الدراسة الميدانية ودورها في تفعيل المواضيع الجغرافية
م.م أنفال خضير عباس خلف الحداد 
anfaal.k@uokerbala.edu.iq
       قسم الجغرافية التطبيقية -كلية التربية للعلوم الإنسانية -جامعة كربلاء
    تُعد الدراسة الميدانية جزءًا حيويًا في تعزيز فهم المفاهيم الجغرافية والمبادئ الأساسية لها. فهي تُساعد في ربط المعرفة النظرية بالتطبيق العملي، مما يوفر للطلاب والباحثين والمهنيين تجربة عملية تُثري عملية التعلم. من خلال الملاحظة المباشرة، وجمع البيانات وتحليلها، تُتيح الدراسة الميدانية فرصة أعمق لفهم الظواهر الجغرافية، مما يساعد على تطوير المهارات العملية اللازمة للتعامل مع التحديات الجغرافية المعقدة. يناقش هذا المقال أهمية الدراسة الميدانية وكيف يمكن تفعيلها في التعليم والبحث الجغرافي.
      ومن دور الدراسة الميدانية في الجغرافيا هو الفهم العملي اذ  تتيح الدراسة الميدانية الفرصة لفحص الظواهر الجغرافية بشكل مباشر مثل التضاريس، النظم البيئية، المناطق الحضرية، والتغيرات المناخية. من خلال الملاحظة المباشرة، يحصل الطلاب والباحثون على تقدير أعمق للعلاقات المكانية والأنماط الموجودة في العالم الطبيعي والبشري. هذه التجربة العملية تعزز من فهم المفاهيم النظرية التي يتم تدريسها في الفصول الدراسية.
     فضلا عن دوراها الهام في جمع وتحليل البيانات، اذ  لها الدور في تحقيق الدقة في جمع البيانات الأساسية لفهم العلاقات المكانية والعمليات البيئية.، كما و  تساهم الدراسة الميدانية في جمع البيانات الأولية مثل القياسات، والملاحظات، والاستطلاعات، مما يسمح بتحليل أكثر دقة وموثوقية للبيانات الجغرافية. و يمكن استخدام هذه البيانات في الأبحاث الجغرافية المختلفة مثل إدارة الموارد الطبيعية، والتخطيط الحضري، وغيرها من التطبيقات الجغرافية.
      كما  وتساهم الدراسة الميدانية  في تطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات تتطلب الدراسة الميدانية التفكير النقدي واتخاذ قرارات بناءً على المواقف الواقعية. فهي تساعد الطلاب والباحثين في تطوير مهارات حل المشكلات من خلال تقديمهم لمواقف جغرافية معقدة مثل تخطيط استخدام الأراضي، والحفاظ على البيئة، والتنمية الإقليمية. من خلال العمل الميداني، اذ  يتم تشجيع الأفراد على تحليل المواقف واقتراح حلول مبتكرة.
       ومن اهم النقاط التي تمتاز بها الدراسة الميدانية هي تعزيز مهارات الاتصال غالبًا ما تتطلب الدراسة الميدانية توثيق النتائج وتقديم البيانات والتواصل مع الآخرين حول الملاحظات. وهذا يعزز مهارات الاتصال اللازمة لتقديم الأبحاث الجغرافية إلى جماهير مختلفة، سواء من الأكاديميين، أو صناع القرار، أو الجمهور العام.
وعلى صعيد ذكر فوائد تفعيل الدراسة الميدانية في التعليم الجغرافي نذكر مايلي :
  • قدرتها على  تحسين التفاعل والانخراط: 
     تساهم الدراسة الميدانية في زيادة التفاعل مع المحتوى التعليمي، مما يجعل التعليم الجغرافي أكثر ديناميكية وتفاعلًا. من خلال الانتقال من المناقشات النظرية إلى التطبيقات العملية، اذ يصبح الطلبة  أكثر اهتمامًا بفهم وتطبيق المفاهيم الجغرافية، مما يعزز التحصيل المعرفي لديهم .
2- أهمية العالم الواقعي في الدراسة العلمية العملية  : وذلك من خلال تفعيل الدراسة الميدانية في المواضيع الجغرافية،حيث يتم ربط التعلم بالواقع العملي. فعلى سبيل المثال، دراسة المجاري المائية من خلال العمل الميداني تتيح للطلاب فهم مفاهيم مثل الهيدرولوجيا وإدارة الموارد المائية بشكل عملي.
5- دورها في  تعزيز مهارات البحث الميداني: اذ تتيح الدراسة الميدانية تطوير مهارات البحث الميداني مثل الملاحظة، وجمع البيانات، وتحليلها، واستخدام أدوات مثل نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، مما يجعل الطلاب والباحثين أكثر قدرة على إجراء دراسات ميدانية بشكل فعال ودقيق.
4- دورها في تعزيز التعاون والعمل الجماعي:  تمتاز  الدراسة الميدانية على الاغلب بالعمل الجماعي  وهذا يساهم في تعزيز مهارات التعاون والتعلم الجماعي.اذ يعمل الطلبة معًا لجمع البيانات وتحليلها وتقديم النتائج، وهذا يعمل على تعزيز قدرتهم على العمل ضمن فرق متعددة التخصصات.
5- قدرتها على تشجيع البحث التجريبي:  اذ تتيح الدراسة الميدانية إجراء الأبحاث التجريبية المباشرة، مما يجعل البحث أكثر معقولية وواقعية. حيث يتم استكشاف القضايا الجغرافية مثل التنمية الحضرية، والاستدامة البيئية، والتغير المناخي من خلال التجربة العملية في البيئة الواقعية.
 ويمكن توضيح بعضا من استراتيجيات تفعيل الدراسة الميدانية في الجغرافيا كما يلي : 
  • التخطيط والتحضير : و تتطلب الدراسات الميدانية التخطيط الجيد والتحضير، وذلك من خلال تحديد الأهداف بوضوح، واختيار المواقع المناسبة، واستخدام منهجيات جمع البيانات المناسبة. كما أن التعاون مع الجهات المحلية والمؤسسات الأكاديمية يعزز جودة وملاءمة الدراسات الميدانية.
  1. استخدام التكنولوجيا : إدخال التكنولوجيا مثل الأجهزة الذكية، وأدوات GPS، وبرامج نظم المعلومات الجغرافية أثناء الدراسة الميدانية يعزز من دقة البيانات وكفاءتها.
      وفي الختام يتضح ان الدراسة الميدانية في مجال الجغرافيا تعد  من أهم الوسائل لفهم الواقع الجغرافي بشكل دقيق وعميق، حيث تتيح للباحثين والطلاب ربط المفاهيم النظرية بالواقع العملي من خلال الزيارات الميدانية، اذ يمكن تحليل الظواهر الجغرافية، سواء كانت طبيعية مثل التضاريس والمناخ، أو بشرية مثل التخطيط العمراني واستخدامات الأرض كما تساهم الدراسة الميدانية في تنمية مهارات الملاحظة والتحليل واتخاذ القرار، مما يجعلها أداة لا غنى عنها لفهم البيئات المختلفة ووضع حلول مستدامة للمشكلات الجغرافية.

شارك هذا الموضوع: