الروابط والعوامل الحجاجية  :
      يعتمد الخطاب الإقناعي على آليات محددة ،وهذه الآليات تربط بين مكوناتها مجموعة من الروابط والعوامل الحجاجية ؛التي لها معان متعددة يستطيع المبدع الإفادة منها وتسخيرها لخدمة خطابه الإقناعي ؛ وربط الحجج بعضها ببعض أو ربطها بالنتائج ،فيعمل كل منها بطريقة خاصة ،لإحداث ضروب من التأثير وتنهض بجمع الحجج وتوجيهها نحو ما يخدم رهان التواصل والإقناع ،و((البلاغة وثيقة الصلة بالإقناع ، فوظيفة البلاغة هي وصف الطرق الخاصة في استعمال اللغة وتصنيف الأساليب بحسب تمكنها في التعبير عن الغرض تعبيرًا يتجاوز الإبلاغ الى التأثير في المتلقي أو إقناعه بما نقول أو اشراكه في ما نحس به ،وغايتها مد المستعمل بما تعتبره أنجع  طريقة في بلوغ المقاصد )) ، ومن المُسلمَ به أنّ للغة وظيفة حجاجية  ،فبنية الاقوال اللغوية ضرورة أن يربط بينها تسلسل الأفكار وفيها مؤشرات تعمل على الحجاج ، فاللغة العربية تضم عدداً كبيراً من تلك الروابط والعوامل  ،وهذه الروابط والعوامل تضم عددًا  من الإشارات والتعليمات التي تمثل الطريقة التي يوجّه بها القول أو الخطاب  فالبحث في بنية الخطاب الإقناعي ((يعني بالضرورة النظر في مختلف الحجج التي وظفها المحتج لغاية الإقناع أو الحمل على الإذعان ،مما يقتضي من الدارس حصر الحجج في مرحلة أولى ثم تصنيفها وإبراز الفوارق القائمة بينها )). 
 فالرابط الحجاجي من شأنه أن يتجه نحو التدليل على صحة الحجاج  ، ولابد من التعريف بالرابط الحجاجي  ،فقد عرّفه الباحثون تعريفات كثيرة منها: هو ((حرف أو ضمير يربط بين أمرين ـ أو هو العلاقة التي تصل بين شيئين ببعضهما البعض ، وتعين كون اللاحق منهما متعلقاً بسابقه )) ، وعرّفت بأنّها (( تربط بين قولين ،أو بين حجتين على الأصح (أو اكثر ) ،وتسند لكل قول دورًا محددًا داخل الإستراتيجية الحجاجية العامة .ويمكن التمثيل للروابط بالادوات التالية :بل ،لكن ، حتى ،لاسيما ،إذن ، لأن ،،بما أن ،إذ… )) وعرّفت أيضا بأنها  ((مكونات لغوية تداولية تربط بين قولين( أو أكثر) داخلين في استراتيجية حجاجية واحدة ، بحيث تسمح بالربط بين المتغيرات الحجاجية (بين حجة ونتيجة أو بين مجموعة من الحجج) ،  فالمعنى الذي يمكننا استنتاجه أن الرابط عنصر لغوي يشد أواصر الخطاب  بنائياً  ودلالياً وإقناعياً ، فهو يصل بين القول والذي بعده محافظا ً على هيكلية البناء العام للنص، فلا بد في كل قول  من روابط  بين الأقوال لإيصال المعنى وافهامه للمتلقي ؛ مما يوصل بالخطاب الى غايته في الإقناع  ،  فيتم بالرابط عقد الصلة بين معنيين وأكثر بالربط بين الجمل ، فهو الواسطة التي تعد حلقة وصل والفاصلة بين الارتباط والانفصال  ،  وهذه الروابط تعمل على منح الخطاب  الإقناعي ثراءً لغوياً بتعددها في اللغة بما يتيح للمبدع ابتكار أساليب متعددة  ،  فلا يمكن إدراك القيمة الإقناعية لهذه الروابط الاّ من خلال الدور الحجاجي لها في الربط بين معنيين وأن تكون ثمة علاقة بين القولين   .
أما العوامل الحجاجية فقد عرّف العامل بأنه :  ((الكلمة الملفوظة او المقدرة التي تملك القدرة على التأثير في الكلمات التي تقع بعدها من الناحيتين الشكلية والاعرابية  )) ( ((وهي عناصر لغوية اسنادية نحوية أو معجمية ، تربط بين مكونات القول الواحد كالحصر والنفي والشرط )) ،والعامل هو (( صُريفة (مورفيم) اذا ما أعملت  في ملفوظ معين ،أدت إلى  تحويل الطاقة الحجاجية للملفوظ لابسبب القيم الخبرية لهذه الصريفة وإنما من مجرد وظيفتها التحويلية الحجاجية الخاصة )) وللتمييز بين الروابط والعوامل الحجاجية ‘ان الروابط (( تربط بين قولين ، أو بين حجتين على الأصح (أو أكثر ) ، وتسند لكل قول دورًا محددًا داخل الاستراتيجية الحجاجية العامة)).
   أمّا العوامل الحجاجية ف((لاتربط بين متغيرات حجاجية (أي بين حجة ونتيجة أوبين مجموعة حجج) ،ولكنها تقوم بحصر وتقييد الإمكانات الحجاجية التي تكون لقول ما وتضم مقولة العوامل أدوات من قبيل : ربما ،تقريبا ، كاد ، كثيرا ، ما …الا ،وجل ادوات القصر )).
 

شارك هذا الموضوع: