جامعة كربلاء/ كلية التربية للعلوم الانسانية
ماجستير تاريخ اسلامي
الباحث: مهند كاظم جاسم الخزعلي
الديانات في اليمن العرب قبل الاسلام
أولاً : الديانات الوثنية:
     مال عرب اليمن القدماء إلى عبادة كل الموجودات وماديات الطبيعة باستثناء الإنسان فعبدوا في بدايتهم الأولى الأحجار والكهوف والينابيع، وتصوروا أن لهذه الأشياء أرواح تسكنها، امن جملة الطواطم التي عبدها اليمني قديما هي الأشجار خاصة النخيل، أما بالنسبة للحيوانات فيقال أن من جملتها الثور في دولة معين، والهدهد في دولة سباء والنسر في دولة حمير، كما قامت ديانة اليمنيين في أساسها على عبادة الأجرام السماوية، تتمثل في عبادة الثالوث الفلكي القمر والشمس والزهرة، فالقمر كان بمثابة الأب، والشمس بمثابة الأم والزهرة بمثابة الابن اتخذت هذه المعبودات أسماء مختلفة .
     يبرز مركز القمر بوضوح من إتباع اليمنيين للتقويم القمري، وعدهم السنين بموجبه, وباختصار كان القمر يعتبر الإله الوطني لكل دولة من الدول اليمنية القديمة ونجد لها نظائر في اديان الشرق القديم كعشتار عند البابليين وعشتروت عند الفينيقيين وغيرها، كما عرف هذا الإله في مدونات العرب بالنجم وقد أطلق عليه نجم الصباح، وأحيانا نجم المساء، كان إله الزهرة وهو ثالث الثالوث المعبود في اليمن عرف في الجنوب يعشتر أو عنتر، ويرمز لها نجمة الزهرة .
      مما يدل على أن عرب الجنوب عبدوا الشمس، ما ورد في القرآن الكريم من ذكر ملكة سبأ وتعبدها للشمس في معبدها بران هذه المرحلة التي تزامنت مع تواجد النبي سليمان عليه السلام في قوله تعالى : ” وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين الأعذبته عذابًا شديدا أو الأذبحنة أو ليأتيني بسلطان مبين فمكت غير بعيد فقال أحمتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ من سبا بنية يقين إلى وجدت إمرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عزش عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمُها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم قصدهم عن السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ” .
      أن عبادة الكواكب ليست محلية، وإنما دخيلة من الحضارات العريقة المجاورة السابقة أو المعاصرة للحضارة اليمنية مثل حضارات الهلال الخصيب، والأصح أن مصدرها من حضارة بلاد النهرين لأن الثالوث الفلكي هو نفسه الثالوث البابلي ويعتقد أن الديانة وصلت إلى اليمن عن طريق التجارة والرحلات الاستكشافية التي يقوم بها رجال الدين والعلم قصد التعليم في ميادين مختلفة، أو عن طريق موجات الهجرات البشرية المتتالية الباحثة عن الأمن والاستقرار والرخاء .
اسماء الالهة الديانات الوثنية:
1- الالهة إل: قاسم الإله (ال) يدخل في تركيب عدد كبير من أعلام الناس تيمنا وتقربا ، مثل : (يدع إل)، و (شرح إل)، و (كرب إل ) كذلك نجده في التراث اليهودي والمسيحي، أما المصادر العربية فتذكر أن المقصود بـ (ال) هو (الله) عز وجل .
٢ – إلة القمر : وكان القمر يهيمن هيمنة مباشرة على سائر نواحي الحياة لقدماء اليمن، ولعل ذلك يعود إلى الأهمية العظيمة التي كان يحتلها هذا الكوكب كمرشد للقوافل البرية ومن أبرز أسماء إله القمر (المقه) عند السبئيين، ويسمى (عم) عند القتبانيين و (ود) عند المعينين والأوسانيين، وهو الإله (سين) أو (سیان) عند الحضرميين ،( تاب ريام ) عند قبيلة همدان .
3- إله الزهرة ( عثتر) : هو الإله الأكبر الذي عبدته كل الشعوب السامية في جنوب وشمال شبه الجزيرة العربية، تحت اسم واحد، وإن اختلفت كتابته، فنجده يكتب 
(عشتر) أو (أشتر) في الأقاليم الشمالية، و(عشتر) أو (عثت) في الأقاليم الجنوبية .
4- الإلية (الشمس) : عبد اليمنيون القدماء الشمس، وتشير معظم النقوش إلى أن الآلهة (الشمس) كانت تحتل المرتبة الثالثة بين الهتهم ومعبوداتهم المتعددة ، ومن اهم معبد للالهة الشمس وهي (عبد يعوق) و (عبد العزى) و (عبد اللات ) و ( عبد مناف و معبد (المعسال) .
5- الإله ( ذي سموي ) أو ذو سماوي : كانت عبادة هذا الإله قد شاعت كثيرا لدى قبيلة (أمرم) أي : أمير ، فعرف لذلك بأنه إلهها ومعبودها الأمثل.
٦- الآلهة المحلية : وهي الآلة التي تميزت عبادتها بمناطق محدد واهمها الآلهة (سمع ) والآلهة (نكرع) والالهة (حوكم) والآلهة (حلفان) والآلهة (توشم) وغيرها …. 
ثانياً : الديانات السماوية:
    اكتسحت الديانات التوحيدية اليمن واستقرت فيه، ولقد اعتبر المؤرخين أن فكرة التوحيد في اليمن تعود جذوره إلى القرن العاشر قبل الميلاد، مما يعني أنه منذ عهد الدولة السبئية التي كانت تحت إمرة الملكة بلقيس.
1 – الديانة اليهودية: إن موضوع اليهودية في شبه الجزيرة العربية، ووجود اليهود في مختلف أنحائها موضوع تطرقت إليها دراسات استشراقية يهودية خصوصا، كمحاولة منهم الترسيخ فكرة اقدمية تواجد اليهود في البلاد العربية عامة رغم أن عددا من المختصين استنادا لما وصلهم من بحوث ميدانية أنه لا يوجد نصوص تاريخية تتحدث عن اليهود في شبه الجزيرة العربية بشكل علمي قبل الميلاد .
     هناك من يرى أن جذور اليهودية تعود بأصولها إلى القرن العاشرة ويعللون بأن النبي سليمان بعث إلى بني إسرائيل، وأن الملكة بلقيس أمنت بإله بني إسرائيل بعدما كانت تتعبد الشمس في معبد بران، إلا أن هذا القول فيه نظر لأن الديانة التي أمنت بها “بلقيس” وقومها وفعلا هي ديانة بني إسرائيل  .
     بينما رجح البعض تسرب الديانة اليهودية إلى اليمن في القرن الأول قبل الميلاد، وهذا حسب ما عثر عليه من نقوش تعود إلى ذلك العهد، ومن هاته النقوش نص جاء فيه ما يلي : « تبارك اسم الرحمن الذي في السماء، والة إسرائيل رب اليهود الذي ساعد عبده شهر وأمه وزوجته شمس وأولاده وهذا النقش فيه ذكر واضح بأن الديانة اليهودية كانت موجودة في القرن الأول وأن اليمنيين عبدوا إله بني إسرائيل، غير أنه لم يعثر على نقوش أقدم من هذا التاريخ .
2- الديانة المسيحية : ترجع المصادر الإسلامية إلى أن الكنيسة المسيحية هي وراء انتشار المسيحية في الحبشة عام ۳۲۰ ميلادي، ومن بلاد الحبشة انطلقت تباشيرها إلى الطرف الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية على يد الراهب فيمون الذي كان عبدا بيع في سوق النحاسة بنجران ولما حرر بدأ يبشر بالدين الجديد، في حين لم يحدد البعض التاريخ الدقيق النصرانية، سوى أنهم رجحوا دخولها خلال القرون الثلاثة الأولى للميلاد .
     إن الدلائل النقوشية بصدد الديانة المسيحية في اليمن عبارة عن خدوش منفورة، ورسوم صلبان ونقوش في ضواحي نجران و حضرموت، أما زمن دخول المسيحية إلى اليمن فمختلف فيه، فقد وجدت نقوش أثرية بمدينة ظفار ، ورد فيها رسم الصليب يعود إلى القرن الأول ميلادي فيرى البعض أن تاجرا يمنيا اعتنق المسيحية في إحدى رحلاته التجارية ونشرها في اليمن أواخر القرن الرابع ميلادي .
   كما لا يخفى على أحد أن الإمبراطورية البيزنطية لعبت دورا هاما في نشر المسيحية في اليمن خاصة في عهد الإمبراطور قسطنطين الثاني الذي أرسل سفينة تحمل أثمن الهدايا للدولة. الحميرية، وتمكن رئيس تلك السفينة من تحويل الحاكم الحميري للمسيحية ومن بناء كنيستين في ظفار وعدن .
   دخل الأحباش إلى اليمن متذرعين بحجة كف الأذى عن بني دينهم المسيحيين الذين وقعوا ضحية الملك الحميري ذي نواس، وبعد الاحتلال الحبشي لليمن بقيادة أرباط الذي خلفه أبرهة بعد اغتياله، فقد عمل على تأصيل الديانة المسيحية، وذلك ببناء كنيسة كبيرة سميت بكنيسة (القليس)، جد فيها الصليب والديانة المسيحية في اليمن وقد أصبحت هذه الكنيسة بمثابة الكعبة للمسيحيين .



اهم المعابد في اليمن :
1- معبد الاله المقه او معبد (اوادم) بمأرب : ويطلق علية محرم بلقيس يقع جنوب الشرقي من مأرب ، اما عن تاريخ هذا المعبد حسب النقوش المكتشفة على الجدران المعبد تعود الدملوك سباً الأوائل فقد جاء ذكر المكرب (يدع ال ذريح) .
۲- معبد (معرب) المسجد : يقع جنوب شرق مأرب، وهو اقدم المعابد في جنوب شبة الجزيرة العربية.
3- معبد الاله المقه بصرواخ: وتشير احد النقوش على الجدران يرجح الى المكرب (يدع ال ذريح بن سمه علي).
4- معبد عثتر بتمنع : يمثل أكبر البنايات الأثرية في تمنع القديمة ، حيث تبلغ مساحته ١٦٠ قدم وعرضة ١٣٥ قدم.
5- معبد الحقة : يقع على بعد ٣٠ كم عن شمال صنعاء ، وأهم ما عثر عليه في الموقع آثار معبد مستطيل الشكل له فناء قائم الزوايا، أحيط من ثلاث جهات ببقايا أعمدة ذات ثمانية أوجه تنتهي بتيجان، وعلى الجهة الرابعة نجد المدخل الذي يوصل إلى الفناء، كما يوجد سلم يوصل إلى داخل المعبد، تمتاز أعمدة المعيد بالإتقان، فقد نحتت أضلاعها في الأعلى على شكل مستطيل، كما احتوت على نقوش زخرفية متنوعة .
 
المصادر:
– القرآن الكريم
1- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك ( بيروت – الدار العلمية ) .
2- ابن خلدون عبد الرحمن , ديوان العبر والمبتدأ والخبر ( بيروت – المكتبة العصرية، ١٩٥٢ )، ج ٢ .
3- ألوند، تاريخ اليمن القديم، ترجمة : أسامة أحمد ( القاهرة – دار الهمداني للنشر، د.ت ) .
4- سالم، السيد عبد العزيز، تاريخ العرب في عصر الجاهلية ( بيروت – دار النهضة ,۱۹۸۱).
5- دوزة ,محمد عزة، تاريخ الجنس العربي ودوره في دورة العروبة الصحيحة قبل الإسلام، ( بيروت – المكتبة العصرية، ١٩٥٢ ) .
6- الشماخي, يحيى ,الشرك الجاهلي وآلهة العرب المعدودة قبل الإسلام، ( بيروت – دار الفكر العربي، ۱۹۹۳ ) .
7-ضرار، صالح ضرار الشعوب من معين إلى الأمويين، طه ( بيروت . دار الحياة،۱۹۷۸ ).
8-الطاهر، جواد علي ، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ط ( بغداد . دار النهضة، ۱۹۸۰ )، ج ٦ .
9- سحنين، نجية، الديانة في اليمن القديم إلى قبيل ظهور الإسلام، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الجزائر، ۲۰۰۲ .
۱۰ مالية، بصال، المعتقدات الدينية في اليمن القديم، مجلة تافزة للدراسات التاريخية والأثرية، المغرب، العدد ۱، ۲۰۲۱ .

شارك هذا الموضوع: