د. مروه مهدي كاظم 


السلوك القيادي
 
في ظل عالم دينامي متسارع لا يعرف الركون ولا الاستكانة أصبحت الحاجة ماسة إلى إعداد أفراد ذوي قدرات خاصة لمواكبته وفهمه وإدارته ومواجهة تحدياته، تقع عليهم مسؤوليات جمة في المستقبل. ولا شك بأن مديري المدارس يمتلكون جملة من المهارات والقدرات والخصال التي تؤهلهم لهذه المهمة وقيادة المرحلة، وإلى جانب ذلك فهم يمتلكون قدرة عالية في القيادة، والقياديين لديهم تكيفاً اجتماعياً ومهارات عالية. وقد اهتم العديد من المفكرين في علم النفس الاجتماعي بدراسة السلوك القيادي وخصائص هذا السلوك التي تتمثل بالاتزان الانفعالي والجرأة والحكم الصادق والذكاء المرتفع وغيرها، والتي يمكن تعليمها وتدريبها (طعمة، ٢٠٠٦ :٢٢) السلوك القيادي يشمل جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والعملية، ولا يقتصر على مجال محدد بعينه، فالقيادة مفهوم مركب يتضمن جميع المجالات الشخصية المعرفية والانفعالية والوجدانية 
    إذ يرتبط السلوك القيادي ارتباطاً وثيقاً بعدة عوامل منها: تحمل المسؤولية، والقدرة على الاتصال، والقدرة على التأثير، والقدرة على الاقناع، وليس من السهولة تحديد السلوك القيادي دون الأخذ في الاعتبار المواقف والظروف التي يعمل بها القادة، فالقادة المؤثرون في موقف ما ليس بالضرورة أن يكونوا مؤثرين في موقف آخر (مؤتمن، ٢٠٠٠ :65)،وهذه القيادة يجب أن تكون متميزة ولدى أفراد متميزين وذوي قدرات فائقة في المجالات المختلفة لكي تتمكن من مواكبة هذا التسارع العلمي والتكنولوجي المذهل في عصرنا الحالي، لذا فإنه من الضروري إعداد الأفراد الذين يتمتعون بهذا السلوك القيادي ودراستهم والبحث في الظروف والمتغيرات التي تؤثر سلباً وإيجاباً في تنمية السلوك القيادي لديهم قبل إندماجهم في الحياة
إن الصفة الاساسية السلوك القيادي الحديث هي ضرورة البحث عن حلول لكثير من المشكلات التي تتشابك وتتداخل مع العوامل المسببة لها , ومن ثم يتطلب حلها والتعامل مع كل تلك العوامل آخذا بالاعتبار طبيعتها المتغيرة والمتقبلة على الدوام . ان القيادة ظاهرة مهمة تتأثر بظروف المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية . كما انها تؤثر تاثيراً فعالاً في حياة المجتمع , فالواقع ان هناك علاقة تفاعل بين المجتمع وقادته بحيث يصعب التفريق بينما يرجع الى المجتمع وما يرجع الى القادة , ونظراً لهذا التفاعل فإن لكل مجتمع نوعا من القيادة التي تلائمه وتلائم غيره , فالقيادة في مجتمع العصور الوسطى تختلف عنها في لعصر الحديث , كذلك فإن القيادة في مجتمع رعوي تختلف عنها في مجتمع صناعي,والقيادة في مجتمع صغير تختلف عنها في مجتمع كبير(الخياط, 1980) .
كما ان الاسلوب القيادي في الادارة يؤكد على عدد من الامور من بينها العمل على خلق اجواء الرضا النفسي بين العاملين , والتاكيد على العمل الجماعي , وإتاحة الفرصة للعاملين للمشاركة في بعض القرارات المهمة التي تخص العمل وشؤون العاملين ومناقشة اهداف المنظمة وخطة عملها . ( البياع , 1984 ) .
   وتعد التربية عاملاً فاعلاً في دفع حركة المجتمع وتطوره باتجاه تحقيق اهدافه الاستراتيجية اذ ادركت الامم والشعوب اهمية التربية بوصفها اداة في بناء الانسان وتطور شخصيته بما يتماشى والتطورات التي تحدث في مجالات الحياة كافة , وبما يكفل تحقيق اهدافها وسعادة ابناءها ،فترى رجال الفكر يولون التربية اهمية كبيرة لما تعمل على نشر الافكار والمبادئ والمعتقدات ونقلها للأجيال والناشئة عن طريق المؤسسات التربوية الاتي أولى مهامها الاهتمام بتربية الفرد وتعليمه بما ينسجم والفلسفة التربوية في المجتمع .(وزارة التربية .1989 ).وعلى وفق هذه الرؤى فإن اهمية القيادة التربوية تتجلى من اهمية القيادة بشكل عام في النظم الرسمية وغير الرسمية للمجتمعات ،فالقيادة تتمثل أهميتها من كونها الاداة الفاعلة والاساسية في تنظيم وتنسيق جهود العاملين في المنظمة وبالتالي اداة ضرورية للمنظمات الادارية تجعلها اكثر ديناميكية وفعالة لتحقيق اهدافها فضلاً عن كونها المعيار الذي يتخذه في ضوء نجاح هذه التنظيمات في تحقيق اهدافها .( السلمي , 1995 ) .ويشير (دروزة ) بهذا الصدد الى فاعلية المؤسسة التعليمية ( المدرسة )تعود بالدرجة الاساس الى النمط القيادي الذي يمارسه مدير المدرسة في تفاعله مع اعضاء الهيئة التدريسية خاصة في القيادة معتمداً على مدى قدرته لاختيار النمط القيادي المناسب لهم ادراك لما يعكس النمط المتبع في السلوك القيادي للمدير من اثر ايجابي او سلبي في رضى المدرسين عن عملهم . فإذا كان هذا السلوك مبنياً على احترام مشاعرهم وأهتمامهم واخذ اهدافهم بعين الاعتبار اثر ايجابياً على رضاهم وانعكس على روحهم المعنوية واشعرهم انهم مسؤولون وقادرون على تحسين عمليتي التعلم والتعليم , اما اذا كانت العلاقة تقوم على التسلط وعدم احترام مشاعر المدرسين انعكس ذلك سلباً على رضاهم , (دروزة , 1970 ).





شارك هذا الموضوع: