الذكاء الوجداني
ا.د. اوراس هاشم الجبوري /العلوم التربوية والنفسية
يعد الذكاء الوجداني جانبا مهما للنجاح في الحياة والمهنة والصحة النفسية، فالصحة الوجدانية تنبئ بالنجاح في الدراسة والعمل والزواج والصحة الجسمية، حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن الذكاء الوجداني يتنبأ بـ80 % من نجاح الإنسان في الحياة. لكن مفهوم الذكاء الانفعالي أو الوجداني يعد حديثاً على التراث السيكولوجي وما يزال يكتنفه بعض الغموض، حيث إنه في منطقة تفاعل بين النظام المعرفي والنظام الانفعالي.
يحتاج كل منا إلى اكتشاف مشاعره كي يجيد التعامل معها، وتُعد هذه المشاعر الإيجابية التي ترافق الخبرة بمثابة مكافأة ذاتية للدماغ، وهي التي تدعو العقل مستقبلاً لاتباع خطوات أسرية لتعليم التفكير و ممارسة أشكال التفكير المختلفة كالابتكار والاستكشاف والإنجاز، لأن المخ في هذه الحالة يكون آمنا.
إذا كانت الانفعالات المصاحبة للخبرة سلبية ومؤلمة كالتهديد والقلق والخوف، فإن المادة الكيميائية التي يفرزها الدماغ تجعل الفرد متحفزا للرد بالمقاومة (مقاومة دخول المعلومة أو تعلّم المهارة)، وذلك للمحافظة على نفسه، ويؤدي ذلك إلى مزيد من التوتر والقلق، وبالتالي يتدنى الانتباه والتركيز والتعليم. ومن هنا، كان الذكاء الوجداني أساس التنمية العقلية والاجتماعية والمعرفية للطفل.
فالذكاء الوجداني هو القدرة على تمييز مشاعرك ومشاعر الآخرين حتى تتمكن من إدارة العواطف جيدًا مع نفسك ومع الآخرين، أو بمعنى آخر هو القدرة على الملاحظة، والتقييم، وإدارة النفس والعلاقات بشكل مميز.
ويدور مفهوم الذكاء الوجداني على فكرة هامة وهي أن النجاح في الحياة الاجتماعية والمهنية لا يعتمد على قدرات الفرد الذهنية فقط (الذكاء العقلي)، ولكن على ما يمتلكه من قدرات أصطلح على تسميتها (الذكاء الوجداني).
وان الفرد الذكي وجدانيا اوانفعاليا ، يعتبر فرد أفضل من غيره ، في التعرّف على انفعالاته وانفعالات الآخرين ، ولديه قدرة كبيرة على التعبير عن انفعالاته بصورة دقيقة ، تمنع سوء فهم الآخرين له ، فعندما يغضب فان لديه القدرة على عكس انفعال الغضب على ملامح وجهه وصوته ، كما أن لديه القدرة على إظهار التعاطف مع الآخرين ، وفهم وتحليل انفعالاته ، كالتمييز بين الشعور بالذنب ، والحياء والحزن والغضب ، والشعور بالحسد والغيرة ، كما أن لديه القدرة على السيطرة على انفعالاته ، بطريقة تنمّي قدراته العقلية والوجدانية ، كتأجيل إشباع حاجاته ، وكبح جماح غضبه