السفارة وسُنّة الملوك الساسانيين في اختبار سفيرهم
اعداد الطالب / طاهر عبد الأمير عبدالله
ماجستير التاريخ الاسلامي/ كلية التربية- جامعة كربلاء
 
السفارة 
السفير لغة : الرسول والمصلح بين القوم , والجمع سفراء.(1) أمّا السفير اصطلاحاً: هو الشخص صاحب 
المرتبة الأعلى في التمثيل الدبلوماسي, يقوم بتمثيل رئيس الدولة ذات سيادة لدى بلاط دولة أخرى أو في 
عاصمتها, ويخضع لسلطانه سائر أفراد البعثة الدبلوماسية والموظفون في السفارة, فهو بهذا المعنى هو 
الرسول الذي تبعثه إحدى الدول لتحقيق أي غرض دبلوماسي, فيسعى لانجازه عن طريق قيامه بإجراء 
المباحثات والمفاوضات, وغيرها من الأساليب الدبلوماسية مع ممثلي الدولة الموفد إليها.(2)
 
والسفارة كانت موجودة منذ عهد النبي محمد( صلى الله عليه وآله وسلم), فمن المعلوم أنّه عليه الصلاة والسلام,لكي يبلغ رسالته إلى
 مشارق الأرض ومغاربها؛ فاقتضى أن يبعث رسلاً وسفراء , لتلك الأمم ؛ حتى يوصلون تعاليم ربه جلّ 
جلاله لكل خلقه؛ للسهولة والسرعة ؛ نظراً لاتساع مساحات تلك الدول أو الأمم .(3) وقد أشار إلى ذلك 
القرآن الكريم , قال تعالى(4): { وما أرسلناك إلّا كافّة للناس بشيراً ونذيراً }.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                                        (1) ينظر: الرازي, محمد بن أبي بكر(ت666هـ/ 1267م) مختار الصحاح, تح: يوسف الشيخ محمد, ط5, المكتبة العصرية, بيروت – صيدا, 1420هـ/ 1999م, ص148.
(2) جمال أحمد جميل نجم, أحكام الرسل والسفراء في الفقه الإسلامي( رسالة ماجستير غير منشورة) جامعة النجاح الوطنية- كلية الدراسات العليا, 1430هـ/ 2008م, ص12.
(3) المرجع نفسه , ص 16.
(4) سبأ : 28 .
1
 
       أمّا آداب السفير , فقد لخّص  الجاحظ(1)ذلك بقوله: ” ومن الحقّ على الملك ان يكون رسوله 
صحيح الفِطرة والمِزاج, ذا بيان وعِبارة, بصيراً بمخارج الكلام وأجوبته, مؤدياً لألفاظ الملك ومعانيها,
 صدوق اللهجة, لا يميل إلى طمع ولاطبع, حافظاً لما حُمِّل”. وهذا يعني عليه أن يؤدي مايُمليه ملكه بكل 
أمانة لتلك الدولة الموفد إليها.
ومن صفات السفير أن يكون من بين العارفين تماماً بكل القواعد بحيث يستطيع أن يفهم حقائق الأشخاص 
من هيئتهم ومنظرهم وحركاتهم, وأن يكون نقي الصفات غير قابل للفساد , نشيط, رفيع النسب.(2)
 
   وأمكن أن نذكر بعض واجبات السفير كالآتي:
1- عدم التدخل في شؤون الدولة المعتمد لديها.
2- احترام قوانين الدولة المبعوث لها.
3- عدم التعرض لدين الدولة المبعوث إليها.
4- عدم إساءة استعمال الامتيازات الخاصة به.
5- اتباع الطرق الرسمية في جميع التعاملات.(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ينظر: عمرو بن بحر( ت255هـ/ 868م) التاج في اخلاق الملوك, تح: أحمد زكي باشا,ط2, الرافدين, بغداد- العراق, 1443هـ/ 2022م, ص 160.
(2) جمال أحمد جميل, أحكام الرسل والسفراء, ص21.
(3) المرجع نفسه, ص51- ص 54.
 
                                                        2




سُنّة ملوك آل ساسان في اختبار السفير
كانت الملوك تمتحن سفراءها قبل تنصيبه رسولاً لها ؛ ومثل ذلك ملوك الفرس, حيث عبّر الجاحظ(1) عن 
ذلك قائلاً:” وكان ملوك الأعاجم- إذا آثرت أن تختار من رعيتها من تجعله رسولاً إلى بعض ملوك الأمم- 
تمتحنه اوّلاً, بأن توجهه رسولاً إلى بعض خاصة الملك ومن في قرار داره في رسائلها, ثمّ تقدّم عيناً 
عليه يحضر رسالته ويكتب كلامه, فإذا رجع الرسول بالرسالة, جاء العين بما كتب من الفاظه وأجوبته,
 فقابل بها الملك ألفاظ الرسول, فإن اتفقت أو اتفقت معانيها, عرف الملك صحّة عقله وصدق لهجته, ثمّ 
جعله الملك رسولاً إلى عدوّه, وجعل عليه عيناً يحفظ ألفاظه ويكتبها, ثمّ يرفعها إلى الملك, فإن اتفق كلام 
الرسول وكلام عين الملك وعلم انّ رسوله قد صدقه عن عدوّه ولم يتزيّد عليه للعداوة بينهما, جعله 
رسوله إلى ملوك الأمم, ووثقَ به, ثم ّ كان بعد ذلك يقيم خَبَرَهُ مَقامَ الحُجّة”. ويتبين من خلال هذا كله بأن 
الملك يرسل السفير في أول الأمر إلى خواصه وبطانته في قصره ويرسل معه رقيباً او جاسوساً يتبع 
مايلفظه فإن تطابق قوله مع قول الجاسوس , أوفده إلى عدوّه , وأيضاً معاه الرقيب , فإن صدق أيضاً , وثق
 به وجعله سفيراً له إلى ملوك الدول الأخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التاج في اخلاق الملوك , ص160- ص161.


                                                       3


شارك هذا الموضوع: