الزراعة الذكية
طالبة الدكتوراه :انوار حسين علوان
جامعة كربلاء –كلية التربية للعلوم الإنسانية – قسم الجغرافية التطبيقية
يمكن تعريف الزراعة الذكية بأنها نظام يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في زراعة الأغذية بطرق مستدامة ونظيفة، وترشيد استخدام الموارد الطبيعية لا سيما المياه ومن أبرز سماتها اعتمادها على نظم إدارة وتحليل المعلومات لاتخاذ أفضل قرارات الإنتاج الممكنة، بأقل التكاليف، وكذلك أتمام العمليات الزراعية كالري، ومكافحة الآفات، ومراقبة التربة، ومراقبة المحاصيل وتتميز المزارع الذكية بإمكانية حقيقية لتقديم إنتاج زراعي أكثر إنتاجية واستدامة استنادًا إلى نهج أكثر كفاءة في استخدام الموارد.
الزراعة الذكية وإنترنت الأشياء
تعتبر تكنولوجيا إنترنت الأشياء” (IoT) من أبرز التقنيات المستخدمة في الزراعة الذكية، وهي ببساطة عملية ربط أي جهاز بجهاز آخر عبر الإنترنت من الهواتف المحمولة إلى الأجهزة المنزلية والآلات المستخدمة في المصانع والحقول الزراعية بحيث يمكن تشغيلها والتحكم بها وإرسال واستقبال البيانات منها عن طريق الإنترنت. ومن أبرز تطبيقات إنترنت الأشياء في الزراعة الذكية ما يسمى بالزراعة الدقيقة أي النهج المستخدم في إدارة المزارع والتحكم في المحاصيل من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأجهزة الاستشعار وأنظمة التحكم عن بعد، والآلات ذاتية التشغيل، بهدف الحصول على بيانات دقيقة، واستثمار هذه البيانات في توجيه الزراعة توجيها دقيقا نحو إنتاج أكبر بتكلفة أقل، وإنتاج محاصيل ذات جودة عالية. على سبيل المثال تتيح أجهزة الاستشعار عن بعد الموضوعة في الحقول للمزارعين الحصول على خرائط تفصيلية لكل من التضاريس والموارد في المنطقة، فضلا عن قياس المتغيرات مثل الحموضة ودرجة حرارة التربة، والرطوبة، كما يمكنها أيضا التنبؤ بأنماط الطقس لأيام وأسابيع قادمة.
تساعد الزراعة الدقيقة المعتمدة على إنترنت الأشياء على اتخاذ القرارات الأفضل لتحسين الإنتاج الزراعي، إضافة لذلك تلعب البيانات التي يتم جمعها وتحليلها، دورًا كبيرًا في رصد الآفات الزراعية، وتحديد كمية المبيدات المطلوبة بدقة تجنبًا للاستخدام المفرط في استعمالها، وكذلك تساعد عمليات جمع وتحليل البيانات في الاستخدام الرشيد المياه الري.
وتحقق تقنيات إنترنت الأشياء فائدة كبرى لأصحاب البيوت الزجاجية، عن طريق مراقبة درجة الحرارة ومستويات الضوء والرطوبة والضغط الجوي، واستهلاك المياه داخل البيت الزجاجي من خلال بوابة إلكترونية تتيح للمزارعين استلام إشعارات عند حدوث أي تغيير في هذه المعلومات، كما يمكن التحكم عن بعد
بأجهزة رفع أو خفض درجة الحرارة، والتحكم بمستوى الإضاءة وفتح وإغلاق النوافذ عن طريق الإنترنت.
ومن التطبيقات الأخرى الهامة لإنترنت الأشياء في الزراعة الذكية استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار، وذلك لرصد المحاصيل وتقييمها، وتصوير الأراضي الزراعية ورسم الخرائط، وقياس مكونات الهواء، إضافة إلى رش المحاصيل بالمبيدات بشكل سريع وآمن، وإرسال البيانات بشكل فوري إلى برمجيات تقوم بتحليلها وتوجيه المزارعين إلى تنفيذ الإجراءات الأفضل كما ان من اسباب الحاجة الى الزراعة الذكية أصبحت العمالة الزراعية نادرة بشكل متزايد بسبب الهجرة الحضرية وشيخوخة السكان, ويؤدي تكثيف تغير المناخ إلى تغيير ظروف النمو بطرق أقل قابلية للتنبؤ بالاضافة الى تضاءل موارد الأرض والتنوع البيولوجي.
يمكن أن تساعد أدوات الزراعة الذكية في تقليل هذه التأثيرات وتقليل القيود البيئية وتقليل تكاليف الإنتاج في الأنشطة الزراعية. تقدم أدوات الزراعة الذكية مستوى جديدًا من التكنولوجيا في الزراعة ، بما في ذلك رسم الخرائط والروبوتات والجيو ماتكس والأتمتة واتخاذ القرار والعمليات الإحصائية , يرى أنصار ما يسمى “الزراعة الذكية” أنها تساعد كثيرا على ترشيد استخدام الموارد الطبيعية. أما المعترضون عليها فيرون فيها شكلا جديدا من أشكال سيطرة الشركات العالمية الكبرى على قطاع إنتاج المواد الغذائية الأساسية
تعتبر الزراعة الذكية تطورا هاما وحيويا في سياسة التنمية الزراعية ، إذ تسعى إلى تحقيق زيادة مستدامة في الإنتاج الزراعي والتكيف مع الواقع الجديد الذي تفرضه أنماط الطقس، وبعد تطبيق الزراعة الذكية ضمانة لخفض التكاليف وزيادة الانتاجية باستخدام كميات أقل من المياه في ظل التغيرات المناخية ونقص المياه وندرة الأراضي الصالحة للزراعة ، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية المحاصيل بمعدل ٥٠% حسب توقعات البنك الدولي ، وبالتالي سيتم في المستقبل القريب النجاح بعملية الري وتخصيب الحقول بطريقة صديقة للبيئة وإنتاج زراعي أوفر.