطفل منذ ولادته ، وتتبع أفضل الوسائل التي تساعده على الانتقال من مرحلة الطفولة المبكرة حتى يصل إلى مرحلة
الرشد ، كما يتطلب ذلك الفهم الكامل لخصائص نموه فى النواحي البدنية العقلية والعاطفية والاجتماعية. 



شارك هذا الموضوع: