الربيع العربي: من الاحتجاجات الشعبية الى الصراعات المستمرة 
م.م زينب محمد ياسين / قسم الجغرافية التطبيقية 
    مع اواخر عام (2010) م انطلقت شرارة الربيع العربي في معظم الدول ، فالربيع العربي هو سلسلة من الاحتجاجات والثورات الشعبية التي اجتاحت العديد من الدول العربية، بدأت أولى هذه الحركات في تونس، عندما أقدم الشاب محمد البوعزيزي على إشعال النار في نفسه احتجاجًا على الفساد المستشري وسوء الخدمات والبطالة المنتشرة في بلاده ، مما أدى إلى اندلاع مظاهرات حاشدة تطالب بالتغيير ، وسرعان ما انتقلت موجة المظاهرات إلى العديد من الدول مثل مصر، ليبيا ، سوريا ، اليمن، حيث نشأت مطالب مماثلة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية. 
   هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى انطلاق ثورات الربيع العربي، منها: الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، فقد عانت العديد من الدول العربية من مستويات مرتفعة من البطالة، وخاصة بين أوساط الشباب، فضلا عن تفشي الفساد في المؤسسات الحكومية، تدهور البنية التحتية، سوء الخدمات المقدمة، مما زاد من استياء المواطنين، فعمدوا الى مظاهرات كبرى ويمكن توضيح الدول التي شهدت احداث الربيع العربي ولا زالت تعاني من تأثيراتها وبشكل مختصر كالاتي: 
  – تونس: نجحت الاحتجاجات في الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في (2011) م، مما ألهم شعوبًا أخرى في المنطقة.
 – مصر: شهدت ميدان التحرير مظاهرات كبيرة، أدت إلى تنحي الرئيس حسني مبارك بعد 18 يومًا من الاحتجاجات.
– ليبيا: تحولت الاحتجاجات السلمية إلى صراع مسلح، مما أدى إلى الإطاحة بنظام معمر القذافي بعد أشهر من القتال، ومقتله في مدينة سرت الليبية من قبل قوات الوطني الانتقالي بتاريخ 20/ 10/2011.
– سوريا: تحول الاحتجاج السلمي إلى حرب أهلية دامية استمرت سنوات عديدة ولم تتمكن المحتجين من اسقاط نظام بشار الأسد بفضل الدعم الخارجي، الى ان جاء يوم (8/12/2024) م وتم اسقاط النظام بإرادة خارجية واضحة بزعامة المعارضة السورية (هيئة تحرير الشام) بقيادة احمد الشرع الملقب بالجولاني.  
– اليمن، أدت الاحتجاجات إلى نزاع مسلح مستمر، مما ساهم في تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد وتنحي الرئيس علي عبد الله صالح لنائبه عبد ربه منصور هادي، ولاحقا قتل الرئيس علي من قبل حركة أنصار الله الحوثيين في (2017) م في صنعاء.
 تجدر الاشارة هنا، ان هذه الثورات سرعان ما تحولت من الثورة ضد الاستبداد الى اقتتال بين الفصائل والجماعات، أذ ان فراغ السلطة في معظم الدول أدت الى فوضى في الساحة العربية وظهور صراعات ، وجماعات متطرفة وانقسامات بين أبناء الشعوب المنتفضة ناهيك عن الحروب الاهلية والطائفية والعرقية، لازالت معظمها قائمة ، وبهذا الصدد يمكن القول: ان عملية التغيير لا تأتي بدون دفع الاثمان الباهضة فالتحول من نظام استبدادي إلى نظام ديمقراطي يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين إضافة الى التضحيات الكبيرة وفي العديد من الحالات، فالتحول يتطلب موت شيء لكي يولد شي ء أخر.  
 وفي سياق متصل، على الرغم من ان هذه الثورات كانت فرصة للشعوب ان تنال حريتها من خلال ما قدمت من اثمان في طريق التغيير، الا ان ركوب الدول الكبرى موجاتها حرفت هذه الثورات عن مسارها الصحيح وتحقيق أهدافها وغاياتها، فكانت النتائج في بعض الدول الربيع العربي استبدال نظام استبدادي بأخرى تابعة او ضعيفة لا تحقق الأهداف التي دفعت من اجلها التضحيات.
.

شارك هذا الموضوع: