الحمضيات : نظرة عامة
م.م الاء جاسم محمد
كلية التربية للعلوم الإنسانية
قسم الجغرافية التطبيقية
  الحمضيات ” Citrus ” اسم مشتق من الشكل اللاتيني لكلمة “Kedros” ، وهي كلمة يونانية تدل على الأشجار مثل الأرز والصنوبر والسرو(نوع من أنواع الصنوبر)، وبناءً على معيار التصنيف الذي رسمه عالم النبات الشهير لينيوس، فإن جميع أنواع الحمضيات المعروفة لديه تنتمي الى جنس الحمضيات وهي أنواع دائمة الخضرة تنتمي الى رتبة Geraniales وعائلة  Rutaceae (1) .
       تمت صياغة فرضيات مختلفة حول تاريخ الحمضيات وأصلها الجغرافي، لكن يُعتقد أن جميع الأنواع التي تنتمي إلى الحمضيات والأجناس المرتبطة بها نشأت في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في جنوب شرق آسيا – شمال شرق الهند وجنوب الصين وشبه الجزيرة الهندية الصينية – وأرخبيل الملايو ومن ثم انتشرت إلى قارات أخرى (2)، لقد تمت زراعتها من عصور بعيدة، وأشكال النموذج الأولي لأهم الأنواع غير معروفة بشكل قاطع، وتمتد المساحة المزروعة من الحمضيات بين دائرتي عرض ْ40 شمالاً – ْ40 جنوباً (3).
       وقد تم تضمين أول إشارة بخصوص وجود الحمضيات في الصين في كتاب ‘Tribute of Yu’: خلال مملكة تا يو (من 2205 الى 2197 قبل الميلاد) فقد ظهرت أسماء الحمضيات في قائمة تكريم الواجب المرسلة الى البلاط الإمبراطوري في An- يانغ، وهي منطقة بالقرب من المنعطف الكبير في النهر الأصفر، إذ يشير المصطلح “تشو” الموجود في هذه الوثيقة الى الماندرين الصغير الحجم والبرتقال (فورتونيلا)، بينما يشير المصطلح “يو” الى البوميلو (الحمضيات الكبيرة) و “اليوزو” (الحمضيات جونو).
       وتنقسم أجناس الحمضيات الى البرتقال الحلو (C.Sinensis) واليوسفي (C.Reticulata) والجريب فروت (C.Paradisi) والبوميلو (او السندي) (C.Grandis) والليمون (C.Limon)، الليمون الحامض (C.Aurantifolia)، والكباد( او الإطرنج) (C.Medica) والبرتقال الحمضي (C.Aurantium) (4).
أنتاج الحمضيات وتوزيعها الجغرافي
       تحتل الحمضيات المرتبة الأولى دولياً في قيمة التجارة بين جميع الفواكه، وتزرع في 140 دولة (5)، وقدرت منظمة الأغذية والزراعة لعام 2007 إجمالي المساحة المزروعة بـ 8322605 هكتار، وإجمالي الإنتاج العالمي من الحمضيات بـ 116 مليون طن (6) .
      ومن الدول المنتجة الرئيسية هي البرازيل (915.056 هكتار) والمكسيك (524000 هكتار) والولايات المتحدة الأمريكية (376050) والأرجنتين (148500 هكتار)، حيث يزرع البرتقال والليمون والجريب فروت والعديد من اليوسفي، وتمتلك الصين أكبر مساحة مزروعة في العالم (2،008،700 هكتار) مع أنواع مختلفة من الحمضيات وخاصة اليوسفي و بوميلو (او السندي)، تليها الهند (690100 هكتار)، إيران (243،500 هكتار)، باكستان (192،700 هكتار)، تايلاند (97600 هكتار)، العراق ( 68،750 هكتار) واليابان (64،730 هكتار) حيث يتم إنتاج البرتقال والجريب فروت واليوسفي والليمون وأنواع الحمضيات الأخرى، وفي إفريقيا تمتلك نيجيريا أكبر مساحة لزراعة الحمضيات (732000 هكتار)، تليها مصر (137370 هكتارًا) والمغرب (79300 هكتارًا) وجنوب إفريقيا (69،980 هكتارًا)، حيث تتم زراعة البرتقال والليمون واليوسفي والجريب فروت، وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط، إسبانيا هي المنتج الرئيسي (313،850 هكتار)، تليها إيطاليا (173،009 هكتار) وتركيا (94،600 هكتار) واليونان (57،250 هكتار) وفلسطين (18965 هكتار).  
     تعد مجموعات البرتقال الحلو من أهم أنواع الحمضيات للاستهلاك الطازج والعصير في جميع أنحاء العالم، حيث تم إنتاج ما يقرب من 64 مليون طن في عام 2007 ، يليها اليوسفي (27 مليون طن) والليمون والليمون الحامض (13 مليون طن) والجريب فروت / بوميلو (5 مليون طن).
 متطلبات نمو الحمضيات
     تزدهر محاصيل الحمضيات جيداً في تربة عميقة وجيدة التهوية وخالية من أي طبقة صلبة من كربونات الكالسيوم في مناطق الجذر، كما إنها حساسة للغاية لظروف التربة الشديدة الرطوبة داخل منطقة الجذر ويؤدي الصرف السيء الى اختلال التوازن، ولا تجود الحمضيات في الاراضي المالحة ولا يمكنها الازدهار بشكل جيد في التربة المالحة – القلوية (7)، فضلاً عن ذلك فأن نوع التربة وتوافر المياه ووعي الفلاح وإمدادات المغذيات، يعتمد نمو ثمار الحمضيات وجودتها أيضاً على الظروف المناخية وأهمها درجة الحرارة والرطوبة النسبية والأمطار وسرعة الرياح وضوء الشمس.  
 القيمة الغذائية والطبية والاقتصادية للحمضيات 
      تم التنبه الى دور الحمضيات في توفير العناصر الغذائية والقيمة الطبية منذ العصور القديمة، إذ تشتهر ثمار الحمضيات برائحتها المنعشة وقدرتها على ارواء العطش وتوفر فيتامين C، بالإضافة الى حامض الأسكوربيك، وتحتوي الثمار على العديد من المواد الكيميائية النباتية، والتي تلعب دوراً في المستحضرات الصيدلانية، مثل الكاروتينات (الليكوبين والكاروتين) والليمونويدات وفل أفانون (نارينجين وروتينوسيد) ومركب فيتامين B والمواد المغذية ذات الصلة (الثيامين، ريبوفل أفين، حمض النيكوتينيك / النياسين، حمض البانتوثنيك، البيريدوكسين، حمض الفوليك، البيوتين، الكولين، والإينوزيتول)، وتعد مركبات الفونويدات من عصائر الحمضيات، خاصة تلك الموجودة في البرتقال واليوسفي والجريب فروت، وتكون فعالة في تحسين الدورة الدموية ولها خصائص مضادة للحساسية وللسرطان وللفيروسات (8) .
       تشكل المواد الصلبة الذائبة الكلية (10-20٪) من الوزن الطازج للفاكهة وتتكون أساساً من الكربوهيدرات (70-80٪)منها وكميات صغيرة من الأحماض العضوية والبروتينات والدهون والمعادن، يوجد السكروز والجلوكوز والفركتوز بنسبة عامة 2: 1: 1، تبرز السكريات في اليوسفي والبرتقال والجريب فروت، بينما الليمون والليمون الحامض غنيان بحمض الستريك، ويتواجد السكروز بكميات قليلة جداً في الليمون الحامض، وان محتوى الحمضيات من النشا لا يكاد يذكر، وتعد ثمار الحمضيات مصادر جيدة للبوتاسيوم الغذائي، فضلاً عن ذلك فإنها تحتوي على فيتامين A بكميات كبيرة وهو الفيتامين الوحيد القابل للذوبان في الدهون، كما يعد السليلوز، الهيميسليلوز، والبكتين مصدر للألياف الغذائية في ثمار الحمضيات، ويعد الأخير عنصر القابل للذوبان ويشكل حوالي (65-70٪) من إجمالي محتوى الألياف، ويوجد في كل من الأجزاء الصالحة للأكل من الفاكهة وفي المخلفات الغير صالحة للأكل مثل القشور، وتتكون الألياف غير القابلة للذوبان في الحمضيات من متعدد السكاريد وتلعب دوراً مهماً في النظام الغذائي للإنسان في الوقاية من اضطرابات الجهاز الهضمي بسبب قدرتها على الاحتفاظ بالماء (9) .
       تحتل زراعة الحمضيات مركزاً مهماً في الاقتصاد القومي لكثير من الدول، إذ إنها تعد من المكونات الأساسية التي يتم استخدامها في العديد من صناعات المواد الغذائية، كصناعة دبس الحمضيات، الزيوت، الكحول إيثيلي، القشور في محلول ملحي، منتجات التخمير والعطور، وتعد زيوت الحمضيات مهمة للغاية لتوابل الأطعمة والمشروبات ويتزايد استهلاكها بأكثر من ثلاثة في المائة سنوياً، وتحظى نكهات الحمضيات بشعبية في المشروبات وكذلك في المنتجات الحلوة النكهة الرئيسية المستخدمة في المشروبات الغازية كالكولا والليمون والبرتقال، وتشكل حوالي 80% من جميع المشروبات الغازية في العالم، إضافة الى ذلك يتم استخدام قشور بعض ثمار الحمضيات بشكل كامل تقريباً كعلف للحيوانات (10)
المصادر
1 ) Manuel Talon , et al, The Genus Citrus , Elsevier Inc, 2020,  p33.
2  (Iqrar Ahmad Khan, Citrus, CAB International, UK, 2007, p19 .
 (3Vincenzo Vacante, Citrus Mites, V. Vacante, UK, 2010, P3 .
 (4Leon A. Terry, Health-promoting Properties of Fruit and Vegetables, CAB International, UK, 2011, p90 .
5 ) Jules Janick, Horticultural Reviews, Volume 44, Wiley-Blackwell, USA, 2016, p318 .
 (6Leon A. Terry, Health-promoting Properties of Fruit and Vegetables,op.cit, p91 .
7 ( S. P. Ghosh, Citrus fruits, ICAR, New Delhi, 2016, p21.
 (8Milind S. Ladaniya, Citrus fruit, 1st , Elsevier Inc, USA, 2008,p1- p191.
  9) Benjamin Caballero, et al, Encyclopedia of Food and Health, Volume 1, Elsevier Ltd ,UK,2018, P138-139 .
( 10Giovanni Dugo, Angelo Di Giacomo, Citrus, 1st, Taylor and Francis, USA, 2002, p159,p539  .
 

شارك هذا الموضوع: