الجغرافية التاريخية لمدينة قرمونة
ان للطبيعة الجغرافية للأندلس دور مهم لنشوء الحضارة، وتواجد السكان في تلك المنطقة منذ قديم الزمان، وعرفت الاندلس بكثرة خيراتها وثرواتها الطبيعية، فكانت من ناحية التقسيم الاداري كورة واسعة تضم مدنا اخرى وحصونا كثيرة، ومن اهم مدنها مدينة قرمونة.
تعد مدينة قرمونة جوهرة أندلسية  تقع جنوب إسبانيا، ضمن إقليم الأندلس، وعلى بعد حوالي 30 كيلومترًا شرق مدينة إشبيلية. تمتاز بموقع استراتيجي على تلة مرتفعة تطل على سهل خصب، مما جعلها مركزًا حيويًا عبر العصور المختلفة، بدءًا من الفينيقيين والرومان، مرورًا بالحكم الإسلامي، وصولًا إلى العصر الحديث.
قرمونة تعني  باللغة اللاتينية كار مويه وتعني “صديقي” وهي من حصون الاسلام المشهورة، وتمثل الجزء السادس من الحدود التي وضعها قسطنطين اذ تعد من اجمل بقاع الاندلس .
   مدينة في الاندلس كبيرة قديمة تقع على سطح جبل محصنة بالأسوار وهي كورة مشهورة بكثرة المحرث وطيبه، وهي مدينة من جهة ضخامة الاسواق والحمامات، ومعقل عظيم من جهة الارتفاع والمنعة، لا ترام بقتال، وهي من حصون الاسلام المشهورة تضم مدنا وحصونا عديدة ومن اهم مدنها هي مدينة مورور وهي مدينة قديمة ازلية لا يعرف من بناها.
  وهي في سفح جبل عليها سور حجارة من بنيان الاول كان تثلم في الهدنة، ثم بنى في الفتنة وجنباتها حصينة ممتنعة على المحاربين الا من جهة المغرب، وارتفاع سورها هناك اربعون حجرا وبالذراع ثلاث واربعون ذراعا وفي هذا السور الغربي برج يعرف بالبرج الأجم عليه ينصب العرادات عند القتال وفي ركن هذا السور ايضا مما يلي الجوف بنيان مرتفع على السور يسمى سمر ملة عليه برج للمحاربين، وتحته مرج نضير لا ينهشم ولا يصوح كلاه، ويتصل بهذا السور خندق عميق جدا اولى وترابه مستند الى السور وفي السور القبلي موضع فيه صخرة عظيمة منيعة منتصبة كالحائط يحسر عنها الطرف من علوها، والسور مبني فوقها وقد بقى منها دونه قدر ممشى الرجل فيتدلى من هناك الرجال لاصطياد فراخ الطير من صدوع تلك الصخرة وفي هذا السور القبلي باب يعرف بباب يرني نسب الى قرية بإزائه تسمى يرني.
اصبحت قرمونة في العصر الإسلامي جزءًا من الأندلس بعد الفتح الإسلامي في القرن الثامن الميلادي. ازدهرت المدينة خلال حكم الأمويين والمرابطين والموحدين، حيث كانت معقلًا دفاعيًا ومركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا. شيّدت فيها القلاع والتحصينات التي لا تزال بعض آثارها قائمة حتى اليوم، مثل قلعة قرمونة التي بناها المسلمون لتعزيز دفاعات المدينة.
عُرفت قرمونة بازدهارها الزراعي والصناعي، وخاصة في صناعة الفخار والنسيج، كما كانت محطة تجارية تربط بين قرطبة وإشبيلية. كما أنجبت المدينة العديد من العلماء والمفكرين الذين ساهموا في العلوم والفلسفة الإسلامية. في عام 1247م، سقطت قرمونة في يد الملك فرناندو الثالث، ضمن حملة الاسترداد المسيحية. بعد ذلك، تغير الطابع العمراني والثقافي للمدينة، حيث شُيدت الكنائس والأديرة فوق المساجد القديمة، لكن الكثير من العمارة الإسلامية ظلت شاهدة على العصر الإسلامي للمدينة.
اما اهم المعالم البارزة في قرمونة فتشمل: 
  1. قلعة قرمونة : وهي من أبرز معالم المدينة، بناها المسلمون، ثم أعاد الإسبان ترميمها وتحويلها إلى قصر ملكي.
  2. الأسوار القديمة : التي تعكس الطراز الدفاعي الإسلامي، وتُعد من أقوى التحصينات في الأندلس.
  3. بوابة إشبيلية : وهي إحدى البوابات التاريخية المهمة التي كانت جزءًا من الدفاعات الإسلامية.
  4. المدينة القديمة : تضم شوارع ضيقة ومنازل ذات طراز أندلسي تعكس أصالة العمارة الإسلامية.
تعد قرمونة اليوم وجهة سياحية مهمة في إقليم الأندلس، حيث تجذب الزوار بسبب آثارها الإسلامية والرومانية، فضلاً عن طبيعتها الخلابة وموقعها الفريد. كما أنها تحتفظ بالكثير من العادات والتقاليد التي تعكس ماضيها الإسلامي والعربي.
تمثل قرمونة نموذجًا لتداخل الحضارات التي مرت على الأندلس، إذ تجمع بين التأثيرات الإسلامية والمسيحية والرومانية في مزيج تاريخي فريد. ورغم مرور القرون، لا تزال هذه المدينة تحتفظ بروحها الأندلسية، مما يجعلها وجهة تاريخية تستحق الاهتمام والدراسة.

شارك هذا الموضوع: