الثقافة التربوية للمدرس.
نجد أحيانا البعض من العاملين في الميدان التربوي يستعملون مفاهيم مصطلحات تربوية شائعة الذكر إلا إن لديهم اعتقاد خاطئ في كون هذه المفاهيم والمصطلحات تحمل نفس الدلالة والمعنى، وهذا يدل على عدم التعمق في قراءتها وفهم مدلولاتها.
وبما أن طلبتنا اليوم مقبلين على التطبيق الجمعي في المدارس يجب عليهم التسلح بثقافة تربوية رصينة، مما اوجب علي أن اذكرهم ببعض المفاهيم التربوية الشائعة في ميدان التربية والتعليم، وما هي مكنوناتها العلمية والاختلافات الجوهرية والدلالات التربوية فيما بينها.
وأول هذه المفاهيم هو التدريس الذي يعرف على انه كافة الظروف والإمكانيات التي يوفرها المدرس في موقف دراسي معين والإجراءات التي يتخذها في سبيل مساعدة المتعلمين على تحقيق الأهداف المحددة لموقف التعليمي، وهناك من يرى إن التدريس هو مجموعة من النشاطات التي يقوم بها المدرس في موقف تعليمي لمساعدة طلابه في الوصول إلى الأهداف التربوية المحددة.
أما مفهوم التعليم فهو عملية إكساب المتعلمين للمعارف والخبرات بينما يكون التعلم نتاج تلك العملية، فالمدرس يقوم بعملية التربية والتعليم، حيث انه ينقل لطلابه المعارف والحقائق، ويكون لديهم مفاهيم معينة، ويكسبهم العديد من الميول والاتجاهات والقيم والمهارات المختلفة,كما يسعى المعلم إلى إحداث تغيرات عقلية ووجدانية ومهارية أدائية لدى طلابه وهذا ما يسمى بعملية التعليم.
وهنا نجد من يظن أن التدريس والتعليم متشابهان ,أو إنهما بنفس المعنى ,لكن الحقيقة عكس ذلك حيث يوجد فرقاً بينهما ,فمفهوم التعليم هو تعبير شامل وعام ونستعمله في حياتنا اليومية في مواضع عديدة ,مثال أن يقول الفرد لقد تعلمت الكثير من قراءتي لهذا الكتاب أو من مشاهدتي لهذا الفيلم, أما مفهوم التدريس فانه يشير إلى نوع خاص من طرق التعليم ,أي انه تعليم مخطط له ومقصود ,ويمكن إن نحدد الفرق بين المفهومين في ان التدريس يحدد بدقة السلوك الذي نرغب في تعليمه للمتعلم ,ويحدد الشروط البيئية العلمية التي يتحقق فيها الأهداف ,إما التعليم فانه قد يحدث بقصد أو بدون قصد أو هدف حدد.
والمفهوم الأخر هو التعلم وهو كل ما يكتسبه الإنسان عن طريق الممارسة والخبرة كاكتساب الاتجاهات والميول والمهارات الاجتماعية والحركية والعقلية، والتعلم أيضا هو تعديل في السلوك أو الخبرة نتيجة ما يحدث في العالم أو نتيجة ما نفعل أو نلاحظ وأخير إن التعليم هو العملية بأكملها والتعلم هو ناتج هذه العملية.
إما معنى أسلوب التدريس فهو النمط التدريسي الذي يفضله مدرس ما خلال تدريس طلابه بالكيفية التي يراها من حيث توظيفه طرائق التدريس بفاعلية تميزه عن غيره من المعلمين الذين يستخدمون نفس الطريقة التدريسية ومن إثارة اهتمام طلبته لموضوع الدرس ونوعية الأمثلة التي يطرحها لهم للتوضيح، ومن ذلك نستنتج أن الأسلوب التدريسي يرتبط بصورة أساسية بالخصائص الشخصية للمدرس وثقافته وخبرته المهنية.
إما مفهومي طريقة التدريس فهي الأداة أو الوسيلة أو الكيفية التي يستخدمها المدرس في توصيل محتوى المنهج المدرسي للدارسين إثناء قيامه بالعملية التعليمية، في حين إن مفهوم إستراتيجية التدريس فهي عبارة عن مجموعة من الطرائق والإجراءات والوسائل التي تستخدم من قبل المدرس ويودي استخدامها إلى تمكين المتعلمين من الإفادة من الخبرات التعليمية المخططة وبلوغ الأهداف التربوية المنشودة.
وفرق ما بين الإستراتيجية وطريقة التدريس إن إستراتيجية التدريس تتصل بالجوانب التي تساعد المدرس على إحداث التعلم الفعال لدى الطلبة كاستعمال طرائق التدريس الفعالة ,واستغلال دوافع المتعلمين ومراعاة استعداداتهم وحاجاتهم وميولهم وتوفير المناخ الملائم والشروط المناسبة للتعلم,إما الطريقة هي احد هذه الوسائل التي توظفها الإستراتيجية التدريسية ,مثال على ذلك,عند تدريس تاريخ العراق المعاصر فان المدرس هنا يحدد الأهداف والإجراءات والأنشطة التي يقوم بها في الدرس لإحداث التعلم لدى طلبته ,فيبدأ درسه باستعمال طريقة الإلقاء ثم يتبع بعد ذلك استعمال فيلم سينمائي وثائقي عن تاريخ العراق,ومن ثم مناقشة طلابه بما ورد في الفيلم ومقارنته بما ورد في المنهج المقرر دراسته,وقد يكلف المدرس طلبته في نهاية المحاضرة بكتابة تقرير عن الحقبة التاريخية موضوع الدرس.وهذا خير مثال عن الإستراتيجية التدريسية التي تدلل على شموليتها وعموميتها قياسا بالطريقة التدريسية.